الهاشمي في حديث لـ«الشرق الأوسط»: خارطة العراق السياسية ستتغير كثيراً في الأشهر المقبلة

نائب رئيس الجمهورية نفى علاقة استقالته من أمانة «الحزب الإسلامي» بمزاعم الارتباط بـ«القاعدة»

طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية العراقي (أ.ف.ب)
TT

تشهد الساحة السياسية العراقية حراكا استعداداً لتحالفات جديدة على إثر الانتخابات المحلية التي أجريت في يناير (كانون الثاني) الماضي، واستعداداً للانتخابات النيابية في يناير المقبل. وشكلت استقالة نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي من الأمانة العامة للحزب الإسلامي مفاجأة في بغداد، حيث أعلن التزامه بالعمل الحكومي من دون توضيح مستقبله السياسي الحزبي وتأثير ذلك على تبوئه منصباً حكومياً مستقبلاً. وأثيرت تساؤلات حول تزامن استقالة الهاشمي مع اعترافات لشخص تعتقله السلطات العراقية وتقول إنه المدعو أبو عمر البغدادي، أمير التنظيم الذي يطلق على نفسه «دولة العراق الإسلامية» المرتبط ب«القاعدة»، وزعم فيها أن للحزب الإسلامي علاقة بـ«القاعدة». ولتوضيح هذه المسائل، أجرت «الشرق الأوسط» حواراً عبر البريد الإلكتروني مع الهاشمي وفي ما يلي نص الحوار:

* لماذا قررت التنحي عن الأمانة العامة للحزب الإسلامي الآن؟

- اسمحوا لي ابتداء أن أعبر عن خالص امتناني وشكري لهيئة تحرير جريدة «الشرق الأوسط» الغراء لدقتها ومهنيتها العالية ومتابعتها التطورات التي حصلت مؤخراً في قيادة الحزب الإسلامي العراقي. وجواباً عن السؤال أقول إن هذه هي المرة الثالثة التي أقدم فيها استقالتي من الأمانة العامة، وقد حان أوان قبولها بعد أن أشرفت دورة المكتب السياسي البالغة أربع سنوات على الانتهاء في 15 يونيو (حزيران) 2009.

* وردت تقارير عن ربط التنحي مع اعترافات «أبو عمر» البغدادي وقوله إن هناك صلة بين الحزب الإسلامي وبعض عناصر «القاعدة»، فما ردكم على ذلك؟

- لا علاقة لذلك إطلاقا. هذه ليست المرة الأولى التي يتهم فيها الحزب الإسلامي العراقي ظلماً بارتباطات بـ«القاعدة» وربما لن تكون الأخيرة، وفي هذا المجال لا انحي باللائمة على الذين يكذبون على شعبهم ويروجون لمزاعم هم أول من يعلم ببطلانها. وأنا في هذا المجال أشفق على سمعتهم السياسية، إذ إن حبل الكذب قصير والمواطن العراقي يتذكر جيدا تصريحات وتهديدات البغدادي وتوعده بالويل والثبور لأعضاء الحزب الإسلامي. وكيف سيكون موقفهم غداً عندما تتكشف الحقائق في قصة «أبو عمر» البغدادي! وعندما تتولى جهة محايدة جرد الشهداء من الأحزاب الناشطة الذين قتلتهم «القاعدة»، عندها سيكتشف الناس كذب هؤلاء وتضليلهم للرأي العام، ونحن نسأل من جهة أخرى، ألم يطلع العراقيون على رسالة وزير الدولة لشؤون الأمن الوطني وهو يحذر فيها الحزب الإسلامي من هجمات تخطط لها «القاعدة» ضد قيادات وأعضاء الحزب؟ ألا يكفي هذا الدليل الصارخ؟

* ما تداعيات تصريحات البغدادي على الحزب الإسلامي؟

- لا حق لي في الحديث نيابة عن الحزب الإسلامي من الآن فصاعداً، ومع ذلك اعتبر الضجة الإعلامية زوبعة في فنجان، هي وسيلة ضغط سياسية، لا مغزى أمنيا لها، وهي ورقة للمساومة لكي يتخلى الحزب عن دوره في محاربة الفساد وملاحقة المفسدين من خلال حملات الاستجواب التي يقودها مجلس النواب بإدارة رئاسته المهنية الممتازة.

* كيف تصف علاقتكم بالحزب الإسلامي اليوم؟ هل هناك خلاف بينكم وبين آخرين من قيادة الحزب على توجه الحزب؟

- علاقتي كانت وستبقى طيبة، والاختلافات في وجهات النظر مسألة طبيعية، بل هي مطلوبة ومرغوبة جداً في العمل السياسي. هذه هي الوسيلة الوحيدة للتطور والارتقاء. وسأبقى على علاقة طيبة مع القيادة الجديدة لا أبخل عليهم بنصيحة أو تذكرة أو مشورة، لشعوري بحاجتهم لذلك.

* تحدثتم عن أهمية التفرغ للعمل الحكومي، ولذلك التنحي عن منصبكم الحزبي، هل هذا ما يحتاجه العراق اليوم، وهل أن تولي منصب حزبي رفيع يحد من العمل الحكومي؟

- نعم بات من الصعب علي الإيفاء بمستلزمات إدارة منصبي في الدولة ومنصبي في الحزب بعد أن تشعبت مهامي ومسؤولياتي وتنوعت في كلا الاتجاهين. وعُرضت علينا خيارات عديدة في هذا المجال، لكنني مطمئن جداً اليوم ومقتنع أن خيار الاستقالة وعدم الترشيح لرئاسة الحزب مجدداً كان الأفضل، وهذا ليس بدعاً في العمل السياسي فبعض من دساتير الدول المتقدمة تؤكد على أهمية الفصل بين العمل الحزبي والعمل في مناصب قيادية في الدولة.

* هل يمكن إعادة تشكيل الحكومة الحالية أو ملء المناصب الحكومية بعد الانتخابات المقبلة بناءً على الكفاءات وبعيداً عن المحاصصة الحزبية والطائفية؟

- أتمنى ذلك، لكنني لا أتوقع حدوثه مع الأسف، ربما يحصل ذلك مستقبلاً وعندها نقول إن العراق أصبح بخير وعافية.

* هل يمكن لمسؤول في العراق أن يتمتع بسلطة واسعة في البلاد من دون دعم حزبي قوي؟

- لنقل الدعم السياسي (وليس بالضرورة الحزبي) وهو مطلوب قطعاً، ويمكن أن يتحقق ذلك من خلال القبول الجماهيري الذي يتجاوز إلى حد كبير دعما سياسيا ينحصر في حزب أو كتلة سياسية. وعلى الصعيد الشخصي ستبقى علاقتي طيبة بالحزب الإسلامي العراقي.

* ما استعدادكم للانتخابات العامة القادمة؟

- من السابق لأوانه التعليق على هذه المسألة، وأنا حالياً في مرحلة مراجعة، وأمامي خيارات عديدة في العمل السياسي، وأدرس العديد من الدعوات الشعبية والجماهيرية التي ترد إلينا من محبين ومؤيدين من محافظات العراق كافة.

* هل ستبقى العناصر في جبهة التوافق في نفس القائمة في الانتخابات المقبلة؟

- الخارطة السياسية في العراق ستتغير كثيراً خلال الأشهر القليلة القادمة، والكثير من الكتل ستعيد قراءة واقعها وتقوم بعملية مراجعة وبالتأكيد جبهة التوافق واحدة من هذه الكتل.

* هناك حديث عن تشكيل ائتلاف وطني موسع غير الذي يتحدث عنه رئيس الوزراء نوري المالكي.. أين تقفون من هذه الائتلافات؟

- لم احسم أمري بعد.. وقلت إن خياراتي في العمل السياسي مستقبلاً مفتوحة على نطاق واسع، ولدي متسع من الوقت للمراجعة واختيار ما أجده مناسباً لي وصالحاً لبلدي وأهلي من العراقيين. وسأتخذ القرار المناسب في حينه وأعلن ذلك أمام الملأ، ولكل حادث حديث.