«سجناء الفقر» ينتظرون حماية الحكومات في ظل الأزمة الاقتصادية

«العفو الدولية» تعلن تبنيها قضايا الفقراء بعد السجناء السياسيين

TT

انطلقت من العاصمة البريطانية، أمس، دعوة لحماية الفقراء «المعتقلين» في فقرهم، ليصبح مصطلح «سجناء الفقر» راية جديدة تحملها منظمة «العفو الدولية»، ولتنضم إلى رايات الدفاع عن «سجناء الضمير» و«سجناء الرأي». واعتبرت الأمينة العامة لمنظمة «العفو الدولية» إيرين خان، أن «الفقر قنبلة موقوتة» على العالم أن يتعامل معها، مضيفة في مؤتمر صحافي، أمس، أن الذين يعانون من الفقر هم أشبه بـ«سجناء» في واقعهم الصعب، ويتعرضون لانتهاكات أكثر من غيرهم في حقوق الإنسان. ومنذ أن تبلورت الأزمة الاقتصادية العالمية، يزداد الخوف من تأثيرها على الطبقات الأضعف في العالم. واختارت المنظمة الدولية تسليط الضوء على الضعفاء والفقراء في مواجهة الأزمة الاقتصادية في تقريرها السنوي لعام 2009، معتبرة أن مواجهة الأزمة الاقتصادية يجب أن تعتمد على حقوق الإنسان. وأقرت خان أن «التقرير هذا العام مختلف عن السنوات الماضية، وهذا لأننا نعيش في عالم مختلف الآن». وأضافت «يعاني بلايين البشر من انعدام الأمن والعدل والكرامة، هذه أزمة في حقوق الإنسان»، موضحة «تتعلق الأزمة بنقص الغذاء والماء والوظائف والأرض والسكن، وبتنامي انعدام المساواة وانعدام الأمن وكراهية الأجانب والعنصرية والعنف والقمع». ويأتي ذلك في وقت تسلط الأضواء على مسؤولية الدول الأعضاء في مجموعة العشرين، التي تعهدت بمواجهة الأزمة الاقتصادية، حيث أظهرت إحصاءات المنظمات الإنسانية أن 78 في المائة من أحكام الإعدام في العالم تتم في الدول الأعضاء، بينما 79 في المائة من حالات التعذيب وسوء المعاملة هي في تلك الدول نفسها. وسعت المنظمة الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان إلى أن تنتهز فرصة نشر التقرير السنوي لإرسال رسالتين، هي ـ بحسب خان ـ دعوة لـ«وضع حقوق الإنسان في صلب الخطة الاقتصادية» والتنبيه إلى أن «العالم بحاجة إلى قيادة جديدة والتزام جديد بالعمل على مكافحة الفقر». وسلطت المنظمة الضوء على الصين في تقريرها، مطالبة الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، بالضغط على بكين لاحترام حقوق الإنسان. ولفتت خان إلى أن 20 مليون عامل من المناطق الريفية في الصين فقدوا وظائفهم في المدن خلال العام الماضي بسبب الأزمة الاقتصادية، مما دفعهم للعودة إلى الأرياف في ظروف صعبة.

ويذكر أن منظمات حقوقية عدة، وخاصة تلك المدافعة عن البيئة، وجهت نداءات إلى قادة الدول العشرين ليعملوا على مواجهة الأزمة الاقتصادية من خلال الحلول العادلة التي تحمي الضعفاء والبيئة. وأثيرت تساؤلات حول تأثير هذه الحملة الجديدة على هوية منظمة «العفو الدولية» التي تعمل منذ 48 عاما على حماية حقوق السجناء وتسليط الضوء على اضطهاد حقوق الإنسان. وسألت إحدى الصحافيات خان حول ذلك، لتجيب «الفقر يشكل أزمة حقوق إنسان على نفس مستوى الاعتقالات العشوائية، نحن نعمل على حماية حقوق الإنسان ونساعد الضعفاء». وأضافت «لن نفقد هويتنا ولا مهمتنا، وهي حماية الفرد». وستنطلق حملة حماية «سجناء الفقر» من منطقة «كيبيرة» للمشردين القريبة من العاصمة الكينية نيروبي، الأسبوع المقبل. ويسكن في هذه المنطقة، التي تعتبر أكبر منطقة للمشردين في أفريقيا، مليون كيني يعتبرون من أكثر المهمشين في المنطقة، اعتبرت خان أنهم «سجناء الفقر» الذين يواجهون أكبر خطر في ظل الأزمة الاقتصادية. وعلى الرغم من اهتمام المنظمة هذا العام بالجانب الاقتصادي والمعاناة الاقتصادية للمحتاجين حول العالم، وانتهاك حقوقهم، فإن تقرير المنظمة ذكّر بالانتهاكات المختلفة في 157 دولة. وطالبت خان بالعدالة في ما يخص المساءلة والمسؤولية تجاه حقوق الإنسان، قائلة «على الولايات المتحدة ودول غربية أن تدفع بفتح تحقيق مستقل في الأمم المتحدة حول الانتهاكات الإسرائيلية في غزة، ولكن في الوقت نفسه على دول الجامعة العربية المطالبة بالعدالة في السودان». وأضافت «يجب أن تكون العدالة للجميع». وفي ما يخص الولايات المتحدة، قالت المنظمة إنه «بعد ثماني سنوات من الحكم الذي تولته في الولايات المتحدة إدارة لم تحترم القانون الدولي لحقوق الإنسان في عدد من المجالات، سادت توقعات على نطاق واسع بأن ثمة تغييرات مع تنصيب الرئيس باراك أوباما». ولكنها أردفت في تقريرها أن «سجل الإدارة الجديدة في مضمار سياسات الاعتقال المتصلة بمكافحة الإرهاب ظل يعكس مواقف متضاربة»، موضحة أن «الوعود المبكرة والخطوات المهمة الأولى التي تعهدت بتصحيح ما وقع من انتهاكات، تلاها القليل من الأفعال».