قانون مبدئي في الكنيست بسجن من يعترض على اعتبار إسرائيل.. دولة يهودية

حظي بتأييد أغلبية نواب الحكومة.. وامتنع العمل عن التصويت وعارضته الكتل العربية وأعضاء «ميريتس» و«كاديما»

TT

في سباق بين نواب اليمين الحاكم في إسرائيل على «من يكون أكثر عداء للعرب»، أقر الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) أمس مشروع قانون أولي يقضي بحبس كل مواطن يعترض على اعتبار إسرائيل «دولة يهودية ديمقراطية»، لمدة سنة.

وبادر إلى طرح القانون وزير التعليم الأسبق النائب زبولون أورليف، من حزب «البيت اليهودي»، وهو حزب ديني صغير يمثل المستوطنين اليهود في الضفة الغربية وغيرهم من الصهيونيين المتدينين، ويشارك في الائتلاف الحكومي. وقد أثار مشروعه غضبا عارما في صفوف النواب من الأحزاب العربية الوطنية في إسرائيل (فلسطينيي 48)، وكذلك في صفوف نواب اليسار الصهيوني. وتحول البحث إلى صخب كبير وفوضى وتم طرد النائب جمال زحالقة رئيس حزب «التجمع الوطني» من القاعة خلال البحث. وحظي المشروع بتأييد أغلبية نواب الائتلاف الحكومي (47 مقابل 34 صوتا)، فيما امتنع نواب حزب «العمل» عن التصويت وغادروا القاعة تعبيرا عن رفضهم. وقد عارضته الكتل العربية وأعضاء حزبَي «ميريتس» و«كاديما» المعارضة.

وينص القانون على أن أي تعبير عن معارضة الدولة اليهودية من شأنه أن يؤدي إلى كراهية أو تحقير أو حنث الولاء للدولة ومؤسساتها، يعتبر مخالفة جنائية يعاقَب عليها بالسجن لمدة سنة. وخلال تقديمه للقانون هاجم أورليف الدكتور عزمي بشارة، مؤسس حزب «التجمع»، قائلا إنه برهان على أن الكلام يمكن أن يتحول بسهولة إلى فعل معاد للدولة، حيث إنه كان يتكلم ضد يهودية إسرائيل ثم راح يسافر إلى دول معادية لإسرائيل مثل سورية ولبنان وما فتئ يخدم هذه الدول ويتورط في شبهات حول تسريب معلومات للعدو خلال الحرب، ثم هرب من يد العدالة. وادّعى أورليف أنه يريد بهذا القانون منع المواطنين العرب في إسرائيل من الانجرار وراء بشارة وأمثاله بالمواقف المناهضة للدولة اليهودية.

ووصف النائب د. جمال زحالقة، رئيس كتلة التجمع في الكنيست، القانون بأنه عنصري وينسف أبسط مبادئ الحقوق الديمقراطية، وأن معناه سجن كل من يطالب بالديمقراطية الحقيقية في إطار دولة لكل المواطنين، وتطبيقه يعني في ما يعنيه سجن عشرات المحاضرين الجامعيين والمفكرين والسياسيين من العرب واليهود الذي يطرحون مشاريع بديلة للدولة اليهودية، مثل: دولة لكل المواطنين، ودولة ثنائية القومية...

وأضاف زحالقة أن هذا القانون يتطلب تشكيل شرطة لملاحقة الفكر، وتحليل ما يكتبه الناس في الصحف والكتب لمعاقبتهم إذا لم تكن أفكارهم ملائمة لفكر الدولة اليهودية.

وقال النائب حايم أورون، رئيس حزب «ميرتس»، إنه شخصيا يرى في إسرائيل دولة يهودية ديمقراطية، ويعتقد أن المعارضين لذلك مخطئون. ولكنه يرفض معاقبتهم ويعتقد أن مؤيدي هذا القانون هم أناس فقدوا الثقة في النفس وفقدوا الثقة في إسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية، ويفتشون عن وسائل مصطنعة لتثبيت رؤيتهم لما هو مفروغ منه.

وبعد التصويت على القانون، وقعت مشادة كلامية حادة بين النائب د. جمال زحالقة ونواب اليمين من «الليكود» و«الاتحاد القومي» و«البيت اليهودي» الذين وصفوه بـ«الإرهابي»، في حين اتهم زحالقة الحكومة وأحزابها بالعنصرية، قائلا: «أنتم تقدمون قوانين عنصرية كل يوم، حكومتكم هي حكومة هوس عنصري». وصرخ النائب اريه الداد: «إذا لم يعجبك الوضع اخرج وهاجر»، فردّ عليه زحالقة: «نحن الأصل ونحن أهل البلاد، وأنت وأمثالك مهاجرون إلى بلادنا، سنبقى على صدوركم شوكة في حلوقكم». وقام رئيس الكنيست بإبعاد النائب زحالقة متجاهلا صراخ نواب اليمين وكلامهم.

ودعا النائب عن الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، عفو اغبارية، حكومة إسرائيل إلى استئجار سجن غوانتانامو الأميركي، لأنه في أعقاب هذا القانون لن يبقى مكان في السجون الإسرائيلية يعتقلون فيه «المخالفين».

وكان عشرات من نشطاء السلام اليهود، قد تظاهروا أمس قبالة الكنيست، احتجاجا على سيل القوانين العنصرية الذي يتدفق على الكنيست بدعم من الحكومة، وأبرزها القانون الذي يمنع إحياء ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني.

وجاءت المبادرة من «التحالف ضد العنصرية»، ورفع المتظاهرون شعارات باللغات الثلاث العبرية والإنجليزية والعربية، ومن بينها: «أنا أيضا أحيي ذكرى النكبة» و«لا نريدها دولة عنصرية». وحيّا النائب محمد بركة، رئيس الجبهة المذكورة، المتظاهرين، قائلا إن هذه التظاهرة تُبرِز الصوت الآخر في المجتمع اليهودي، الذي للأسف حجمه صغير نسبيا، ولكنه جريء ويتوجب علينا دعمه، لأنهم يحملون رسالتنا إلى داخل المجتمع اليهودي، ويعملون على نقل فكر وموقف آخر، مناقض للموقف العنصري السائد للأسف في الشارع اليهودي. وتابع بركة قائلا إن العنصرية لا تقتصر على الشارع الإسرائيلي وأروقة الحكم، بل باتت وسيلة لشهرة السياسيين، فكل من يسعى للشهرة وضمان بقاء وجوده على الساحة السياسية، عليه أن يدلي بدلوه أيضا في القوانين والحملة العنصرية ضد الجماهير العربية في البلاد، وتلك التي تعزز الاحتلال وجرائمه على مختلف أنواعها.