السعودية: دعوات للنأي بملف تنظيم القاعدة عن حرب التيارات الفكرية

جدل حول مفهوم «الأمن الفكري» ومعارضته لحرية التعبير

TT

نادى مشاركون في المؤتمر الوطني للأمن الفكري بالرياض، بأهمية النأي بملف «القاعدة» عن حرب التيارات الفكرية في السعودية.

ونبه الدكتور علي العفنان، عضو برنامج محمد بن نايف للرعاية والمناصحة (البرنامج السعودي الخاص بتصحيح أفكار «القاعدة»)، لخطورة أن ندخل مواجهة هذا التنظيم بصراع المدرستين «الليبراليين والإسلاميين»، على حد قوله.

وأضاف العفنان، وهو عضو في كرسي الأمير نايف بن عبد العزيز لدراسات الأمن الفكري، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أمس، «الحرب على القاعدة، قضية وطنية. سنحاول الوصول إلى رؤية تخدم الأهداف الاستراتيجية للوطن».

وجاء حديث عضو برنامج المناصحة، على هامش انعقاد المؤتمر الوطني الأول للأمن الفكري الذي يختتم أعماله غدا الأربعاء في العاصمة السعودية الرياض، الذي تجدد فيه الجدل حول مفهوم أمن الفكر، ومدى معارضته لأحد مبادئ حقوق الإنسان الأساسية، المتمثلة بحرية التعبير. لكن الدكتور العفنان، الذي سبق له أن دخل إلى جانب مختصين شرعيين في جولات مناصحة من تطلق عليه السلطات الرسمية «أصحاب الفكر الضال»، يرى بأن من مبشرات نجاح الجهود الفكرية المبذولة لمواجهة فكر تنظيم القاعدة، هو أن خلية الـ11 التي عطلت السلطات السعودية نشاطها في أبريل (نيسان) الماضي، يبلغ متوسط أعمارهم فوق 36 عاما.

ويشير إلى أن تنظيم القاعدة دائما ما يستهدف الفئة العمرية الواقعة بين 15 و25 عاما، وهي الفترة التي يطلق عليها المختصون النفسيون «مرحلة اللا هوية»، والتي دائما ما يؤكد عليهم زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن في خطاباته المتلفزة، على حد تعبيره.

واعتبر الدكتور العفنان، أن عدم ورود شباب صغار سن في القائمة الأخيرة التي فككتها قوات الأمن السعودية أخيرا، هو دليل إخفاق «القاعدة» في عملية استقطاب وتجنيد الشباب، والاكتفاء بالاستعانة بمن لديه سجل سابق، في إشارة لعثمان هادي العمري، الذي سبق له أن ورد في قائمة تضم 26 مطلوبا خطرا ممن كان لهم سابق تجربة في أفغانستان.

وأرجع عضو برنامج المناصحة، استمرار تأثر بعض أوساط المجتمع بفكر «القاعدة»، لاستمرارية انخداعهم بالجهاد الأفغاني ومسألة الكرامات التي لا يزال يروج لها حتى في هذه الأيام، معتبرا أن من أبرز مهام كرسي الأمير نايف لدراسات الأمن الفكري «صياغة استراتيجية ورؤية لمكافحة فكر (القاعدة)».

لكن الدكتور خالد الشنيبر أستاذ في جامعة الملك سعود، يرى بأن قضية الأمن الفكري ليست فقط «الحرب على الإرهاب»، كما يصور ذلك البعض، معتبرا أن المشكلة هي في استيراد المفاهيم من الغرب، في الوقت الذي باتت الثقافة الغربية هي السائدة هذه الأيام، مرشحا أن تبرز الثقافة الإسلامية لتفرض نفسها على الواقع الدولي في يوم من الأيام.

وتجدد الجدل بين المشاركين في جلسات اليوم الأول لمؤتمر الأمن الفكري، حول معارضة هذا المفهوم لمبدأ حرية التعبير المكفول وفقا لحقوق الإنسان. وساد شبه إجماع على ضرورة تنظيم حرية التعبير وضبطها بالتعاليم الإسلامية.

غير أن الدكتور غازي العارضي رئيس قسم الدعوة في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، رأى في مداخلة له، ضبابية مفهوم الأمن الفكري. وقال «إن هناك إسرافا في التنظير عن الأمن الفكري الفرعي على حساب القضية الكبرى، حتى صور الأمن الفكري على أساس أنه ماركة سعودية مسجلة».

إلا أن عبد الرحمن الحاج، أحد المشاركين العرب في هذه الجلسة، قال إن محاولات تعزيز الأمن الفكري في السعودية، هي بالفعل ماركة مسجلة لأنها راعت ظروف وعوامل المجتمع السعودي، وتشبه أيضا تجربة «تجفيف المنابع» التي اتبعت في بعض البلدان العربية.