وفد رئاسي سوداني في باريس بعد 10 أيام لبحث مخرج لأزمة محاكمة البشير

وزيرة حقوق الإنسان الفرنسية لـ«الشرق الأوسط» : على الرئيس السوداني أن يتعاون.. ولا خيار آخر أمامه

TT

علمت «الشرق الأوسط» من مصادر واسعة الاطلاع في باريس أن وفداً رسمياً سودانياً عالي المستوى، سيصل إلى العاصمة الفرنسية بعد عشرة أيام لإجراء محادثات مع المسؤولين الفرنسيين بخصوص الوضع في دارفور، وتتمات قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس عمر البشير.

ويضم الوفد، الذي سيكون في العاصمة الفرنسية في الحادي والعشرين من الشهر الجاري، الدكتور نافع علي نافع مساعد رئيس الجمهورية، والدكتور مصطفى عثمان إسماعيل وزير الخارجية السابق والمستشار الرئاسي الحالي، وعبد الباسط السنوسي مدير إدارة العلاقات الثنائية في الخارجية السودانية، ومسؤولين أمنيين. وستكون للوفد اجتماعات عديدة مع الرسميين الفرنسيين، إذ سيلتقي وزير الخارجية برنار كوشنير وبرونو جوبير المستشار الدبلوماسي المساعد للرئيس نيكولا ساركوزي، وربما أمين عام قصر الإليزيه كلود غيان. وكان كوشنير قد التقى بشكل سريع وفداً سودانياً برئاسة نائب الرئيس السوداني علي عثمان طه وعضوية مصطفى عثمان إسماعيل، خلال الزيارة التي قام بها إلى جدة في الثاني والعشرين من الشهر الماضي، بناءً على طلب سعودي.

ويشكل موضوع توقيف البشير عقدة العقد في العلاقات الفرنسية ـ السودانية، إذ إن فرنسا تدعو السودان للتعاون مع المحكمة الدولية، كما أن باريس انتقدت زيارة البشير المتعاقبة إلى القاهرة وطرابلس والدوحة، ودعت كافة الدول، الموقعة منها وغير الموقعة، إلى التعاون مع المحكمة.

ويوم الاثنين الماضي، قالت وزيرة الدولة لحقوق الإنسان الفرنسية رحمه ياد لـ «الشرق الأوسط» إنه «يتعين على الرئيس السوداني أن يتعاون مع المحكمة»، وأن «لا خيار آخر مطروحاً اليوم» أمامه. وذكرت الوزيرة الفرنسية أن فرنسا «تقدمت بعدد من المطالب للسلطات السودانية، ومنها وضع حد للحرب في دارفور، وأن يسعى للسلام مع كل الأطراف الدارفورية وأن لا يمس باستقرار وأمن تشاد فضلا عن محاكمة علي هارون ومحمد كشيب، لكن البشير لم يفعل شيئاً طيلة أشهر عديدة». وأشارت رحمه ياد إلى أن ما طلبته باريس «كان قبل صدور قرار المحكمة الجنائية الدولية» .

وكان ساركوزي قد التقى البشير في الدوحة في الثلاثين من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بمناسبة حضوره مؤتمراً دولياً عن التنمية. لكن رغم هذا الموقف المتشدد، لم تغلق باريس «بشكل نهائي» الباب أمام التوصل إلى «مخرج ما» لمأزق البشير. غير أن المصادر الفرنسية تقدر أن بلوغ تسوية «يبدو أمراً بالغ الصعوبة».

وتجد باريس نفسها في وضع صعب. فمن جهة، يؤكد مسؤولوها أن جرائم دارفور لا يمكن أن تبقى بلا عقاب، وأن نسف قرار المحكمة الجنائية «خدمة سيئة تؤدي للعدالة الدولية». ومن جهة ثانية، يتعين على باريس أن تراعي مواقف الدول العربية والأفريقية والعديد من الدول الإسلامية التي ترفض طريقة تعامل المحكمة مع الرئيس السوداني وتتهم العدالة الدولية بالتحيز. ومؤخراً، أجمعت القمة العربية على رفض قرار المحكمة الجنائية الدولية. ولعل هذه الصعوبة والتخوف من أن يؤدي القبض على البشير ومحاكمته إلى إشعال الوضع في دارفور ونسف اتفاقية السلام مع جنوب السودان، ما يفسر «الإشارات الفرنسية المتناقضة».