السودان: نجاة قيادي بارز في الحركة الشعبية من محاولة اغتيال بقنبلة وضعت بمكتبه

شاهد عيان رأى ملثمين يهرولان من المكان.. ومسؤول يقول إن دورية للشرطة اختفت وقت الحادث

عنصر من الشرطة يقوم بحراسة مكتب الحركة الشعبية بالخرطوم الذي اكتشفت بداخله قنبلة، أمس (رويترز)
TT

قالت الحركة الشعبية الحاكمة في جنوب السودان، إنها أبطلت، فجر أمس، مفعول قنبلة دائرية تتكون من 3 أجزاء تعمل عبر التحكم عن بعد، وضعت بدارها (قطاع الشمال) بضاحية اركويت بالخرطوم من قبل مجهولين، مستهدفة، على ما يبدو، القيادي في الحركة نائب الأمين العام لقطاع الشمال، ياسر عرمان.

وأعلنت أن القنبلة انفجرت جزئيا، دون أن تسفر عن خسائر، وقالت «إذا ما انفجرت بالكامل كان يمكن أن تدمر مبنى الدار المكون من أربعة طوابق، والواقع في مساحة 500 متر مربع». فيما أشار بيان للشرطة إلى أن بلاغا فتح حول الحادثة، يشير إلى أن من وضع القنبلة «شخصان مجهولان». وروى يان ماثيو، المتحدث باسم الحركة الشعبية لـ«الشرق الأوسط»، تفاصيل ما حدث، وقال إن شاهد عيان ذكر أن سيارة نصف نقل «بوكس» مظللة ليست بها لوحات توقفت بالقرب من مبنى الحركة، في الساعات الأولى من صباح أمس، وترجل منها شخصان، تاركين وراءهما السائق، ودخلا دار الحركة من الناحية الشمالية، واتجه الرجلان نحو مكتب ياسر عرمان. وأضاف نقلا عن شاهد عيان «في تلك الساعة سمع نباح كلاب حول المنطقة، تحرك بعدها حارس الدار ـ ووصفه بأنه رجل مدني لا يحمل أي سلاح ـ مما جعل الرجلين يخرجان مسرعين نحو العربة وأحدهما يقول للآخر: أنجزنا». وقال ماثيو إن الحارس، وعقب فرار الرجلين، اتجه ليتفقد الدار، فوجد القنبلة، وقام بلمسها مما أدى لانفجار «تيلة» مربوطة على رأس المتفجرات، وإصابة سلة للمهملات، وتصاعد الدخان، وأضاف أن الحارس أصيب بصدمة جراء ذلك. وكشف المتحدث باسم الحركة، أن الحركة اتخذت إجراءات رسمية، وفتحت بلاغا ضد مجهول، إلا أنه قال إن لديهم معلومات أولية لا يريد الإعلان عنها في الوقت الراهن، إلى حين الانتهاء من التحقيق.

ويعتبر الحادث هو الأول من نوعه منذ توقيع المؤتمر الوطني بزعامة الرئيس السوداني عمر البشير والحركة الشعبية بزعامة نائبه سلفا كير، قبل أربع سنوات، اتفاق سلام أنهى أطول حرب شهدتها القارة الأفريقية. واتهمت الحركة جهات لم تسمها بأنها وراء محاولة اغتيال عرمان وعدد من قيادات الحركة عند حضورهم لمتابعة أعمالهم، وأعلنت أنها ستتخذ الإجراءات المناسبة بعد إعلان نتائج التحقيقات، التي تشرف عليها أجهزة الأمن المختصة والقوات المشتركة المشكلة من الجيش السوداني والجيش الشعبي.

وقال ماثيو إن تلك العملية مقصود منها تخويف عضوية الحركة، وقال «حينما تظهر نتائج التحقيقات سيكون لنا حديث». وقال إن دورية للشرطة كانت ترابط يوميا أمام محطة بترول مواجهة للدار، إلا أنه قال إن ليلة الحادث لم تظهر تلك الدورية، ودعا الشرطة لحمايتهم، إلا أنه قال «إن لم يكونوا هم المتورطين». وقال إن الحركة تلقت تهديدات من قبل، وأشار لبيان هيئة علماء المسلمين الأخير بشأن عرمان، وقال إنه كان يحرض على قيادات الحركة. وأضاف أن هناك تصريحات لمسوؤلين في المؤتمر الوطني تحمل في طياتها صفة التهديد. وكانت هيئة علماء السودان قد وجهت اتهامات لعرمان وصفت بأنها خطيرة، لاعتراضه على عقوبة الجلد على غير المسلمين في تطبيق القانون الجنائي، إلى جانب أن صحيفة موالية إلى المؤتمر الوطني، الذي يحظى بأغلبية في الحكومة، حرضت على قتله، مما دفع السلطات السودانية إلى تعليق الصحيفة ورئيس تحريرها لفترة وجيزة. وأشار ماثيو إلى أن الخسائر ستكون كبيرة لو انفجرت القنبلة في ساعات النهار، حيث إن المبنى يرتاده نحو 300 شخص يوميا في المتوسط من أعضاء الحركة الشعبية. وقال ملازم أول قرنق اينتى، من القوات المشتركة بين الجيش السوداني والجيش الشعبي التابع للحركة الشعبية لواء الخرطوم، والمتخصص في المتفجرات، إن القنابل من نوع» cvx4» شديدة الانفجار تتكون من الزئبق وبعض المواد الحارقة، وأضاف أن بإمكانها هدم مبنى على عمق وقطر 50 مترا. ومضى قرنق فى تصريحات صحافية بمقر الحركة، أمس، أن هذا النوع من المتفجرات يتم التحكم فيه عن بعد عبر «الريموت كنترول». وأضاف أن قطع المتفجرات كل واحدة منها تزن 45 جراما، ومربوطة بكبسولة، تم وضعها بعناية فائقة عند المدخل الرئيس للدخول. وقال إذا ما انفجرت ستدمر مبنى الدار المكون من أربعة طوابق وفي مساحة 500 متر مربع كاملا.

وروت الشرطة في بيان لها حول الحادث، أنه وقع في تمام الساعة الواحدة والنصف من صباح أمس. وقال إن أحدهم تقدم (قرنق) ببلاغ لقسم الشرطة مفيدا فيه أن شخصين مجهولين قاما بوضع جسم غريب خارج مبنى الحركة الشعبية قطاع الشمال في حي اركويت مربع 68، وقد انفجر هذا الجسم حوالي الساعة الرابعة صباحا. وأضاف البيان أن الشرطة انتقلت إلى لمكان الحادث واتخذت الإجراءات اللازمة، وأفاد البيان أن من أبلغهم لم يذكر ساعة وقوع الحادث بل أبلغهم بذلك فني المتفجرات بالقوات المشتركة، بعد توجيهات من ياسر عرمان. وأشار إلى أن المبنى لم تكن مخصصة له قوة من الحراسة. وقال ماثيو إن رئيس الحركة، سلفا كير، أصدر توجيهاته لقيادات وأعضاء الحركة بالتزام الهدوء حتى انتهاء التحقيقات التي تباشر فيها الشرطة وجهاز الأمن والقوات المشتركة من الجيش الحكومي والجيش الشعبي التابع لجنوب السودان. وأضاف أن جهات معلومة أزعجتها التحركات السياسية التي تقوم بها الحركة تجهيزا للانتخابات التي ستجرى في فبراير (شباط) القادم، وتابع «الحركة الشعبية حزب سياسي، وكنا نتوقع أن تعمل الشرطة والأجهزة الأمنية على بث الطمأنينة»، مشيرا إلى أن قيادة الحركة تجري مشاورات حول الحادث للخروج برأي يعلن في وقت لاحق. من جهته وصف الأمين العام للحركة باقان أموم، في تصريحات، محاولة تفجير قنابل في دار حركته واغتيال قادتها، بأنها محاولة لإرهاب الحركة الشعبية، وقال «هذا مرفوض ونحن نعرف القائمين بهذا العمل، هم الأشخاص أنفسهم الذين يصدرون فتاوى بحق قيادات الحركة ويحملون المسدسات تحت قبة البرلمان لتخويف نواب الحركة»، وأضاف «نحن لا نريد تحديد الجهة، سنطرح الأمر مع شركائنا وهناك لجنة أمنية تحقق في القضية». وتكون قطاع الشمال في الحركة الشعبية منذ الثمانينات من القرن الماضي داخل الحركة الشعبية، وظل يعمل بنشاط في الذراع السياسية للحركة الشعبية، مرتبطا باسم ياسر عرمان، الذي يعتبر واحدا من أوائل أبناء شمال السودان المنضمين للحركة الشعبية في عام 1985. ومن قيادات القطاع البارزة، وزير الدولة بوزارة العمل الدكتور محمد يوسف محمد، والدكتور الواثق كمير، ووليد حامد، وأحمد عيسى، وعبد الباقي مختار، والهادي دياب. وظل قطاع الشمال الذراع الناشطة للحركة الشعبية في الشمال بعد توقيع اتفاق السلام بين الحكومة والحركة الشعبية، وتستعين به الحركة الشعبية في إدارة أمورها الحزبية في الشمال، باعتبار أن عناصره هم من الشمال ولهم معرفة بالأوضاع السياسية والاجتماعية في شمال البلاد.