السعودية تحذر من قفزة سعرية للنفط ما لم تستثمر الصناعة في مشروعات جديدة

صندوق النقد: ارتفاع الأسعار يشير إلى تحسن الاقتصاد العالمي

TT

توقع وزير البترول السعودي علي النعيمي أول من أمس أن العالم قد يشهد قفزة جديدة في أسعار النفط تماثل، وربما تكون أسوأ مما حدث في صيف عام 2008، ما لم تستثمر الصناعة في مشروعات جديدة لتعزيز الطاقة الإنتاجية.

وقال الوزير في تصريحات لقمة مسؤولي الطاقة في مجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى في روما «إن صناعة النفط تواجه تقلبات في الطلب، وانخفاضا ملموسا في الأسعار، ولكن السوق تعكس حاليا التباطؤ الاقتصادي العالمي، ولا تعد مؤشرا على ما سيحدث مستقبلا». وبحسب «رويترز»، أضاف أن «السعودية تواصل تركيزها على المدى البعيد، ولا تتأثر بتقلبات الظروف قصيرة الأجل»، ثم أضاف أنه «ما لم يبدأ الآخرون في الاستثمار بشكل مماثل في مشروعات جديدة لزيادة الطاقة الإنتاجية، فقد يشهد العالم خلال ما بين عامين وثلاثة أعوام قفزة سعرية جديدة مماثلة لما حدث من قبل، وربما تكون أسوأ».

وذكر النعيمي أن هبوط الأسعار وضعف الطلب وراء تقلص الاستثمار في مشروعات الطاقة، وأن ارتفاع تكلفة تطوير الحقول، وشح أسواق الائتمان تسببا في تفاقم المشكلة. وقال «إن سياسات الطاقة الداعية إلى التحول السريع بعيدا عن النفط إلى بدائل غير مؤكدة تعزز أيضا أجواء التشكك ومخاطر الاستثمار، وإن غياب الوضوح في سياسات الطاقة قد يؤدي إلى تفاقم مشكلة ضعف الاستثمارات».

وتابع الوزير بأنه «يتعين على الدول المستهلكة والمنتجة العمل معا من أجل تحسين الشفافية في أسواق النفط، وبحث ما إذا كانت هناك حاجة لتعزيز دور الحكومات في تنظيم الأسواق».

ومن ناحية أخرى، أفاد مسؤول بارز في صندوق النقد الدولي أول من أمس، خلال الاجتماع أيضا، بأن الارتفاع الأخير لأسعار النفط يشير إلى شعور بأن أشد فترات التراجع الاقتصادي العالمي «قد انتهت». وقال النائب الأول لمدير صندوق النقد الدولي جون ليبسكي «إن أسعار النفط قد ارتفعت في الأسابيع القليلة الماضية، لتصل إلى نحو 60 دولارا للبرميل، وهو «ما يعكس تحسنا عاما»، ومن بينه النمو في الصين». وأشار أيضا إلى أن ارتفاع الأسعار قد نشأ عن «التوقعات بأن انكماش الطلب على النفط قد يصل إلى أقصى درجاته في المستقبل القريب». وحث ليبسكي صناع السياسة إلى البحث عن وسائل لتقليل تذبذب أسعار النفط وتبعاته على الاقتصاد العالمي. وقال إن «التغيرات السريعة لأسعار النفط تلحق أضرارا بكل من النمو العالمي، والاستقرار المالي والاقتصادي العالمي». وقال إن صناع السياسة ينبغي أن «يعالجوا العوامل الأساسية التي تتسبب في تقلبات كبيرة في أسعار النفط». وجاءت تصريحات ليبسكي خلال جلسة لتجمع روما الذي يضم ممثلين عن مجموعة الثماني التي تتألف من الولايات المتحدة، واليابان، وألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا، وإيطاليا، وكندا، وروسيا. كما حضر الاجتماع، الذي انتهت فعالياته أمس، مسؤولو قطاع الطاقة في اقتصادات صاعدة، مثل البرازيل، والصين، ومصر، والهند، والمملكة العربية السعودية، وجنوب أفريقيا.

وتصدر جدول أعمال الاجتماع أيضا الحاجة إلى حماية أمن الطاقة العالمي، باعتباره أداة لتعزيز التعافي الاقتصادي العالمي، وكذلك جرت مناقشات بشأن التكنولوجيات النظيفة الجديدة، لزيادة كفاءة استخدام الطاقة وترشيدها، وخفض الانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري. وكانت وكالة الطاقة الدولية قد أصدرت تقديرات أول من أمس الأحد خلال الاجتماع بأن من المتوقع أن يكون استهلاك الطاقة الكهربائية عالميا قد انكمش بنسبة 3.5 في المائة خلال العام الماضي في أول تراجع منذ بدء العمل بتسجيل البيانات بعد الحرب العالمية الثانية.

ويهدف اجتماع وزراء طاقة مجموعة الثماني إلى تحديد استراتيجية مشتركة في مجال الطاقة، على أن يتم عرضها في قمة المجموعة المقررة في لاكويلا بإيطاليا في يوليو (تموز) المقبل. وفي نفس السياق، ذكرت صحيفة إيرانية أول من أمس أن مندوب إيران الدائم لدى أوبك قال إنه من المستبعد بدرجة كبيرة أن يتفق وزراء «أوبك» على خفض إنتاجهم مرة أخرى في اجتماعهم المقرر يوم 28 من الشهر الحالي.

ونقلت صحيفة «هامشهري» الإيرانية عن محمد علي خطيبي قوله «استنادا إلى المؤشرات القائمة، يبدو احتمال خفض إنتاج «أوبك» في اجتماعها بعيدا للغاية». وأضاف خطيبي «لكن في ضوء ظروف السوق الراهنة، فإن فرص اتخاذ الدول الأعضاء في المنظمة لأي قرارات قائمة».

وكان خطيبي قد أوضح في الأيام القليلة الماضية رأيه في أن الإنتاج يجب أن يخفض مرة أخرى، بسبب ارتفاع المخزونات. وقال للصحيفة «إن أعضاء آخرين في المنظمة يعارضون هذه الخطوة من أجل دعم انتعاش الاقتصاد العالمي». وأضاف «الدول المنتجة يجب أن تعطي الأولوية لمصالحها على مصالح الدول المستهلكة». واتفقت «أوبك» على خفض الإنتاج منذ سبتمبر (أيلول) الماضي بمقدار نحو 4.2 مليون برميل يوميا، أي بنحو 5 في المائة من الإمدادات العالمية. ويقدر أنها التزمت بهذه التخفيضات بنسبة 80 في المائة حتى الآن، ولكن في حين ارتفعت أسعار الخام إلى نحو مثليها عن أدنى مستوياتها في ديسمبر (كانون الأول)، إلا أنها ظلت أقل بنحو 60 في المائة من ذروتها فوق 147 دولارا للبرميل في الصيف الماضي. وأعلنت منظمة الدول المصدرة للبترول، التي تتخذ من فيينا مقرا لها، أول من أمس أن سعر سلة خامات المنظمة سجل ارتفاعا آخر في الجمعة الماضية، وذلك قبل اجتماع وزراء النفط في وقت لاحق من الأسبوع الحالي. واستقر سعر برميل خام نفط «أوبك»، (159 لترا)، عند 58.75 دولار في الجمعة الماضية، مقارنة بسعر 58.32 دولار التي تم تسجيلها في اليوم الذي سبقه.