واشنطن تطلب من الصين المساعدة بتحقيق استقرار في باكستان

لمواجهة التهديد المسلح المتنامي من الإسلاميين

TT

صرح مسؤولون بأن إدارة أوباما ناشدت الصين توفير التدريب بل وحتى العتاد العسكري لمساعدة الباكستانيين في مواجهة التهديد المسلح المتنامي. ويعد هذا المقترح جزءاً من جهد موسع تنتهجه الإدارة الأميركية لحث حلفاء بارزين لباكستان على الانضمام إلى جهود فرض الاستقرار بالبلاد. وتسعى الولايات المتحدة لإقناع إسلام آباد بزيادة جهودها الرامية إلى محاربة المسلحين، وفي ذات الوقت دعم الحكومة المدنية الهشة واقتصاد البلاد المتداعي. هذا، وقد زار ريتشارد هالبروك ـ مبعوث الإدارة الأميركية لشؤون أفغانستان وباكستان ـ كلاً من الصين والسعودية، اللتين تعتبران حليفين رئيسيين آخرين لباكستان، على مدار الأسابيع الأخيرة كجزء من هذه الجهود. وتؤكد المناشدة الأميركية الموجهة إلى الصين على أهمية بكين فيما يتعلق بالقضايا الأمنية، إذ تنظر واشنطن إلى بكين على أنها البلد الأكثر نفوذاً وتأثيراً للتعامل مع كوريا الشمالية المعزولة التي تميل للقتال. هذا إلى جانب لعب بكين دوراً محورياً أيضا في سياق الجهد الدولي الهادف إلى الضغط على إيران بشأن برنامجها النووي. ومن المعروف تقليديا أن الصين لطالما كانت راغبة عن التدخل في شؤون الدول الأخرى، إلا أن المسؤولين الصينيين باتوا قلقين من التهديد المسلح المتاخم لحدودها الغربية، وذلك خشية أن يؤدي إلى إفقاد المنطقة لاستقرارها علاوة على تهديد الوجود الاقتصادي المتنامي للصين داخل باكستان.

وأقر مسؤول أميركي بارز، لم يرغب في الكشف عن هويته نظرا للحساسية السياسية للقضية ـ بأن الصين كانت مترددة المشاركة بقدر أكبر في القضية، إلا أنه عاد وأوضح أنه «يمكن ملاحظة أنهم يفكرون في الأمر». ويرى المسؤولون الأميركيون أن الصين لديها خبرة في مجال مكافحة التمرد، اكتسبتها من الحرب الأهلية الطويلة التي خاضتها البلاد وانتهت بالانتصار الشيوعي عام 1949. وعلى ضوء العلاقات العسكرية القوية بين الصين وباكستان، يأمل المسؤولون الأميركيون أن يساعد ذلك في صياغة استراتيجية أكثر تطورا مقارنة بأسلوب العنف الذي تنتهجه باكستان.

ويُشار إلى أن الجيش الباكستاني استخدم المدفعية الثقيلة والطائرات ضد متطرفي طالبان في وادي سوات، والمناطق المحيطة الأخرى في عمليته العسكرية الحالية. ويتحدث المسؤول الأميركي عن الباكستانيين مفيدا، «إنهم يركزون بشدة على المعدات الثقيلة». واضطر أكثر من مليوني مدني على النزوح نتيجة للقتال المحتدم، وذلك حسبما أفاد تقدير مسؤولي الأمم المتحدة، مما يوحي بقرب حدوث كارثة إنسانية.

ومن شأن هذا النزوح أن يطلق شرارة حدوث ردة عكسية بين العامة في باكستان ضد هذه الحملة، إذ ينظر الكثير منهم إليها على أن الدافع هو المصلحة الأميركية وليست مصالح باكستان. وجدير بالذكر أن التحالف الاستراتيجي للصين مع إسلام آباد يعود إلى الستينات من القرن الماضي، وباعت بكين لباكستان معدات عسكرية تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، وتتضمن صواريخ، وبوارج حربية، ودبابات. كما تتمتع الصين بوجود اقتصادي لها في باكستان. وقال لوه تشاو هوي ـ السفير الصيني لدى إسلام آباد ـ في خطاب له هذا الشهر أن هناك ما يُقدر بـ10.000 مهندس وفني صيني يعملون بالبلاد.

ومع ذلك، يزداد حد القلق الصيني من التمرد الباكستاني، ويرجع هذا جزئيا إلى الانفصاليين المسلمين في منطقة شينجيانغ الصينية الشمالية الغربية، التي يقطنها الأويغور المتدربون في المعسكرات الباكستانية، وعادوا بعد ذلك إلى الصين.

ويعتري المسؤولين في بكين القلق أيضا من عمليات الاختطاف والقتل المتكررة للعاملين الصينيين في باكستان. ولطالما ضغطت الصين على الحكومة الباكستانية لحماية رعاياها على نحو أفضل. ويقول المحللون إن الحكومة الباكستانية شنت هجوما على الراديكاليين بالمسجد الأحمر في إسلام آباد عام 2007، نظرا للضغوط التي تعرضت إليها من جانب الصين على خلفية اختطاف المسلحين للعديد من رعاياها. ولقي أكثر من 100 شخص مصرعهم في هذا الهجوم، الأمر الذي حدا بالمسلحين الإسلاميين إلى قول إن هذا الهجوم مثّل نقطة تحول في صراعهم مع الحكومة. وعلى صعيد آخر، أقر المسؤولون الباكستانيون في واشنطن بعمق تحالف بلادهم طويل الأمد مع الصين، حيث قال حسين حقاني ـ السفير الباكستاني لدى الولايات المتحدة، «إن باكستان والصين يتمتعان بعلاقة ثنائية أثبتت فعاليتها على مدار زمن طويل، كما كان الدعم والتعاون الصيني هامين لباكستان في الكثير من الأوقات العصيبة في تاريخنا. ونحن إذ نعمد إلى إرسائنا لأسس لعلاقة استراتيجية أكثر استمرارية مع الولايات المتحدة، ما زلنا ننظر إلى الصين كصديق وشريك موثوق به». ولم يجب المسؤولون الصينيون على الفور على طلبات للحصول على تعليق حيال الأمر. وقال ستيفن كوهين ـ المتخصص في شؤون جنوب آسيا بمعهد بروكينغز ـ إن السعودية والصين لديهما تأثير على باكستان أكبر من الولايات المتحدة. وبصفته مستشارا للحكومة الأميركية، حث كوهين المسؤولين الأميركيين على محاولة السعي وراء مساعدة بكين في القضية. وتابع موضحا، «يمكن أن يكون للصين تأثير إيجابي، إلا أنه عاد وقال انه من المحتمل أن يكون هناك ثمة شقاق داخل الحكومة وأن الجيش الصيني، وعلى الرغم من الروابط الوثيقة بينه وبين الجيش الباكستاني، قد يتردد في التدخل». ويشار إلى أن المبعوث الأميركي هالبروك زار الصين في 16 ابريل (نيسان)، وقال المسؤولون في كل من الدولتين حينها إنهم اتفقوا على العمل معاً في أفغانستان وباكستان. وأفاد هالبروك، «أتينا هنا لتبادل الآراء حول الموقف في أفغانستان وباكستان، لأن كلاً منا يتشارك في خطر وتحد وهدف مشترك».

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» خاص بـ«الشرق الأوسط»