شركات تسوق خدمات حماية السفن.. ومسؤول ملاحي يعتبر الأسعار مرتفعة

إلغاء مؤتمر حول القراصنة في القاهرة في آخر لحظة

نائب رئيس الوزراء ووزير الصيد والموارد البحرية الصومالي عبد الرحمن عدن ابراهيم خلال مؤتمر صحافي في القاهرة امس (أ ف ب)
TT

فيما تتنافس شركات أمن بريطانية وأميركية خاصة فيما بينها، في محاولة لتسويق إمكانياتها وقدراتها على حماية حركة الملاحة التجارية الدولية في منطقة المحيط الهندي وخليج عدن، ألغي أمس فجأة مؤتمر دولي، كان يفترض أن يعقد أمس برعاية شركة أميركية ـ مصرية مشتركة، للبحث في كيفية مكافحة ظاهرة القرصنة، التي يتصاعد خطرها قبالة السواحل الصومالية.

وقال مسؤول لشركة ملاحة مصرية لـ«الشرق الأوسط» إن شركته، التي تعتبر من كبريات شركات القطاع الخاص، تلقت أخيرا عرضا من مكتب تابع لشركة أمن بريطانية في مدينة عدن اليمنية لحماية رحلات السفن المملوكة للشركة والمارة بالصومال مقابل 150 ألف دولار أميركي.

وأوضح المسؤول المصري، الذي طلب عدم تعريفه، أن شركته رفضت العرض لارتفاع التكلفة المالية، مشيرا إلى أن الشركة قد تقرر قبوله إذا كان منخفضا بنحو النصف عن القيمة المطلوبة.

وأضاف: «يطلبون (الشركات) ثمنا باهظا لفاتورة أمن وحماية السفن، لا نستطيع أن ندفع هذا المبلغ مقابل الرحلة البحرية الواحدة، هذا يعني باختصار أنهم يسعون لاقتسام المكاسب معنا»، لافتا إلى أن شركته كانت واحدة من بين نحو 30 شركة ملاحة مصرية وعربية على الأقل تلقت العرض نفسه.

وقال مسؤول مصري لـ«الشرق الأوسط» إن حكومته على علم بهذه العروض، لكنه امتنع عن تحديد موقف الحكومة منها، علما بأن السلطات المصرية ما زالت تنصح سفن الصيد والتجارة، التي تحمل أعلاما مصرية، بتجنب المرور في منطقة المحيط الهندي وخليج عدن لتجنب هجمات القراصنة.

وعرضت الشركات إمكانية تخصيص قوة مسلحة صغيرة يقدر عددها بنحو 20 رجلا جيدي التدريب والإعداد لتولى الدفاع عن السفن في حال تعرضها لهجوم القراصنة الصوماليين.

وقال مسؤول بشركة أميركية تسعى لفتح مجال لعملها في المنطقة العربية: الفكرة هي توفير طواقم حماية مسلحة بكفاءة عالية لمنع تعرض السفن لعمليات الخطف، إنه أمر أشبه بصعود أفراد أمن سريين إلى الطائرات، لكنهم هنا مرئيون للجميع.

لكن مصادر على صلة بالقراصنة قالت في المقابل لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الفكرة تبقى محدودة وغير فعالة لردع القراصنة، موضحة أنه عمليا لن يحدث أي تغيير إذا ما هدد الخاطفون المحتملون السفينة بضربها بصاروخ «أر.بي.جي» أو قذيفة هاون لإجبارها على التوقف.

واعتبر قرصان صومالي في اتصال هاتفي من مكان غير معلوم في إقليم البونت لاند (أرض اللبان) بشمال شرق الصومال، حيث معقل القراصنة «أن ما وصفه بالحماية الأمنية الطفولية لن تكبح جماح آلاف القراصنة المتأهبين لخطف السفن قبالة السواحل الصومالية».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «قائد السفينة التي قد تتعرض للتهديد لن يغامر بسلامتها وسلامة حمولتها وأرواح من معه لمجرد أن معه قوة مسلحة، بإمكان القراصنة تجميع عشرات القوارب الصغيرة والسريعة المحملة بالمزيد من زملائهم في غضون خمس دقائق فقط من بدء عملية الخطف».

وأعرب عن اعتقاده بأن تعرض القراصنة لهجوم مسلح من قبل مسلحين على متن السفن التي تمثل أهدافا للخطف قد يزيدهم شراسة وخطورة في آن واحد.

وأضاف «ليس لدينا ما نخسره، إذا تعرضنا لهجوم بالطبع سنرد بشكل مضاعف، الأمر هنا يختلف عن تدخل القوات الدولية المحتشدة قبالة السواحل الصومالية». ولجأت شركات ملاحية في المنطقة إلى توقيف رحلاتها مؤقتا لتفادي التعرض للخطف وعمليات القرصنة من قبل المسلحين، الذين أحالوا سواحل الصومال مترامية الأطراف، والبالغ طولها نحو 3 آلاف كيلو متر، إلى ما يشبه المعتقل البحري المفتوح للسفن المخطوفة.

وطبقا لتقديرات مركز مساعدة البحارة، الذي يتخذ من العاصمة الكينية نيروبي مقرا له، فإن 16 سفينة محتجزة حاليا في المياه الإقليمية للصومال وعلى متنها نحو 220 بحارا من جنسيات مختلفة من بينهم 44 فقط من الفلبين.

وتسعى شركات الملاحة إلى البحث عن بديل للتعرض للخطف ومن ثم المساومة لدفع فديات مالية كبيرة مقابل إطلاق سراح السفن المخطوفة وطواقمها البحرية.

لكن البدائل، على ما يبدو، غير متاحة بكثرة، على نحو يهدد عمل هذه الشركات بالتوقف إلى أجل غير مسمى.

بموازاة ذلك، رفضت السلطات المصرية انعقاد مؤتمر كان يفترض أن يناقش في القاهرة، أمس، استراتيجيات وسياسات مكافحة القرصنة، من دون أي إعلان رسمي.

وعلى الرغم من حضور وزيرين في الحكومة الانتقالية الصومالية على صلة بملف الثروة البحرية والمياه، فإن المؤتمر الذي كان يفترض أن يكون قمة دولية تم إلغاؤه في اللحظات الأخيرة وسط ذهول المدعوين للمشاركة.

وقال محمد زايد، رئيس شركة «فينكس» الأميركية المنظمة للمؤتمر لـ«الشرق الأوسط»، إن قرار الإلغاء يعني تكبده خسارة مالية تتجاوز مبلغ النصف مليون جنيه مصري، لكنه أكد، في المقابل، أن السلطات المصرية لا تتحمل مسؤولية الإلغاء وإنما إدارة الفندق الذي كان سيستضيف المؤتمر بفندق شهير بأحد المراكز التجارية المعروفة بضاحية مدينة نصر شرقي القاهرة.

وكانت وزارة الخارجية المصرية قد نزعت في وقت سابق الطابع الرسمي عن المؤتمر، ونفت في بيان لها مشاركة الحكومة المصرية في أية ترتيبات لعقده.