مطالب خليجية باستقطاب الأموال المهاجرة ودعوة للتوسع في التصنيع الغذائي

خبراء في لقاء جمعية الاقتصاد السعودية: إصدار العملة الخليجية ليس ضرورة ملحة لقيام الوحدة الاقتصادية

TT

طالب تجمع عُقد في العاصمة السعودية أمس بضرورة استعادة الأموال الخليجية المهاجرة في الخارج للاستفادة منها في مشاريع التنمية التي يتصدرها ضرورة التوسع في التصنيع الغذائي، مفصحة أن إصدار العملة الموحدة ليس ضرورة ملحة تتطلبها الوحدة الاقتصادية في منطقة الخليج.

وأفصح المشاركون في لقاء الجمعية السعودية للاقتصاد من بينهم الدكتور عبد الرحمن السلطان الأستاذ المشارك في قسم الاقتصاد والإدارة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أن التجارب السابقة والمتطلبات الاقتصادية الفنية لا تتطلب بالضرورة إصدار عملة موحدة لمنظومة دول مجلس التعاون.

وأضاف السلطان خلال جلسة «الوحدة النقدية لدول مجلس التعاون وأسعار الصرف والسياسات النقدية» أن مشروع الوحدة الاقتصادية يمكنه أن يقوم دون توحيد العملة على اعتبار أنها تفتقر إلى أدنى معايير العملة «المثلى» بخلاف الوضع لدى الاتحاد الأوربي، مفيدا أن ذلك يقلل من التأثيرات السلبية المتصورة، إن لم تكن تنعدم تماما على مشروع الوحدة الاقتصادية.

وزاد السلطان: «إصدار عملة خليجية للتكامل الاقتصادي ليس ضرورة، ولكن يكفي الاتفاق على سياسة الربط بعملة أو سلة عملات بحيث يمكن تطبيقها في بلدان الكتلة الاقتصادية»، مشددا على أهمية التركيز على مراحل الوحدة بدلا من الاهتمام أو تعطيل المشروع بانتظار ربط العملة.

مقابل ذلك، دعا الدكتور عبد الرحمن الزامل رئيس مجلس إدارة مجموعة الزامل في مداخلة له بضرورة استقطاب مزيد من رؤوس الأموال الخليجية إلى المنطقة والاستفادة منها عبر تفعيلها بالطريقة الأسلم واستغلالها في الاقتصاد الحقيقي جنبا إلى جنب مع زيادة الحوافز من قِبل حكومات دول الخليج عدا السعودية التي تُعتبر الأبرز على هذا الصعيد حتى الآن.

أمام ذلك، طالب الدكتور محمد سيد شحاتة والدكتور محمد النعيم من كلية العلوم الزراعية والأغذية بجامعة الملك فيصل (شرقي السعودية) بتبني سياسة التصنيع الغذائي واعتبارها ضمن الاستراتيجيات الهامّة في دول الخليج. وذكر شحاتة والنعيم في ورقة عمل مشتركة ألقيت في جلسة «السوق الخليجية المشتركة وفرص الاستثمار»، أن الاقتصاد الزراعي يمثل فرصة استثمارية واعدة في إقليم الخليج العربي وسط ما تثبته الإحصائيات والأرقام الرسمية المدعومة بالجدوى الاقتصادية.

وأضافا أن هناك متوسط عجز في الميزان التجاري الزراعي والغذائي يقدر بـ11.4 مليار دولار، بينما تبلغ نسبة تغطية الصادرات للواردات الغذائية 16.2 في المائة في وقت تتصدر فيه مجموعة الحبوب قائمة الطلب على واردات السلع الغذائية بقيمة 2.2 مليار دولار تمثل 28 في المائة من إجمالي الواردات.

وأبان الباحثان أن الأرز يحتل ثانيا من حيث الواردات فالشعير ثم اللحوم البيضاء والحمراء قبل أن تأتي الألبان، مفصحين عن أن أهم السلع الغذائية المصدرة من الخليج هي السكّر المكرر بقيمة 330 مليون دولار، يليها الزيوت، في وقت دعا فيه إلى العمل على زيادة التكامل بين دول المجلس في القطاع الزراعي وضرورة الاهتمام بالتوسع في التصنيع الغذائي.

من ناحيته حدد الدكتور علي حبيب بو خمسين مدير مكتب التنمية والتطوير للاستشارات الاقتصادية والإدارية فرص الاستثمار المشترك في دول مجلس التعاون في 5 قطاعات: صناعات النفط والغاز، وصناعة التعدين، وصناعة النخيل والمشتقات المرتبطة بها، وقطاع الثروة البحرية والسمكية والصناعات المساندة، وأخير قطاع السياحة والخدمات التابعة لها.

وقال بو خمسين إنه تبين من خلال تقييم الوضع الحالي للاستفادة من الفرص الاقتصادية بشكل عام عدم الاهتمام بسبب عدم إدراك الحكم الاقتصادي الهائل لتلك الفرص الاستثمارية المتاحة ولمدى العائد المرتقب من الاستثمار فيها، بينما يتم التركيز على الصناعات النفطية بشكل كبير.

وقسم بو خمسين معوقات الاستفادة من الفرص الاستثمارية في 4 عوامل: الأول طبيعي تشريعي، والثاني ندرة الكوادر البشرية، والثالث معلومات تقنية، والرابع اقتصادي يتمثل في صعود توفر رؤوس الأموال اللازمة.

وطالب بو خمسين بتصميم استراتيجية خليجية موحدة ومشتركة تكفل الوصول إلى استثمار اقتصادي خليجي من الفرص الكبيرة المتاحة في اقتصاداتها بما يحقق أهداف تدعم النمو المأمول.

من ناحية أخرى، يوضح إبراهيم القرناس مساعد الأمين العام لمجلس الغرف السعودية في ورقة عمل حملت عنوان «دور القطاع الخاص وأجهزته المؤسسية في مسيرة التكامل الاقتصادي الخليجي»، أن الإمارات تتصدر دول الخليج من حيث عدد المشاريع حيث تحوي 801 من المشروعات الخليجية المشتركة، تليها السعودية التي بدورها تحتل المركز الأول من حيث قيمة رؤوس الأموال في المشاريع الخليجية بما يفوق 5.6 مليار دولار.

وطالب القرناس بضرورة إشراك القطاع الخاص في القرارات المتعلقة بمسيرة التكامل الاقتصادي جنبا إلى جنب مع دعم بناء التحالفات والشركات بين شركات القطاع الخاص للاستفادة من المشروعات العملاقة، مفيدا ضمن ورقته بأهمية الحد من تركيز القطاع الخاص على توظيف العمالة الرخيصة وإهمال الاستثمار في القوى البشرية الخليجية.

وشدد القرناس على أهمية الابتعاد عن التنافس لتجاذب الكوادر الماهرة من خلال المرتبات باعتبارها طريقة غير صحية لتنمية القطاع الخاص داعيا في الوقت ذاته إلى ضرورة توجه مجالس واتحادات الغرف في منطقة الخليج لصياغة استراتيجية القطاع الخاص حتى عام 2020 ووضع رؤية مستقبلية في ظل السوق الخليجية المشتركة.