خلاف كبير بين باول وتشيني حول مسار الحزب الجمهوري

جدل بشأن مستقبل الحزب وصياغة خطة تفصيلية لإغلاق غوانتانامو

TT

أعلن كولن باول، أول من أمس، تحديه لديك تشيني بشأن مسار إدارة بوش السابقة ومستقبل الحزب الجمهوري، مضيفا أن الجمهوريين لا يجب أن يذعنوا «للأوامر التي تصدر عن اليمين».

وتعد التصريحات التي أدلى بها باول، وزير الخارجية الأسبق، بمثابة رد علني على تشيني، نائب الرئيس السابق، وراش ليمبو، المعلق الإذاعي المحافظ، حيث شكك الاثنان في أهليته كعضو في الحزب الجمهوري، وأشارا إلى أنه يجب أن يترك الحزب. وقد عقب باول على تلك التعليقات يوم الأحد في برنامج «واجه الأمة» الذي يعرض على الشبكة التلفزيونية «سي.بي.إس»، قائلا: «أمنية راش لن تتحقق»، «ومعلومات تشيني مغلوطة. فأنا ما زلت جمهوريا».

وقد أوضح ظهور باول الجدل الكبير الدائر بين الجمهوريين حول مستقبل الحزب والمسار الذي اتخذته إدارة بوش، خاصة فيما يتعلق بالأمن القومي. واختلف كذلك باول مع تشيني حول معتقل غوانتانامو بكوبا، معلنا تأييده لقرار الرئيس الأميركي أوباما بإغلاق المعتقل، وأن تشيني يعارض بموقفه هذا رئيسه السابق والرئيس الأميركي الحالي.

ويضيف باول «إن تشيني لا يعارض بذلك سياسة الرئيس أوباما فقط، بل إنه يعارض سياسة الرئيس بوش كذلك. فالرئيس بوش أكد مرارا وتكرارا لمواطنيه وللمشاهدين في العالم أجمع أنه يرغب في إغلاق معتقل غوانتانامو ولكن الفرصة لم تسنح له».

ويضيف باول أنه يمكن وضع معتقلي غوانتانامو بأمان في سجون الولايات المتحدة، وهو بذلك يقوض الفكرة الأساسية التي يستخدمها الجمهوريون في الكونغرس ضد الرئيس.

ولكن باول عاب على الرئيس أوباما عجزه عن صياغة خطة تفصيلية لإغلاق المعتقل، مانحا بذلك الفرصة لخصومه لتعبئة الرأي العام بشأن تلك القضية.

وفي مؤشر آخر على النزاع بين الجمهوريين، فإن توم ريدج، الذي كان وزير الأمن الداخلي في إدارة بوش، قال في حديث لشبكة «سي.إن.إن» إنه يختلف مع تشيني حول أن الأمة أصبحت أقل أمنا بسبب سياسات الرئيس أوباما المتعلقة بالأمن القومي، وأعلن تأييده لقرار أوباما إغلاق معتقل غوانتانامو. وتأتي تصريحات باول وريدج في الوقت الذي يسعى فيه الجمهوريون في الكونغرس إلى استغلال المخاوف المتعلقة بالأمن القومي ونقل المحتجزين الإرهابيين من غوانتانامو إلى سجون محلية.

وأثنى كارل روف، الذي كان يعمل كرئيس للمستشارين السياسيين في إدارة بوش، على تشيني لتحديه أوباما، قائلا إنه يفعل ما لم يفعله الجمهوريون الآخرون. وأضاف في حوار أجري معه: «يشعر نائب الرئيس أن الإدارة أساءت توصيف سجل إدارة الرئيس بوش وشوهته». مضيفا: «أحيي تشيني. فهو الوحيد الذي استطاع المواجهة».

وتقول ليز تشيني، الخبيرة الاستراتيجية الجمهورية وابنة ديك تشيني «الأمر ليس بهذا التعقيد. النهج المحافظ هو النهج المحافظ، فالجمهوريون استطاعوا قيادة الأمة وتحقيق المجد عندما كانوا ملتزمين بمبادئهم الأساسية مثل وجود دفاع قومي قوي، وحكومة محدودة وضرائب منخفضة، ولا يؤمن الرئيس أوباما بأي من تلك المبادئ».

وقد أثار باول غضب العديد من أعضاء حزبه في الخريف الماضي عندما دعم تولي أوباما لمنصب الرئاسة. وجاء ظهوره في برنامج «واجه الأمة» بعد أسبوعين من ظهور تشيني في البرنامج نفسه قائلا إنه يعتقد أن باول «ترك الحزب بالفعل، فلم أكن أعلم أنه ما زال جمهوريا».

ودعا باول، يوم الأحد، إلى أن يصدر الحزب الجمهوري تقريرا يوضح فيه أسباب تدهور أداء الحزب في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ويحدد ما يحتاجه الحزب لكي يتقدم إلى الأمام، قائلا: «بعد كل معركة أو تدريب فإنك تجتمع مع كل القادة وتقول لهم: ما الذي أصبنا فيه؟ وما الذي أخطأنا فيه؟ هل ما فعلناه كان خطأ أم صوابا؟ وكيف نتقدم إلى الأمام؟».

وأوضح أنه يعتقد أن أكبر تهديد للحزب هو ما يوحي به البعض مثل تشيني وليمبو بأنه لا يوجد مكان للجمهوريين من أمثال باول. «إذن ما هي التحفظات حولي؟ حسنا هل أنا معتدل أكثر من اللازم؟... لقد كنت دوما أشعر بأنه يجب أن يصبح الحزب الجمهوري أكثر قدرة على الاحتواء مما كان عليه طوال الوقت».

وتلقي تلك المناوشات الأخيرة الضوء على الخلافات التي تسود الحزب في الوقت الذي يحاول فيه الحزب تقييم خسائر العام الماضي وتقدير مدى احتياجه للانفصال عن سياسات الرئيس السابق جورج بوش.

وقد تبنى نويت غينغريتش، الرئيس السابق لمجلس النواب وأحد قيادات المحافظين في الحزب، دعوة باول وقال إن الجمهوريين سيصبحون أقلية إذا تبنوا رؤية قصيرة المدى. وقال غينغريتش في أحد اللقاءات معه «لا أعتقد أن لأي شخص السلطة لإعلان عدم انتماء شخص آخر للحزب». مضيفا «لقد بدأت عملي في جورجيا عندما لم يكن هناك جمهوريون وكنا تواقين للظهور وظللت عضوا في مجلس النواب لنحو 15 عاما ضمن صفوف الأقلية، وأستطيع أن أؤكد لكم أنه لولا وجود المعتدلين في الحزب لما أصبحنا أبدا حزب الأغلبية. فمن المحال أن تكون حزبا قوميا دون توترات داخلية».

ومع ذلك فإن بعض الجمهوريين الآخرين يقولون إنه بالرغم من اتفاقهم مع موقف باول من أن الطريق إلى النجاح لا يأتي عبر دفع الناس خارج الحزب إلا أنهم كانوا دلائل حية على الأحقاد المضمرة ضده.

فيقول تيم بولنتي، الحاكم الجمهوري لمينيسوتا: «الكثير من الجمهوريين والمحافظين محبطون من كولين باول لأنه دعم تولي الرئيس أوباما لمنصب الرئاسة».

ويضيف بولنتي أنه يتفق مع باول على أن الحزب الجمهوري يستطيع أن يصبح حزبا للأغلبية فقط إذا كان متقبلا للمختلفين معه على بعض القضايا.

مضيفا أنه «إذا كان اتهامك يقول إن الحزب الجمهوري ليس شعبيا بما يكفي، ورشح الحزب شخصا من المؤكد أنه شعبي – وهو جون ماكين لمنصب الرئاسة ـ وأدرت ظهرك له ودعمت باراك أوباما، فإن ذلك يعني أنك محبط من الحزب الجمهوري وليس من عدم مواكبة الاتجاه السائد بالقدر الذي يكفي».

ويقول روف إنه بينما كان يعتقد أن آراء باول موضع ترحيب في الحزب ـ «إذا كنت ترغب في شرح رؤية ما لحزب الجمهوريين، فمرحبا بك» – ويعتقد أن باول، الجنرال السابق بالجيش والذي عمل كوزير للخارجية في إدارة بوش من 2001 إلى 2005 ورئيسا لهيئة الأركان المشتركة في رئاسة جورج بوش الأب، لم يخطُ الخطوة الثانية فيما يتعلق بالعثور على المرشحين والمساعدة على استعادة قوة الحزب.

ويضيف روف «إذا كانت لديك مثل هذه الرؤية فيجب أن تخرج وتقاتل من أجلها، فلا يكفي أن تفكر وأنت بعيد عن ميدان المعركة».

*خدمة «نيويورك تايمز»