محافظ مؤسسة النقد: أرصدة السعودية في الخارج في وضع آمن

الجاسر أعلن عن دراسة لوضع ضوابط إصدار تصاريح الصرافين

الجاسر خلال اللقاء أمس (تصوير: غازي مهدي)
TT

أعلن الدكتور محمد بن سليمان الجاسر، محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي، عن تراجع نسبة الدين العام خلال الأعوام القليلة الماضية إلى أقل من 15 في المائة، مقارنة بما يزيد عن مائة في المائة في عام 1999 ميلادية. وأعلن محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي خلال جلسة نقاش جمعته بمجموعة من رجال الأعمال بغرفتي جدة ومكة المكرمة، في الغرفة التجارية الصناعية بجدة، عن دراسة لوضع ضوابط لإصدار تصاريح الصرافين، تمهيدا لإقرارها وتنفيذها خلال الفترة القليلة القادمة.

وأضاف أن النفط لا يزال المحرك الأول للاقتصاد السعودي، على الرغم من التطور الملحوظ في المنتجات غير النفطية، والتطور الملحوظ في نشاط القطاع الخاص، ولذلك يتأثر الاقتصاد ـ بشكل كبير ـ بتطورات السوق العالمية للنفط الخام. وأشار إلى أن النمو الاقتصادي في المملكة أكثر تقلبا مما هو عليه الحال في اقتصاديات أخرى أكثر تنوعا في قواعدها الإنتاجية.

وأضاف الجاسر أن سياسة المملكة المالية تهدف إلى خفض تقلبات النمو المرتبطة بشكل رئيسي بتقلبات أسواق النفط، من خلال العمل بشكل معاكس للدورات الاقتصادية، والحرص على مواصلة مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وقال «في الأوقات التي تتحسن فيها إيرادات الصادرات النفطية، تقوم الحكومة بإدارة فائض الميزانية نحو بناء الوفورات المالية، وإطفاء جزء من الدين العام. وندرك أنه لو تم إنفاق كامل عائدات النفط، فربما تتجاوز النفقات في بعض السنوات ـ خاصة الأخيرة منها ـ القدرة الاستيعابية للاقتصاد؛ مما قد يؤدي إلى تفاقم الضغوط التضخمية. وأبرز مثال على ذلك ما حصل في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات الميلادية من القرن الماضي. وفي المقابل، عندما تنخفض عائدات النفط، تحقق الدولة عجزا في ماليتها العامة، ربما أدى إلى ارتفاع حجم مديونيتها، أو استخدام جزء من وفورات الأعوام السابقة، بهدف المحافظة على وتيرة النمو الاقتصادي، واستمرار جهود تنويع القاعدة الاقتصادية»،مشيرا إلى ثبات سعر صرف الريال مقابل الدولار منذ منتصف عام 1986م حتى وقتنا الحالي. وتعزى تلك السياسة إلى أن معظم صادرات المملكة وقدرا كبيرا من وارداتها يتم تسعيرها بالدولار.

وفيما يخص شركات التأمين، فإن «شركات التأمين بخير، وملاءتها المالية جيدة، وتنمو بشكل جيد، وبالطبع لن تكون بنفس الوتيرة، بناء على اختلاف ومهنية إداراتها القائمة، الأمر الذي سيوجد التباين، ولن أُفاجأ إذا حصلت اندماجات بين بعض شركات التأمين خلال سنة أو سنتين، لكن يجب التروي وعدم الحكم على هذه التجربة بهذه السرعة، فالقطاع واعد، ويبشر بخير».

وأضاف أن «قطاع التأمين يعتبر وليدا بالنسبة للسعودية، وقبل أن يجري أو يتجول، عليه الحبو والتدرج في النمو، حتى يمكننا الحكم عليه، لكن أعتقد أن قطاع التأمين حقق نقلات نوعية ممتازة، رغم كل المصاعب التي واجهته كقطاع جديد، وهناك عدد جيد من الشركات، ومنافسة قوية بينها في تقديم المنتجات المختلفة، وينافس بالجودة والتكلفة، ويسير بشكل ممتاز، والعاملون تتطور قدراتهم بشكل جيد، لكن هذا القطاع يحتاج إلى مزيد من التنسيق فيما بينه. والمواطن يخرج عن إطار مهامنا، لكننا ـ بحمد الله ـ وفرنا بيئة مفهومة خلال السنوات الماضية لكل من المواطن والمستثمر».

وأشار إلى أن العملة الخليجية الموحدة تسير بشكل جيد، ولكنه استدرك قائلا «لن نستعجل عليها، وما تحقق في السنوات الماضية يبشر بالخير، وهناك متطلبات نسعى لتحقيقها وتذليل كل الصعاب»، وأبان أن انسحاب دولة الإمارات لن يؤثر عليها.

وعن محفزات البنوك السعودية، قال الجاسر ««الجوع» هو المحفز لأي جائع. والجوع للبنوك هو الربح الذي يعد المحفز، وهي لا تربح عندما تحتفظ بأموالها، لذلك هي ليست في حاجة إلى مؤسسة النقد، ولا غيرها لدفعها إلى الربح».

كما أكد الجاسر على أن دخول البنوك الأجنبية إلى السعودية جاء بناء على متطلبات الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، وأن دخولها لم يؤثر على البنوك المحلية، بل زاد في حجم المنافسة، مشيرا إلى أن المصارف السعودية أيضا بدأت تستثمر في الخارج.

وأضاف «لكن يجب على البنوك نصح رجال الأعمال والمستثمرين في حال طلب تمويلات في أوقات غير مناسبة، وفيها نسبة مخاطرة عالية، كما أن البنوك تعمل في ودائع الناس. ولهذا، لا يجوز لنا ـ كجهة إشرافية ـ التدخل في إجبار البنوك على التمويل». واعتبر الجاسر أن نسبة الإقراض خلال عام 2008م كانت هائلة بكل المعايير الاقتصادية، وما زالت. ووفقا لمعلومات شهر مارس (آيار) الماضي، تشهد نموا في عمليات الإقراض بنسبة 16 في المائة، عنها في العام الماضي.

كما نبه إلى أن فتح حسابات مؤقتة لزوار المملكة من الحجيج وغيرهم من الزائرين أمر غاية في الصعوبة لدواع أمنية، وأن الطريقة الأفضل لهم هي في استخدام البطاقات الائتمانية. وفي موضوع ذي صلة، شدد الجاسر على أن تجربة مؤسسة النقد العربي السعودي باستخدام متطلبات الاحتياطي النظامي للودائع، والتعليمات الاحترازية الخاصة بنسبة القروض إلى الودائع، والربط بين القروض الشخصية ومستوى دخل الفرد الذي يمكن التصرف به، حققت النتيجة المرجوة، وهي الحد من التوسع الائتماني المفرط أوقات الطفرة. واستدرك «إلا أن ذلك تغير في الربع الأخير من العام الماضي، بسبب تغير الظروف، ولحماية الاقتصاد من تداعيات الأزمة المالية العالمية، فمنذ أكتوبر (تشرين الأول) 2008م بدأت مؤسسة النقد العربي السعودي في تخفيض قيود السياسة النقدية بشكل غير مسبوق، عن طريق خفض معدلات الفائدة ومتطلبات الاحتياطي النظامي، إضافة إلى وضع ودائع لدى البنوك المحلية لتعزيز مستوى السيولة، وترسيخ مستوى ثقة المستثمرين والمدخرين في النظام المالي المحلي، وضمان عدم تأثر البنوك المحلية بشكل ملموس بأزمة الائتمان العالمي».

وبين أن نسبة قروض القطاع المصرفي للقطاع الخاص إلى الناتج المحلي الإجمالي تمثل حوالي 43 في المائة، ونسبة القروض الشخصية إلى الناتج المحلي الإجمالي تقارب 10 في المائة.

وأكد أن هناك أدوات إضافية للتأثير على سيولة النظام، مثل متطلبات الاحتياطي، ومقايضات النقد الأجنبي للتأثير على الأوضاع النقدية المحلية بما يخدم ويتلاءم مع احتياطات النشاط الاقتصادي، ويساعد على استقرار مسيرة التنمية.

كما بين محافظ مؤسسة النقد أن الأداة الثالثة لمواجهة تقلبات الدورة الاقتصادية هي الإشراف على النظام المصرفي، فعلى عكس الأداتين السابقتين، لا يمكن تغيير الرقابة المصرفية بشكل يومي، ولكن ما يمكن عمله هو الحيلولة دون خروج آثار التقلبات الاقتصادية في النشاط الائتماني عن السيطرة.