المغرب: إقبال كبير على منتجات التعاونيات القروية في معرض الزراعة الدولي بمكناس

أصبحت تلعب دورا بارزا في حركية المرأة ومحاربة الفقر في البادية المغربية

TT

لفتت منتجات التعاونيات والجمعيات القروية الأنظار خلال المعرض الدولي للزراعة الذي اختتم أشغاله أول من أمس بمكناس. ولم تستطع الغالبية العظمى من زوار المعرض مقاومة الرغبة في شراء بعض من تلك المنتجات القادمة من مختلف أنحاء المغرب، من زيت شجرة أركان، الذي تنفرد به عالميا المنطقة الجنوبية للمغرب، وخليط أملو المصنوع من زيت أركان ومسحوق اللوز والعسل، وأنواع العسل الحر، والزيوت العطرية، والأعشاب الطبية، والصابون، ومستحضرات التجميل المصنوعة من المواد الطبيعية وبطرق تقليدية. وخصص منظمو المعرض الدولي للزراعة بمكناس، الذي أقيم على مساحة 10 هكتارات، شارك فيه 620 عارضا، فضاء شاسعا لرواق منتجات التعاونيات والجمعيات، ضم خيمتين كبيرتين. وضم رواق منتجات التعاونيات والجمعيات، الذي تبلغ مساحته 4800 متر مربع، 52 عارضا غالبيتهم العظمى تتكون من تعاونيات وجمعيات نسائية، ظهرت للوجود خلال الأعوام الخمسة الأخيرة. ورغم حداثتها فإن الجمعيات والتعاونيات الإنتاجية النسائية أصبحت تلعب دورا ملحوظا في حركية النساء في الوسط القروي، إضافة إلى دورها في محاربة الفقر. وتقول لطيفة العدولي، الأمينة العامة لتعاونية «البرانس» بمنطقة تازة، إن التعاونية الإنتاجية ردت الاعتبار للمرأة القروية. فمن خلال الأنشطة المدرة للدخل أصبح للمرأة وضع اعتباري في الأسرة التي أصبحت تساهم في تحمل أعبائها من خلال دخلها من أنشطة التعاونية. ولم يعد ينظر للفتاة الشابة على أنها عالة أو مشكلة على والديها التخلص منها عبر تزويجها في أول فرصة. كما تلعب التعاونيات والجمعيات دورا كبيرا في مجال محاربة الأمية والتربية على قيم التضامن والتعاون والتضحية. وحول مصدر فكرة إنشاء التعاونية، قالت العدولي «جاءتنا فكرة التعاونية من معلم. وعرفت قريتنا تجربة أولى من خلال إنشاء تعاونية لإنتاج العسل، التي كان كل أعضائها رجال. غير أنها فشلت. ثم كانت التجربة الثانية في سنة 2006 عندما جلب زوجي أرنبتين، وأرنبا ذكرا من الدار البيضاء وقمت بتربيتهما، فتكاثرت بشكل سريع. فبدأنا نبحث عن منافذ لتسويق منتوجها. عندها فكرنا في إنشاء تعاونية جديدة مع جيراننا وأفراد عائلتنا رجالا ونساء. غير أن النساء هذه المرة يشكلن العمود الفقري للتعاونية. فوجدنا الدعم لدى مصلحة وزارة الفلاحة. وأصبحنا نتوفر على مجزرة صغيرة للأرانب، ونوزع المنتوج على العديد من الأسواق». غير أن التعاونية سرعان ما توسعت ونوعت منتجاتها، التي أصبحت تضم الزيتون والعسل وعجائن الكسكس المفتول بطرق تقليدية.

أما الأختان ابتسام وحنان العبودي، من منطقة مكناس، فعرفتا مسلكا آخر قادهما من جمعية للمنتجات المستخرجة من تمور واحات تافيلالت إلى تأسيس شركة تحت اسم «لمسة شفاء». تقول حنان «كنا سبع فتيات عندما بدأنا المشروع. كان الهدف تثمين تمور واحات تافيلالت عبر استخدامها في صناعة المربى وبعض الحلويات الصغيرة الموجهة للأطفال والمكونة من مسحوق الثمر واللوز والسمسم. أنشأنا الجمعية التي أفادتنا كثيرا في إطلاق المشروع، ومكنتنا من الاستفادة من دعم الدولة وبعض الجمعيات الكبيرة، خاصة في مجالات التكوين والتسويق.ثم نوعنا منتجاتنا، وأدخلنا صناعة خل التفاح بطريقة تقليدية. والتحقت بنا عضوات جديدات. لكن الإطار الجمعوي لم يعد يلائم توسع أعمالنا. لذلك قررنا التحول إلى تعاونية. غير أن تعقد الإجراءات الإدارية لإنشاء التعاونية جعلنا نعدل عن الفكرة ونؤسس شركة، رغم أن ذلك يحرمنا من دعم الجمعيات والدولة إلا أنه يفتح أمامنا آفاقا كبيرة في السوق».

وفي بلدة إمنتليت بمنطقة الصويرة، أسست مجموعة من النسوة تعاونية «تودرت»، التي تهدف إلى الدمج بين استغلال النباتات العطرية والطبية مع حماية التنوع النباتي للمنطقة. وتقول السعدية أمرسال، الأمينة العامة للتعاونية، إن الفكرة جاءت من جمعية «الحوكمة البيئية» «إندا المغرب»، التي قامت بدراسة حول أنشطة سكان المنطقة وتفاعلها مع البيئة. وأضافت أمرسال أن تعاونية «تودرت» تهدف إلى إطلاق مشاريع مندمجة من أجل تثمين استغلال الأعشاب العطرية والطبية التي تزخر بها المنطقة، بالإضافة إلى إنشاء حديقة بيئية ومشتل على مساحة هكتار من أجل الحفاظ على التنوع النباتي للمنطقة.

وتقول أمرسال إن التعاونية فتحت مجالا للنشاط وتحقيق الذات بالنسبة للعديد من الشابات اللواتي اضطررن للانقطاع عن الدراسة، ليس بسب رسوبهن، ولكن بسبب استحالة إقناع أسرهن بالسفر إلى المدينة قصد متابعة الدراسة. وتضيف «في العالم القروي يمكن للفتاة أن تدرس ما دامت المدرسة قريبة من البيت. لكن ما أن تصل المستوى الذي يتطلب مغادرة القرية حتى تضطر إلى التوقف. والتعاونية توفر بديلا من خلال التكوين الفني حول النباتات والأعشاب الذي نتلقاه من لدن تقنيين من إدارة المياه والغابات أو مختصين في مجال البيئة، بالإضافة إلى الأنشطة الاجتماعية وثقافية للتعاونية، ناهيك عن الأنشطة المدرة للدخل».