97 معتقلا يمنيا يعرقلون إغلاق غوانتانامو

صنعاء طلبت 100 مليون دولار مقابل إعادة تأهيلهم

TT

أفاد مسؤولون أميركيون ويمنيون بأن جهود إدارة أوباما الرامية إلى إعادة أكبر مجموعة من المعتقلين من معتقلي غوانتانامو إلى اليمن توقفت، مما يعني ظهور عقبة كبيرة أمام خطة الرئيس التي تهدف إلى إغلاق المعتقل بحلول شهر يناير (كانون الثاني) القادم.

وقال أحد المسؤولين الأميركيين المشاركين في القضية، والذي تحدث من دون تفويض مما دعاه إلى طلب عدم الكشف عن اسمه: «إننا في مأزق بالغ، وليس لدينا خطة بديلة قابلة للتطبيق».

وتطلب الحكومة اليمنية من واشنطن إعادة معتقليها، وقالت إنها ستكون بحاجة إلى دعم كبير لإعادة تأهيلهم. لكن، لدى إدارة أوباما شكوكا متنامية إزاء قدرة اليمن على توفير ظروف إعادة تأهيل وظروف أمنية ملائمة للإشراف على المعتقلين الذين يتم إعادتهم إلى اليمن. إضافة إلى ذلك، يبدي المسؤولون الأميركيون قلقهم من إعادة المعتقلين إلى اليمن نتيجة المؤشرات المتزايدة لنشاط «القاعدة» هناك.

وتعد تلك التطورات على درجة من الأهمية بالنسبة لإدارة أوباما لأن المعتقلين اليمنيين البالغ عددهم 97 معتقلا يشكلون 40% من المعتقلين الباقين البالغ عددهم 241 معتقلا. وقال كين جود، المدير المشارك في مركز التقدم الأميركي والذي كتب عن إغلاق المعتقل، إن التساؤل المطروح عما يجب القيام به إزاءهم يعد «أمرا متمما لعملية إغلاق معتقل غوانتانامو».

تأتي قضية المعتقلين اليمنيين على رأس الصعوبات الأخرى التي طفت على السطح منذ أن أعلن الرئيس أوباما عن نواياه لإغلاق المعتقل الذي أثار انتقادات دولية على مدار سنوات.

وقد شهد قرار إغلاق المعتقل معارضة قوية من جانب بعض الجمهوريين، وقال مسؤولون في بعض المجتمعات الأميركية، الذين يخشون من أن تتم محاكمة الإرهابيين المشتبه بهم أو احتجازهم أمام محاكم وفي سجون تابعة، إنهم سيقفون ضد مثل تلك الخطط. وفي الوقت الذي وعدت فيه بعض الحكومات الأوروبية بإعادة توطين بعض المعتقلين، لم تظهر اتفاقيات في هذا الصدد.

ولا يشكل اليمنيون المجموعة الأكبر بين المعتقلين وحسب، لكن ينظر إليهم، على نطاق واسع، على أنهم المجموعة الأصعب في نقلها خارج غوانتانامو. وقد عبر عدد من الدول عن خشيتها من العديد من المعتقلين اليمنيين، لأن التنظيمات الجهادية لها جذور راسخة في اليمن، أحد أفقر الدول العربية ومسقط رأس والد أسامة بن لادن. ويقول محامون ومجموعات حقوق الإنسان إنه إذا لم يرسل المعتقلون اليمنيون إلى بلادهم، فإن الخيارات المتاحة بالنسبة لهؤلاء المعتقلين السبعة والتسعين ستكون قلية.

وقال محي الدين الظبي، نائب وزير الخارجية اليمني، في مقابلة معه، إن الولايات المتحدة تحاول الآن إقناع الدول الأخرى بقبول معتقلين يمنيين، ويبدو أنها رفضت طلب اليمن استعادة مواطنيها المعتقلين في معسكر غوانتانامو.

وقال: «إذا رغبت الولايات المتحدة في نقل المعتقلين إلى دولة ثالثة لن يمكننا وقف ذلك».

وكان الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح، قد اجتمع مع جون بيرنان، نائب مستشار الأمن القومي للرئيس أوباما. وقالت وزارة الخارجية إن بيرنان نقل للرئيس اليمني: «قلق الحكومة الأميركية من عودة المعتقلين إلى اليمن مباشرة».

وكانت جهود الإدارة السابقة قد تعرضت للفشل أيضا في التوصل إلى اتفاق مع علي عبد الله صالح، لكن الإدارة الحالية تأمل في الحصول على تعاون أكبر من اليمن التي يقول منتقدوها إن لها تاريخا في التعامل بهوادة مع المتشددين الإسلاميين وإطلاق سراح الإرهابيين المدانين. ما يزيد المشكلة تعقيدا، هو حقيقة أن الأمن في اليمن يشهد تدهورا منذ أكثر من عام، لوقوع العديد من الهجمات الإرهابية التي شملت تفجيرات انتحارية خارج مجمع السفارة الأميركية في سبتمبر (أيلول) الذي أدى إلى مقتل 13 شخصا.

ومن بين المعتقلين اليمنيين السبعة والتسعين هناك من هو مرشح للانتقال إلى دول أخرى، من بينهم ما يقرب من 12 فردا تربطهم صلات بالسعودية. وقد وصف المسؤولون الأميركيون بعض المعتقلين بأنهم جنود مشاة جهاديون، وأشاروا إلى أن القليل منهم، كالطالب الذي ألقي القبض عليه أثناء زيارته لليمنيين الآخرين في باكستان، ربما كانوا في المكان الخطأ في الوقت الخطأ.

ومن المتوقع أن يواجه ما يزيد عن عشرة من المعتقلين اليمنيين محاكمة داخل الولايات المتحدة، من بينهم رمزي بن الشيبة، الذي أدانته اللجان العسكرية في نظام إدارة بوش السابقة، وقالت إنه منسق هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001.

غير أنه مع بقاء 9 أشهر فقط قبل الموعد النهائي الذي حدده أوباما لإغلاق المعتقل، يبدي بعض محامي هؤلاء المعتقلين قناعتهم بأنه ربما لا توجد استراتيجية قابلة للتطبيق لنقل المعتقلين إلى أماكن أخرى.

وقال ديفيد ريميس، محامي 16 معتقلا يمنيا، يبدو أن العديد من الرجال قد يظلون في المعتقل الأميركي «ما لم يقم الرئيس أوباما بإعادة التفكير في قراره بإغلاق غوانتانامو وأنه لا بد من جلب المعتقلين اليمنيين إلى الولايات المتحدة ووضعهم في سجن ما». وعلى الرغم من عدم تعليق مسؤولي الإدارة على المحادثات مع اليمنيين، فإن أحد كبار مسؤولي الإدارة قال: «إن الحكومة تعمل لضمان مراقبة أي معتقل ينقل إلى الخارج بصورة ملائمة، وأن تتم إعادة تأهيله، ثم يعادون مرة أخرى إلى مجتمعاتهم».

وتأتي التعقيدات بشأن المعتقلين انعكاسا للمشكلات التي تعاني منها اليمن على الصعيد المحلي والدولي، حيث تقوم بمحاربة التمرد المتواصل في الشمال والانفصاليين في الجنوب ووجود متنام لـ«القاعدة».

ويقول بعض المسؤولين اليمنيين إن الرئيس صالح، استخدم التهديدات الداخلية في الضغط على الولايات المتحدة للحصول على المزيد من المعونات.

ونتيجة لذلك، فإن الأشخاص الذين ناقشوا قضية المعتقلين مع المسؤولين اليمنيين يقولون إن إحباط إدارة أوباما من الحكومة اليمنية ربما يكون له أسس قوية. وقد طالب الرئيس عبد الله صالح بعودة المعتقلين، لكن جوان مارينر، مديرة برنامج «هيومان رايتس ووتش» للإرهاب ومكافحة الإرهاب، تقول إنه بدا لها بعد لقاء المسؤولين اليمنيين أن الحكومة ترغب في عودة المعتقلين كمصدر محتمل لمشكلات مالية وأمنية.

وقالت مارينر: «إنهم بحاجة، من ناحية سياسية، إلى إعطاء انطباع بأنهم يناضلون من أجل إعادة أبنائهم»، لكنها أضافت، إنه لم يتضح ما إذا كان المسؤولون اليمنيون يرغبون في الوفاء بالمتطلبات الأميركية أم لا». وقالت إن أحد كبار المسؤولين اليمنيين، بدا أنه أشار إلى حاجة اليمن إلى مقابل ضخم من الولايات المتحدة الأميركية لإعادة توطين هؤلاء المعتقلين. وزعم المسؤول أن برنامج إعادة التأهيل الملائم مليون دولار لكل معتقل، أي ما يقارب مجمله 100 مليون دولار.

ولم يذكر الظبي خلال المقابلة الأخيرة أي ثمن، لكنه قال «إن إعداد برنامج إعادة تأهيل سيكون طويلا ومكلفا وسيتطلب تعاونا»، وأشار إلى أن الأميركيين كانوا محبطين لسماع ذلك.

ويبدو أن كل الخيارات بالنسبة للمعتقلين اليمنيين لها ما يعوقها، فقد كانت هناك تقارير مطولة عن أن العديد من المعتقلين اليمنيين ربما يذهبون إلى برنامج إعادة التأهيل السعودي للجهاديين السابقين، والذي لقي ثناء واسعا في الشرق الأوسط على الرغم من الإعلان مؤخرا عن أن بعض المتخرجين من البرنامج والذين كانوا معتقلين سابقين في غوانتانامو نكصوا على أعقابهم مرة أخرى وعادوا لممارسة النشاطات الإرهابية.