نجاد يرفض الاقتراح الغربي بتجميد النشاط النووي.. وبرلسكوني يعرض وساطة إيطاليا للتوصل إلى اتفاق

إسرائيل تتهم فنزويلا وبوليفيا بتزويد إيران باليورانيوم

الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد خلال مؤتمر صحافى عقد فى طهران أمس حيث رفض المزيد من المفاوضات النووية مع القوى العالمية (إ.ب.أ)
TT

رفض الرئيس الإيراني محمود أحمدي، أمس، اقتراحا غربيا بـ«تجميد» طهران نشاطها النووي مقابل عدم فرض عقوبات جديدة، واستبعد إجراء أية محادثات مع القوى الكبرى بشأن هذه القضية، فيما أعلن رئيس الوزراء الإيطالي، سيلفيو برلسكوني استعداد بلاده للتوسط مع طهران بشأن برنامجها النووي. ويتهم الغرب إيران بتطوير أسلحة نووية سرا. وتنفي إيران هذا الاتهام وتقول إنها تريد فقط استخدام الطاقة النووية في توليد الكهرباء.

وكانت الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وألمانيا وبريطانيا، قد أعلنت في أبريل (نيسان) الماضي أنها ستدعو إيران إلى اجتماع لمحاولة إيجاد حل دبلوماسي لهذا الخلاف النووي. وأكدت إدارة الرئيس باراك أوباما، وهي تنأى بنفسها عن سياسة إدارة جورج بوش السابقة بمقاطعة أي حوار مع طهران، أنها ستنضم إلى هذه المناقشات مع طهران من الآن فصاعدا. وعرض أوباما بداية جديدة من التعامل الدبلوماسي مع إيران إذا «أرخت قبضتها»، لكن واشنطن لم تستبعد العمل العسكري إذا أخفقت الجهود الدبلوماسية.

إلا أن أحمدي نجاد اقترح عقد مناظرة مع أوباما في مقر الأمم المتحدة بنيويورك «تتعلق بجذور المشكلات العالمية» مكررا أن طهران لن تنحني أمام الضغوط بشأن القضية النووية. ومؤكدا أن محادثاته مع القوى الكبرى «ستكون فقط في إطار التعاون للتعامل مع قضايا عالمية وليس لشيء آخر». وأضاف في مؤتمر صحافي أن «القضية النووية قضية منتهية بالنسبة لنا. ومن الآن فصاعدا سنواصل مسيرتنا في إطار العمل الخاص بالوكالة» (الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة)، وذلك ردا على سؤال عن الاقتراح المسمى «التجميد مقابل التجميد»، الذي عرضه الغرب على إيران العام الماضي، وينص على تجميد توسيع إيران لبرنامجها النووي مقابل تجميد فرض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة المزيد من العقوبات على إيران.

وفيما يقول دبلوماسيون غربيون إن العرض ما زال مطروحا على المائدة، قال مصدر إنه تم إيضاح ذلك في اجتماع مع كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين، سعيد جليلي، في طهران، أول من أمس.

وفي الأسبوع الماضي حدد الرئيس الأميركي جدولا زمنيا تقريبيا لمقاربته الدبلوماسية مع طهران، وذلك للمرة الأولى، بقوله إنه يريد أن يرى تقدما جادا بحلول نهاية العام الحالي. وتقول إيران إنها مستعدة للدخول في محادثات «بناءة» لكنها رفضت مرارا مطلب إيقاف نشاط تخصيب اليورانيوم الحساس الذي يمكن أن تكون له أغراض مدنية أو عسكرية.

وفي روما، قال رئيس الوزراء سيلفيو برلسكوني إن إيطاليا تريد أن تصبح وسيطة في الجهود الدولية للوصول إلى اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي. وأضاف في مقابلة مع شبكة «سي.إن.إن» التلفزيونية الأميركية «تحدثنا مع الولايات المتحدة ومع (وزيرة الخارجية) هيلاري كلينتون. حاولنا أن نكون مفيدين» مشيرا إلى زيارة كان من المقرر أن يقوم بها وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني لطهران الأسبوع الماضي، ولكنها ألغيت في اللحظة الأخيرة بعد أن طلبت إيران من فراتيني أن يجتمع مع الرئيس محمود أحمدي نجاد في نفس الإقليم الواقع بشرق البلاد الذي أطلقت منه إيران صاروخا في وقت سابق من اليوم نفسه بدلا من عقد الاجتماع في طهران كما كان مقررا. (وكان فراتيني سيصبح أكبر مسؤول من حكومة أوروبية يزور إيران منذ تولى أحمدي نجاد الحكم عام 2005).

وحرصت إيطاليا، أحد أبرز شركاء إيران التجاريين في أوروبا، على لعب دور أنشط في الخلاف بشأن برنامج إيران النووي المثير للجدل، على الرغم من أنها ليست واحدة من القوى العالمية الست التي تقود المفاوضات مع طهران، وهي: الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا وألمانيا.

وجاء في نص حوار برلسكوني، كما نشره مكتبه، أمس، «نؤيد الحوار، لكن يجب أن يكون حوارا له حدود زمنية معينة... ما نحن واثقون منه هو أننا لا نستطيع القبول بأن تمتلك إيران قنبلة نووية». وفي القدس المحتلة أشارت وثيقة إسرائيلية رسمية، نشرت مقتطفات منها أمس، الاثنين، إلى وجود علاقة بين فنزويلا وبوليفيا والبرنامج النووي الإيراني.

وبحسب وثيقة وزارة الخارجية الإسرائيلية، تساعد فنزويلا طهران في الالتفاف على العقوبات الاقتصادية التي يفرضها مجلس الأمن الدولي على إيران كما يشتبه في أنها زودت الإيرانيين باليورانيوم.

وجاء في التقرير «لدينا معلومات تفيد بأن فنزويلا زودت إيران باليورانيوم لتطوير برنامجها النووي» وأن طهران «تقيم خلايا لحزب الله في شمال فنزويلا وجزيرة مارغريتا الفنزويلية». ويستند التقرير إلى معلومات جمعت من مصادر دبلوماسية وعسكرية إسرائيلية وأجنبية عبر العالم. وقالت الوثيقة إن الزعيم الفنزويلي، هوغو تشافيز، هو من أسهم في التقارب بين إيران وبوليفيا. «ويبدو أن بوليفيا زودت أيضا طهران باليورانيوم للبرنامج النووي الإيراني». وأضافت الوثيقة أن «العلاقات بين فنزويلا وإيران وثيقة. وبحسب تقارير مختلفة، تساعد فنزويلا إيران في الالتفاف على العقوبات الدولية من خلال إصدار وثائق سفر فنزويلية لمواطنين إيرانيين تسمح لهم بالتنقل بين دول أميركا اللاتينية دون حاجة إلى تأشيرات دخول».

وفي غضون ذلك حركت إيران قطعا من أسطولها باتجاه الخليج، وقال قائد القوات البحرية الإيرانية، أمس، إنه أرسل ست سفن حربية إلى «مياه دولية» منها خليج عدن لإظهار قدرتها على مواجهة أي تهديدات خارجية.

ونقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية هذه التصريحات عن الأميرال حبيب الله سياري، التي تأتي بعد خمسة أيام من إعلان إيران أنها أطلقت صاروخا مداه ألفا كيلومتر، مما يمكنه من الوصول إلى إسرائيل وقواعد أميركية في المنطقة. وكانت إيران ذكرت في 14 مايو(أيار) الحالي أنها أرسلت سفينتين حربيتين إلى خليج عدن لحماية ناقلات النفط التابعة لخامس أكبر دولة مصدرة للنفط الخام في العالم من هجمات القراصنة، لكن الوكالة لم تحدد ما إذا كانت السفينتان ضمن السفن الست التي تحدث عنها سياري.

وتمتد المياه الإقليمية الإيرانية بطول الخليج ومضيق هرمز وبحر عمان. وكانت إيران هددت بإغلاق مضيق هرمز، الذي تمر منه نحو 40 في المائة من شحنات النفط العالمية إذا هوجمت بسبب برنامجها النووي. وتمر نحو 20 ألف سفينة في خليج عدن سنويا متجهة إلى قناة السويس أو آتية منها. وتشير وحدة المخابرات البحرية التابعة لشركة «لويدز» للتأمين البحري، إلى أن سبعة في المائة من الاستهلاك العالمي للنفط مرت من خليج عدن عام 2007.

وذكرت وكالة أنباء «الجمهورية الإسلامية الإيرانية» أن سياري أبلغ مجموعة من مسؤولي القوات المسلحة أن «إيران أرسلت ست سفن حربية إلى المياه الدولية ومنطقة خليج عدن في تحرك لا سابق له في التاريخ من جانب البحرية الإيرانية».

وأوضح سياري أن الحفاظ على وحدة أراضي إيران في مياهها الجنوبية يتطلب «مثابرة وثبات» البحرية. واعتبر أن إرسال السفن الحربية «يدل على القدرات العسكرية المرتفعة للبلاد في مواجهة أي تهديد أجنبي في شواطئ البلاد». ولم يذكر تقرير وكالة أنباء الطلبة تهديد هجمات القراصنة. من جهة أخرى قالت وكالة الصحافة الفرنسية إن الجماعات الإيرانية المحافظة بدت، أمس، منقسمة على نفسها في ما يتعلق بتأييد الرئيس الإيراني المتشدد محمود أحمدي نجاد، الذي يعتقد أنه يحظى بدعم المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي في الانتخابات الرئاسية الشهر المقبل.

ولم تتمكن «رابطة علماء الدين المجاهدين» النافذة، من الحصول على أغلبية ثلثي أعضائها لدعم أحمدي نجاد في اقتراع جرى أمس، قبل السباق الرئاسي الذي سيجري في 12 يونيو(حزيران).

وصرح آية الله محمد رضا مهدوي كاني، رئيس الرابطة «في الاقتراع.. وبالنسبة لطرح أحمدي نجاد كمرشح لنا، توصلنا إلى غالبية، ولكن ليس أغلبية الثلثين التي تتطلبها الرابطة لتبني مواقفها». وأضاف رئيس الوزراء السابق «ولكنني شخصيا أعتبر أحمدي نجاد مرشحا أفضل وسأصوت له». من جانبها، أعلنت كتلة أصولغارايان «أصحاب المبادئ» في البرلمان الإيراني، أنها لم تتوصل إلى إجماع لدعم أحمدي نجاد. وقالت الكتلة إنه «من بين 170 من أعضاء الكتلة الذين شاركوا في الاقتراع الذي أجريناه الليلة الماضية، صوت 80 لصالح (التصويت لأحمدي نجاد) بينما صوت 75 ضد ذلك». إلا أن أحمدي نجاد حصل على تأييد بعض الجماعات المحافظة في الجمهورية الإسلامية. ففي أبريل (نيسان)، أعرب «أتباع خط الإمام والزعيم» المؤلف من 14 حزبا محافظا، عن دعمه للرئيس الحالي.

كما ألقت رابطة علماء الدين في مدارس قم المحافظة، هذا الشهر، بثقلها وراء أحمدي نجاد، رغم أن الدعم له لم يكن بالإجماع.

والأسبوع الماضي صرح خامنئي علنا بدعمه لأحمدي نجاد وحث الناخبين على عدم اختيار مرشح يمكن أن يتبنى موقفا مواليا للغرب. ويتنافس في هذه الانتخابات، إضافة إلى حسين مير موسوي، الرئيس السابق للبرلمان مهدي كروبي، والقائد السابق للحرس الثوري محسن رضائي، والرئيس محمود أحمدي نجاد.