واشنطن تدرس إنشاء وكالة واحدة للتنظيم المصرفي

تشكل عنصرا محوريا في إصلاحات الإدارة في مجال التنظيمات المالية

TT

يعكف عدد من كبار مسؤولي الإدارة على دراسة فكرة إنشاء وكالة واحدة لتولي تنظيم القطاع المصرفي، بحيث تحل محل مجموعة متنوعة من الوكالات، التي أخفقت في منع المصارف من التردي في أسوأ أزمة مالية منذ «الكساد الكبير»، حسبما أفادت مصادر. ومن المعتقد أن هذه الوكالة ستشكل عنصرا محوريا في الإصلاحات الكبرى، التي تنوي الإدارة إقرارها على صعيد التنظيمات المالية، التي يأمل المسؤولون في الكشف عنها خلال الأسابيع القادمة. وتتضمن الإصلاحات إنشاء هيئة جديدة لتقدير المخاطر، التي تجابه النظام المالي، إضافة إلى تأسيس وكالة جديدة لحماية المستهلكين، طبقا لثلاثة مصادر مطلعة على الوضع. وسيتطلب إقرار معظم هذه المقترحات تمرير تشريعات. من جهتها، أعلنت جنيفر آر. بساكي، نائبة المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض أن: «الرئيس ملتزم بالتوقيع على حزمة إصلاحات تنظيمية بحلول نهاية العام. ويعكف مسؤولو البيت الأبيض ووزارة الخزانة على العمل مع الكونغرس على وضع اللمسات النهائية على مقترح، لكن لم يتم طرح مقترح نهائي، ولن يتم الإعلان عن مقترح قبل أسبوعين». وطبقا لأحد المصادر المطلعة على المناقشات، فإن عددا من كبار المسؤولين توصلوا إلى اتفاق حول جوانب الخطة. ويفضلون تخويل سلطات جديدة إلى مصرف الاحتياطي الفيدرالي، باعتباره الجهة المعنية بمخاطر تداخل رؤوس الأموال. ومن بين السلطات المقترحة الإشراف على الأسواق التي لم تخضع للتنظيم فيما مضى، مثل تجارة المشتقات، وصناديق التحوط. كما يفضل المسؤولون إنشاء وكالة جديدة لفرض قوانين حماية مستهلكي المنتجات المالية، مثل الرهون العقارية والبطاقات الائتمانية. علاوة على ذلك، يرغب المسؤولون في دمج لجنة الأوراق المالية والبورصة ولجنة التجارة في السلع المستقبلية، اللتين تتشاركان في مسؤولية حماية المستثمرين من الاحتيال. وأوضحت المصادر أن الجوانب الأخرى للخطة لا تزال قيد المناقشة. يذكر أن المصادر اشترطت عدم الكشف عن هويتها نظرا لأنه غير مصرح لها بالكشف عن تفاصيل. ومن بين الأفكار المطروحة إنشاء وكالة واحدة لتنظيم المصارف، بحيث تتولى الجهة التنظيمية الجديدة مسؤولية سلامة المصارف، وهي مسؤولية مقسمة حاليا بين المصرف الاحتياطي الفيدرالي وثلاثة وكالات أخرى: مكتب مراقبة العملة، ومكتب الرقابة الاقتصادية، وشركة تأمين الودائع الفيدرالية. ومن المحتمل أن يختفي كل من مكتب مراقبة العملة، ومكتب الرقابة الاقتصادية، بينما يتحمل كل من مصرف الاحتياطي الفيدرالي، وشركة التأمين على الودائع مسؤوليات إضافية. وطبقا للنظام الراهن، بمقدور المصارف اختيار الجهة التنظيمية التي تخضع لها. وبالنظر إلى أن كلا من: مكتب مراقبة العملة، ومكتب الرقابة الاقتصادية، وشركة التأمين على الودائع الفيدرالية، يجري تمويلها من قبل الرسوم التي تدفعها المصارف، يتوافر لدى الجهات التنظيمية حافز للتنافس على كسب نشاط تجاري من خلال طرح رقابة وإشراف أكثر لينا. كما يقسم النظام مهمة الإشراف على أكبر التكتلات المالية بين مجموعة متنوعة من الوكالات، تتحمل كل منها مسؤولية كيانات فرعية معينة، ما يخلق فجوات في التغطية، عمدت الشركات إلى استغلالها. ويعتقد الكثير من الخبراء أن أوجه القصور التنظيمية تلك أسهمت في الأزمة المالية. ويدرس المسؤولون في الوقت الراهن، إعطاء شركة التأمين على الودائع الفيدرالية سلطة مصادرة شركات مالية كبرى، مثل الشركات الأم للمصارف، للحيلولة دون انهيارها. جدير بالذكر، أن وزير الخزانة تيموثي غيتنر، ورئيس المصرف الاحتياطي الفيدرالي بين بيرنانك، اعترفا في شهادة أدليا بها أنه كان يمكن تخفيف وطأة الأزمة المالية، إذا ما تمكنت الحكومة من ممارسة مثل هذه السلطة. على سبيل المثال، كان بمقدورها تجنب الفوضى التي أعقبت إفلاس المصرف الاستثماري «ليمان برزرز»، حسبما أوضح المسؤولون. وتواجه بعض جوانب الخطة معارضة قوية بين أعضاء الكونغرس وغيرهم من المشرعين.

وكان وزير الخزانة السابق هنري بولسون، قد اقترح هيئة إشرافية موحدة على المصارف في فصل الربيع الماضي، وهو ما اعتبر تنشيطا لفكرة انتشرت في واشنطن على فترات. وكانت الوكالات التنظيمية آنذاك، وقطاع المصارف قد اعترض على مثل هذه المقترحات معارضة عنيفة.

ومن المحتمل أن تلقى الخطة معارضة شديدة من جانب الولايات، التي تتمتع حاليا بسلطة الإشراف على المصارف. من جانبه، قال إد ينغلنغ، رئيس اتحاد المصرفيين الأميركيين: «من الناحية العملية، أعتقد أن الفكرة غير ناجعة»، مضيفا أن الإدارة يتعين عليها التركيز على فكرتين تحظيان بالإجماع الأكبر: إنشاء جهة تنظيمية تعنى بمخاطر تداخل رؤوس الأموال، وهيئة تعنى بالشركات المتعثرة. وقال: «قد يكون هذا هو كل ما يمكن للكونغرس التعامل معه. بإمكانهم التقدم بالكثير من المقترحات، لكن ذلك ينطوي على مخاطرة تحميل النظام قدرا مفرطا من الأعباء». كما تجابه الخطط انتقادات قوية، حيث أعرب مشرعون بارزون عن شكوكهم حيال ما إذا كان ينبغي منح المصرف الاحتياطي الفيدرالي سلطات جديدة. ويدعو عدد من كبار المسؤولين التنظيميين، مثل رئيسة شركة التأمين على الودائع المصرفية، شيلا سي. بلير، ورئيسة لجنة الأوراق المالية والبورصة، ماري إل. شابيرو، بدلا من ذلك، إلى إنشاء مجلس من المسؤولين التنظيميين يتولى تنظيم مخاطرة تداخل رؤوس الأموال. ويمكن أن تتعثر خطة دمج كل من لجنتي التجارة في السلع المستقبلية والأوراق المالية والبورصة، بسبب الطابع الجغرافي للكونغرس، حيث تخضع الوكالتان لإشراف لجان مختلفة. على سبيل المثال، داخل مجلس النواب، تتولى لجنة الزراعة الإشراف على لجنة التجارة في السلع المستقبلية، بينما تشرف لجنة الخدمات المالية على لجنة الوراق المالية والبورصة. ولا تبدي أي من اللجنتين استعدادها للتخلي عن جزء من سلطاتها. خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»