العيص.. مقر سرايا النبوة ومعبر التجارة والحج

تحتضن بين جبالها آثارا تاريخية قديمة وحرات بركانية نشطة

لوحة تظهر المسافة إلى العيص («الشرق الأوسط»)
TT

تتجه الأنظار منذ نحو شهر باتجاه مركز العيص جنوب المدينة المنورة، منذ وقوع أول هزة زلزالية خفيفة وحتى وصولها أول من أمس إلى 4.2 درجة بمقياس ريختر، وتحذير الدفاع المدني للأهالي وعرضه على أصحاب البيوت القديمة منهم والآيلة للسقوط الانتقال إلى المركز الإيوائية التي خصصت لهذا الغرض.

وتمر العيص خلال هذه الأيام عشرات المرات على الألسن من دون أن تكون هناك وقفة على تفاصيل هذا المنطقة الغنية بتاريخها منذ كانت طرقا لمرور قوافل الحج والتجارة من المدينة وإلى مكة وإلى الشام.

واحتلت العيص اسم بارزا في السيرة التاريخية على مر العصور الإسلامية، حيث كانت مقرا لملاقاة السرايا والغزوات التي كان يبعثها الرسول صلى الله عليه وسلم لملاقاة عير قريش لوقوعها في الطريق الذي كانت تسلكه قادمة من الشام، وذلك للرد على محاربتها للإسلام وإيذائها للمسلمين، ومن أشهر هذه السرايا؛ سرية حمزة بن عبد المطلب (رضي الله عنه) وهي أول سرية بالإسلام التي كانت مكونة من ثلاثين رجلا. وقد بعثها الرسول في الشهر السابع من السنة الأولى للهجرة، لملاقاة عير قريش الراجعة بتجارة قريش من الشام، وكانوا ثلاثمائة رجل بقيادة أبي جهل، وسرية زيد بن حارثة في شهر جمادى الأولى من السنة الأولى للهجرة، وتمكن فيها المسلمون، وكان عددهم مائة وسبعين رجلا، من أسر كثيرين ممن كانوا في العير، وقد ذكرها ابن سعد في «الطبقات الكبرى». ولا يغيب عند الحديث عن العيص وأهلها، الأعمال الرائجة الموجودة فيها، حيث الزراعة والرعي، ويوجد به أشجار النخيل، ومن أشهرها برني العيص والكعيمر إضافة للحمضيات. والعيص حاضرة جهينة منذ القدم، وذكر التاريخ أنها معبر القوافل القادمة من الشام إلى مكة المكرمة ومسيرة الحجيج إلى بيت الله الحرام، حيث يستدل على ذلك من خط القوافل والمحامل والإشارات المكونة من الحجارة. وتقع العيص شمال شرق محافظة ينبع على بعد 150 كيلومترا على طريق تجارة قريش المتجهة إلى الشام ـ قديما ـ والمسمى بطريق مأرب ـ بتراء، ويحدها من الغرب مدينة أملج على بعد 90 كلم، ومن الشرق المدينة المنورة 250 كلم، ومن الشمال مدينة العلا 250 كلم. من حيث المساحة، تبلغ مساحتها التقريبية 2863 كيلومترا، وتتميز بموقعها الجغرافي، من حيث كونها تقع عند ملتقى مجموعة الطرق القديمة والحديثة، وترتفع عن سطح البحر نحو 2200 متر، وهي حارة صيفا باردة شتاء. وتتبع العيص قرى وهجر وهي: الفرع القراصة المربع سليلة جهينة أميرة المرامية المثلث هجرة هدمه.

وتحتضن العيص بين جبالها، آثارا تاريخية بارزة، أهمها، قلعة الفرع «قصر البنت» ويرجع تاريخها إلى 400 عام قبل الميلاد، وتعبر عن الفن المعماري القديم، وحميمة العين، وحميمة الحصين، وكانت حصونا للمراقبة، وحميمة، وبركة شعيب، وسوق عورش.

وتعتبر حرة لونير بطريق العيص من الحرات البركانية الحديثة، وهي مكونة من صخور بازلتية نارية قلوية، فيما حدثت الأخرى قبل نحو ألف عام، غير أن تلك الحرة ما زالت نشطة حتى الآن، وهي حقل بركاني بازلتي، وتقع شمال غرب مدينة العيص في منطقة المدينة المنورة، وتحتوي على نحو خمسين جبلا بركانيا بارتفاع 1370 مترا عن مستوى سطح البحر.