أجواء التفاؤل تخيم على المباحثات الروسية الأميركية حول الحد من الأسلحة الإستراتيجية

نقاط خلاف حول عسكرة الفضاء وحساب العبوات النووية في المخازن

TT

وسط أجواء من التفاؤل تبدأ اليوم في موسكو الجولة الأولى من مباحثات الحد من الأسلحة الإستراتيجية، لإعداد صياغة الاتفاقية التي من المرتقب أن تكون في صدارة قمة الرئيسين دميتري ميدفيديف، وباراك أوباما، التي ستعقد في موسكو في السادس من يوليو (تموز) المقبل. وعلى الرغم من قصر الفترة الباقية حتى موعد انعقاد القمة، يعلق الجانبان آمالا كبارا على إعداد صيغة الاتفاقية، التي ستكون بديلا للاتفاقية المبرمة بين الجانبين، التي تنتهي في الخامس من ديسمبر (كانون أول) من هذا العام. وأشار سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسية إلى أن اللقاء التمهيدي، الذي جرى في روما بين ممثلي الجانبين في 24 أبريل (نيسان) الماضي، كشف للجانبين عن وجود فرص طيبة لتقريب مواقف الطرفين وصياغة الاتفاقية، التي تتسق مع مصالح الطرفين ومواصلة الرقابة في مجال الأسلحة الإستراتيجية الهجومية، والتقدم على طريق تنفيذ أهداف حظر انتشار الأسلحة على النطاق الأوسع. وذكرت مصادر روسية أن الجانبين ينطلقان في تفاؤلهما من منطلق أن معاهدة «ستارت ـ 1» (الحد من الأسلحة الإستراتيجية الهجومية) تنتهي مع نهاية هذا العام، ولا يمكن مد فترة صلاحيتها في الوقت الذي يجب أن تنص فيه المعاهدة الجديدة على مواصلة عملية التقليص دون الاستناد إلى أساس راديكالي، لا يزال كل من الجانبين على غير استعداد لقبوله لأسباب متباينة. فقد أشار سيرغي رياباكوف، نائب وزير الخارجية الروسية، إلى استعداد الجانبين لمناقشة أي أرقام افتراضية لتقليص عدد الصواريخ الحاملة، لكن كلما نزلنا بالأرقام إلى مستوى أدنى، ارتفعت درجة الخلافات المتعلقة بمنظومات الدفاع الصاروخي، والقدرات النووية للبلدان الأخرى، ما يحتم الالتزام بالواقعية، وعدم طرح أي أهداف غير قابلة للتحقيق. ومن جانبها ذكرت روز غوتميللر، نائبة وزيرة الخارجية الأميركية، والرئيسة السابقة لمركز كارنيغي في موسكو، أن الولايات المتحدة تعمل على تقدير القدرات النووية المختلفة، ما يفرض أهمية الانتهاء من هذه العملية قبل الإقدام على تنفيذ المزيد من التخفيضات في مجال الأسلحة النووية. وأكدت المسؤولة الأميركية أن الجانبين يستطيعان الانتهاء من صياغة نص المعاهدة البديلة لمعاهدة «ستارت ـ 1» والتحول إلى التفكير في المزيد من التخفيضات التالية. ومن الملاحظ أنه وعلى الرغم من كل هذه التصريحات المفعمة بالكثير من التفاؤل فإن الجانبين يتحفظان على الكشف صراحة عن المستويات التي يمكن النزول إليها في المعاهدة الجديدة، مؤكدين فقط أنها ستكون أدنى من المستويات السابقة. وكانت موسكو الرسمية قد أشارت أكثر من مرة إلى ضرورة الارتباط المتبادل بين أي أرقام لتخفيض الترسانة النووية الروسية، وبين مخططات نشر عناصر الدرع الصاروخية الأميركية في بلدان شرق أوروبا،  وهو ما ينذر واقعيا بالكثير من المشكلات، في حال إصرار الإدارة الأميركية على التمسك بهذه المخططات. ومن جانبها أعربت الإدارة الأميركية الجديدة عن مواقف أقل تشددا من مثيلاتها، للإدارة السابقة من حيث اتفاقها مع وجهة النظر الروسية حول ضرورة أن ينسحب التخفيض على الوسائل الحاملة أيضا وليس على العبوات النووية وحسب، دون الكشف عن مدى احتمالات تراجع الإدارة الأميركية عن خطط نشر عناصر الدرع الصاروخية. أما عن نقاط الخلاف بين الجانبين، فتتعلق بالموقف من قضايا عسكرة الفضاء الكوني، وضرورة حساب العبوات النووية الموجودة في المخازن. على أن لافروف، وزير الخارجية، كشف عن موقف مرن يتمثل في إعرابه عن استعداد موسكو لتفهم موقف الجانب الأميركي الرافض لرصد ما يملكه من عبوات نووية غير موجودة بالخدمة، وإن أشار إلى اعتقاد روسيا في ضرورة انسحاب المعاهدة على كل الوسائل الحاملة والعبوات النووية على حد سواء، ومعرفة كيفية إحصاء عدد العبوات النووية غير الموجودة في الخدمة. وقال إن موسكو تنتظر مقترحات واشنطن بهذا الشأن لتحليلها، وتحديد موقفها انطلاقا من معايير الأمن المتكافئ. أما عن موقف الجانب الأميركي فإنه لم يكشف بعد عن موقفه من مقترحات روسيا حول تضمين المعاهدة البند الذي ينص على ضرورة تخفيض التسلح غير النووي، وحظر نشر الأسلحة الإستراتيجية الهجومية في أراضي بلدان أخرى.