إسرائيل مصابة بالذهول من موقف أوباما من الاستيطان ونائب نتنياهو يرجح سقوط حكومته

وزراء إسرائيليون يشبهون المطالب الأميركية «بأحكام فرعون»

TT

قال مسؤولون إسرائيليون، إن توترا شديدا يسود العلاقة بين واشنطن وتل أبيب على خلفية مطالب الإدارة الأميركية الملحة بوقف البناء الاستيطاني. إذ أصيب الإسرائيليون بالذهول من إصرار إدارة الرئيس باراك أوباما، على وقف الاستيطان، وخلَق ذلك قلقا إسرائيليا متصاعدا، وعزز من هذا القلق، فشل جولة المحادثات الأخيرة، مع المبعوث الأميركي جورج ميتشل في لندن الأسبوع الماضي.

وقال مصدر سياسي رفيع المستوى في تل أبيب، «نحن خائبو الأمل»، وأضاف «كل التفاهمات التي توصلنا إليها في فترة الرئيس السابق جورج بوش لا تساوي شيئا بنظر الإدارة الجديدة». ورفضت الولايات المتحدة كل الاقتراحات الإسرائيلية لبلورة تفاهمات جديدة حول البناء في المستوطنات، ويضغطون باتجاه إحداث تحسينات على حياة الفلسطينيين. ويربط الإسرائيليون ذلك بإرادة الولايات المتحدة للتقرب من العالم العربي والإسلامي.

واتضح عمق الخلاف بين الإسرائيليين والأميركيين في المحادثات التي أجريت الأسبوع الماضي في لندن. وقالت هآرتس، «حاول الإسرائيليون التوصل إلى اتفاق مع الأميركيين يتيح الاستمرار في تطبيق التفاهمات التي توصلت إليها إسرائيل في السابق مع إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش، والاستمرار في البناء الاستيطاني في التكتلات الاستيطانية التي تخطط إسرائيل لضمها».

واتضح للوفد الإسرائيلي أن الولايات المتحدة لا تعتزم الالتزام بفحوى رسالة الرئيس السابق جورج بوش إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق آرييل شارون في 2004. وقال بوش في تلك الرسالة، إنه نظرا لوجود كتل استيطانية إسرائيلية كبيرة في الضفة الغربية، فإنه من «غير الواقعي» أن نتوقع من إسرائيل الانسحاب بشكل تام من تلك الأراضي في إطار خطة سلام نهائية.

وأبلغ، نائب نتنياهو، وزير الدولة دان مريدور، الأميركيين بأن المطلب الأميركي الداعي لتجميد البناء في المستوطنات يعني تفكك ائتلاف نتنياهو وسقوط الحكومة. وتحدث مريدور عن الضغط الذي تتعرض له الحكومة من أقطابها في مسألة إخلاء البؤر الاستيطانية وتجميد البناء الاستيطاني، و«الوضع المعقد الذي يحيط بنتنياهو». وأكد مصدر إسرائيلي عن الوزير مريدور قوله بعد عودته إلى إسرائيل، إن حكومة نتنياهو ستصمد ما بين سنة وسنتين في أفضل الأحوال. وقالت هآرتس، إن الوفد الإسرائيلي أصيب بالذهول من الموقف الأميركي المتشدد ومن حديث ميتشل وطاقمه، وخاصة إزاء رفضهم قبول التفاهمات مع الإدارة الأميركية السابقة. وزعم الممثلون الإسرائيليون أن مطلب الولايات المتحدة غير منصف وغير تبادلي، وطالبوا بتطبيق تقرير تينيت الذي يلزم الفلسطينيين بتفكيك البنى التحتية «للإرهاب». وقال الطاقم الإسرائيلي، إن «مطلب تجميد الاستيطان بشكل تام غير إنساني، وغير عملي، ولن يمر في المحكمة العليا». وحسب الصحيفة، وصلت الخلافات في الرأي إلى الذروة حينما تحدث الإسرائيليون عن تفكيك المستوطنات في قطاع غزة، وقالوا «أخلينا 8000 مستوطن بمبادرتنا». فكان رد ميتشل، «حسنا.. سجلنا هذا». وفي ضوء هذا التعقيد في العلاقات مع الولايات المتحدة، يأملون في تل أبيب أن تتفهم واشنطن محدودية نتنياهو السياسية، وأن المواجهة لن تعود بأي نتيجة.

وتوجه وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك إلى واشنطن في محاولة لإقناع الأميركيين بوجهة النظر الإسرائيلية. وأشارت هآرتس، إلى أن موضوع المستوطنات سيكون موضوعا مركزيا في مباحثات باراك مع المسؤولين الأميركيين. ويريد الإسرائيليون أمام الضغط الأميركي، إخلاء البؤر الاستيطانية التي تعهدت إسرائيل بإخلائها، على أمل أن يكون ذلك كافيا للأميركيين ويمنع مواجهة في المسألة ذات الخلاف، لكن الأميركيين يصرون على وقف البناء في كل المستوطنات.

وسيبحث باراك إلى جانب البؤر الاستيطانية، والبناء في المستوطنات، مطالب الولايات المتحدة لتسهيل تنقل الفلسطينيين في الضفة الغربية، وسبل إحباط المشروع النووي الإيراني، ومشاريع أمنية مشتركة. وتصر السلطة الفلسطينية على وقف البناء الاستيطاني، قبل العودة إلى المفاوضات، ويعولون على الضغط الأميركي، وحسب مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط»، فإنهم يقولون «إما يتوقف الاستيطان وإما تسقط الحكومة الإسرائيلية،ولذلك فسننتظر أكثر». وكان كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات، قال إن اجتماع الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالرئيس الأميركي باراك أوباما في البيت الأبيض، قبل أيام، منح الفلسطينيين «دفعة». وشن وزراء إسرائيليون غاضبون، هجوما على مطالب الولايات المتحدة بوقف الاستيطان، وأعلن وزير المواصلات اليميني المتطرف يسرائيل كاتس (الليكود) وهو مقرب من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، «إن إسرائيل لن تقبل بأي حال من الأحوال تجميد النشاطات الاستيطانية المشروعة في الضفة الغربية»، وأضاف في حديث إذاعي أن «هذه الإدارة (أوباما) لم تعترف بعد بالترتيبات بين الحكومة الإسرائيلية وإدارة بوش. إنه أمر مقلق ويثير مخاوف حول الترتيبات المقبلة».

وقال رئيس حزب «شاس» وزير الداخلية، إيلي يشاي، إن «هذا مطلب لا يمكن للحكومة والشعب قبوله». واعتبر أن «المطلب الأميركي يعني ترحيل المستوطنين». وتطرق يشاي إلى دور السلطة الفلسطينية في مكافحة ما سماه «الإرهاب» وقال إن «حرب أبو مازن ضد حماس استعراضية وتسعى إلى إثارة انطباع الرئيس أوباما».

وشبه وزير العلوم، ورئيس حزب «البيت اليهودي» اليميني القومي المتدين، دانئيل هرشكوفيتش، مطلب الولايات المتحدة بـ«أحكام فرعون»، وقال إن «هذا مطلب غير معقول حتى لو كان من الولايات المتحدة. وعلى إسرائيل أن ترفض ذلك بشكل قاطع». وأضاف «لا يمكن لإدارة أوباما التنكر للتفاهمات مع الرئيس بوش حول البناء في التكتلات الاستيطانية، التنازلات التي يطالبوننا بها تعتبر خطرا على أمن إسرائيل». وفي المقابل، دعا وزير شؤون الأقليات، أفيشاي بروفرمان (العمل) إلى الاستجابة للمطلب الأميركي، وقال «ممنوع أن تظهر إسرائيل كمن تعيق عملية السلام». في حين اقترح الوزير يتسحاك هرتسوغ (العمل) المراوغة وتحديد اشتراطات لحل الدولتين. معتبرا أن البناء الاستيطاني في غلاف القدس وفي التكتلات الاستيطانية هو جزء من الإجماع القومي.