تحذيرات من الاعتقاد بانتهاء الأزمة المالية العالمية

الخبير الذي توقع الأزمة المالية: الاقتصاد الأميركي قد يتراجع ثانية العام المقبل > براون: التجارة العالمية ستكون في خطر ما لم يتحرك العالم

المؤشرات السلبية ما زالت هي الطابع الغالب على أداء الاقتصاد العالمي
TT

قال نورييل روبيني الاقتصادي الشهير الذي توقع ظهور الأزمة المالية، إنه على الرغم من احتمال انتهاء الركود بالولايات المتحدة بنهاية العام الحالي، فإن هناك احتمال حدوث تراجع آخر العام القادم. وقال روبيني في مقابلة مع «رويترز» على هامش المنتدى الرقمي بالعاصمة الكورية سيول: «ما زلت أتوقع أن النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة سيكون سلبيا خلال الربع الأخير، وأننا سنشهد نموا إيجابيا في الربع الأول». وتابع أن الركود سيستمر ما يقرب من 24 شهرا، وأضاف: «مقارنة بالاتفاق الجماعي الحالي في الآراء على أننا نشهد نهاية الركود من الناحية العملية.. فإن رأيي هو: لا. إنه سيستمر لفترة من ستة إلى تسعة أشهر قبل أن ينتهي». وكان روبيني، الأستاذ بجامعة نيويورك ورئيس شركة «آر.جي.اي مونيتور» للأبحاث قال أول من أمس الأربعاء إن نهاية الركود العالمي قد تحدث بنهاية العام. وأثارت تصريحاته تخمينات بأن نظرته أصبحت أكثر تفاؤلا، وهو الأمر الذي نفاه خلال المقابلة. وأضاف: «في رأيي أنه مقارنة بالاتفاق الجماعي في الآراء، فإني أكثر تشاؤما». وأشار إلى مخاطر حدوث تراجع مزدوج بنهاية العام المقبل في ظل اجتماع عدد من العوامل، تشمل ارتفاع أسعار النفط وارتفاع الدين العام، وارتفاع أسعار الفائدة على العقارات، وانتشار المخاوف بشأن التضخم، وانتهاء عدد من التخفيضات الضريبية في الولايات المتحدة. يأتي هذا في وقت أفادت وزارة العمل الأميركية أمس بأن الطلبات الجديدة لإعانة البطالة في الولايات المتحدة انخفضت بواقع 13 ألف طلب الأسبوع الماضي، بينما ارتفع عدد ما يسمى بالطلبات المتواصلة إلى مستوى قياسي جديد مع تزايد تأثر سوق العمل بالركود. وأشارت الوزارة إلى أن الطلبات الجديدة لإعانة البطالة الحكومية هبطت إلى رقم معدل على أساس التغيرات الموسمية يبلغ 623 ألفا في الأسبوع المنتهي في 23 مايو (أيار) من رقم معدل للأسبوع السابق بلغ 636 ألفا. وكان هذا هو الأسبوع الثاني على التوالي الذي يشهد انخفاضا في الطلبات الجديدة. من جهة أخرى، قال ديفيد بلانشفلاور عضو لجنة السياسة النقدية ببنك إنجلترا المركزي في تعليقات نشرت أمس، إن العالم يجب ألا يفترض أن أسوأ مراحل الأزمة المالية العالمية قد انتهت. وقال الاقتصادي الذي ينتمي عادة لما يسمى الحمائم في لجنة البنك لصحيفة «التايمز»: «ما أخشاه هو ظهور الفجر الكاذب مرات عديدة. يجب ألا نفترض انتهاء كل شيء». وتابع: «يجب أن نعيد التفكير بالأمر. يجب أن نتخلص من العديد من النظريات الاقتصادية ونبدأ من جديد. كيف يمكن لأي شخص ألا يقول ذلك ونحن نمر بأسوأ أزمة مالية منذ مائة عام». وقال بلانشفلاور الذي سيستقيل من منصبه بلجنة السياسات النقدية في نهاية الشهر الحالي إنه طالما كان الصوت الوحيد الذي يطالب بخفض أسعار الفائدة في لجنة تحديد أسعار الفائدة بالبنك، لكنه لا يشعر الآن بأي متعة عندما ثبت أنه على حق عند اندلاع الأزمة. وأضاف: «إنه شعور صعب عندما تكتشف أنك على حق حينما يكون الاقتصاد في وضع بالغ الصعوبة وعندما نواجه ركودا هو الأضخم على الإطلاق». وقال بلانشفلاور الذي بدأ التصويت على خفض أسعار الفائدة في أكتوبر (تشرين الأول) 2007 مع ظهور البوادر الأولى للأزمة المالية إن واحدا من أوائل مواقفه المعارضة كان الجدال بأنه لن يحدث تضخم في الرواتب مثلما كان أعضاء آخرون باللجنة يتوقعون. وتابع: «كنت صوتا وحيدا. واليوم نشهد أكبر انخفاض على الإطلاق في الأجور». وأشار إلى أن البنك كان يركز تفكيره بصورة محدودة للغاية على التضخم، ولذلك أبقى على أسعار الفائدة مرتفعة لفترة طويلة. وأشار: «لو تم خفض أسعار الفائدة في وقت سابق لأحدث ذلك فرقا كبيرا». من ناحية أخرى، قال رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون في تعليقات نشرت أمس، إن التجارة العالمية قد تنهار، ما لم يأخذ العالم خطوات منسقة وملموسة لتمويل تدفقات التجارة. وقال براون في مقال نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» إن الأزمة المالية العالمية تحولت إلى أزمة تجارية في ظل تضرر العديد من الدول المصدرة الكبرى ضررا بالغا من جراء التراجع، وتأثرت الدول النامية تأثرا شديدا بانخفاض الطلب. وأشار إلى أن اليابان فقدت نصف سوق التصدير الخاص بها في الربع الأول من العام الحالي، كما انخفضت الصادرات الصينية بنسبة 17 في المائة في العام الماضي، مما تسبب في فقدان 26 مليون وظيفة. وقال: «التجارة ببساطة هي أسوأ ضحية للأزمة المالية العالمية في ظل وجود دائرة مفرغة نتجت عن انخفاض الصادرات، مما تسبب في انخفاض الإنتاج وارتفاع معدل فقدان الوظائف واستمرار الانخفاض في طلب المستهلكين وفي الصادرات وما إلى ذلك». وأضاف: «لا يمكن حدوث انتعاش اقتصادي من دون إنعاش التجارة العالمية. كانت التجارة الدافع وراء الانتعاش بعد الحرب في اليابان وألمانيا وسائر أنحاء أوروبا والولايات المتحدة، كما كانت محرك النمو في آسيا في العقود الأخيرة». واقترح براون سلسلة من الخطوات من أجل إنعاش النمو، تشمل ضخ كميات هائلة من الأموال لتمويل حركة التجارة. واتفقت الحكومات خلال قمة مجموعة العشرين التي استضافتها بريطانيا في أوائل أبريل (نيسان) الماضي على توفير 250 مليار دولار لتمويل التجارة خلال الفترة من 2009 إلى 2011. كما كرر براون مطالبته للدول بالابتعاد عن سياسة الحماية التجارية، وقال إن الحاجة إلى اختتام جولة الدوحة للتجارة الدولية أصبحت أكثر إلحاحا. وكتب براون يقول إن مائة مليون شخص آخرين سقطوا في براثن الفقر نتيجة للأزمة الاقتصادية.