المندوبون: عيون المرشحين الساهرة في أقلام الاقتراع

مهمتهم رصد المخالفات الانتخابية ونقل المستجدات إلى الماكينات الانتخابية

TT

تزدحم مداخل أقلام الاقتراع وداخلها بممثلي المرشحين ومحازبيهم في اليوم الانتخابي في لبنان. لكن هذه الزحمة التي تبدو جلية من ألوان الأحزاب وشاراتها لا تعكس بالضرورة وجودا رسميا لمشهد هؤلاء الأشخاص الذين تختلف صفتهم بين المندوبين والناشطين، لكنهم يشتركون في معظم الأحيان بحصولهم على بدل مادي تتفاوت نسبته بين الناشط والمندوب، لا سيما أن الموسم الانتخابي بات «باب رزق» يستفيد منه المناصرون بالدرجة الأولى وكل من يبحث من الشباب عن مدخول مادي وإن كان مؤقتا. وينص القانون الانتخابي المتعلق بالمندوبين الرسميين على أنه يحق للمرشح أن ينتدب لدخول كل قلم (مركز) اقتراع أحد ناخبي الدائرة الانتخابية، ولدخول جميع أقلام الاقتراع، يفرز عددا من ناخبي الدائرة نفسها بنسبة مندوب واحد لكل قلمي اقتراع في القرى وبنسبة مندوب واحد لكل خمسة أقلام اقتراع في المدن، وذلك بتصاريح مصدقة من المحافظ أو القائمقام. أما المحازبون أو المناصرون الآخرون الذين قد يكون عددهم بالعشرات، فلم يذكرهم القانون. ويصنفون حصرا بأنهم ناشطون حزبيون يقومون بالدور الترويجي لمرشحهم من دون أن يحق لهم الدخول إلى أقلام الاقتراع أو التدخل في العملية الانتخابية وكواليسها عن كثب. ويقول الدكتور زياد معلوف، مسؤول منطقة كسروان في «القوات اللبنانية» «يخضع عدد من المحازبين في كل منطقة إلى دورات تدريبية يطلعون خلالها على كل التقنيات الواجب اتباعها في عملهم كمندوبين للمرشحين داخل القلم وخارجه. وقبل أسبوع من موعد الانتخابات نقدم لائحة بأسمائهم إلى وزارة الداخلية التي تشترط أن يكون المندوب بلغ سن الـ 21 وأن يكون سجله العدلي خاليا من أي حكم يعيق حقه بالانتخاب، على أن يكون اسمه مدرجا في لوائح الشطب التابعة للمنطقة التي سيقوم فيها بدور المندوب قبل إعطائه تصريح مزاولة هذه المهمة». أما قبلان قبلان، عضو الماكينة الانتخابية في حركة «أمل» فيضيف إلى ما قاله معلوف أن «دور المندوب الثابت هو تقني بحت وينصب على التدقيق في لوائح الشطب ورصد المخالفات التي تحصل خلال عملية الاقتراع، فيما يتولى المندوب المتجول المراقبة على الأرض والتنقل بين الأقلام المسؤول عنها ليتولى معالجة أي مشكلات قد تطرأ والبقاء على تواصل مستمر مع الماكينة الانتخابية في الخارج لإفادتها بأي مستجدات قد تحصل وتزويدها أسماء المقترعين». من جهته، يقول سامر، الذي عمل مندوبا لأحد المرشحين في إحدى دوائر بيروت في دورة انتخابات عام 2005: «بعدما خضعت لدورة تدريبية تشمل تقنيات عمل المندوب ونجحت في الامتحان المخصص لها، عينت مندوبا في أحد الأقلام». ويضيف: «أما في يوم الانتخابات فدوري هو أن أكون عين المرشح الساهرة التي تنقل ما يدور داخل القلم إلى المسؤولين في الخارج كل 45 دقيقة عبر وسائل خاصة، ولا سيما في ما يتعلق بالأسماء التي اقترعت ليتولوا في الخارج التدقيق بلوائح الشطب والاتصال بمن لم يقترعوا وتأمين كل الوسائل اللازمة لهم للقيام بهذا الواجب. كذلك في نهاية اليوم الانتخابي تقع علينا مهمة مراقبة العملية الأهم، وهي فرز الأصوات التي يتولى كل مندوب التدقيق بها على حدة ليتم فيما بعد توقيعها من رئيس القلم، قبل أن تنقل إلى وزارة الداخلية، كي تكون الدليل الرسمي على عدد الأصوات الموجودة في كل قلم ونسبتها لكل مرشح، منعا لأي تزوير قد يحصل لاحقا». وفي إطار رصد المخالفات التي يقوم بها المندوب، تقول سناء، التي عملت في عام 1992 مندوبة لأحد المرشحين «في ذلك الحين استطعنا رصد مخالفات كثيرة راوحت بين عدم الدخول وراء الستارة العازلة واكتشاف إخراجات قيد مزورة (كانت تعتمد حينها للاقتراع) كأن يظهر تناقض واضح بين تاريخ الميلاد الوارد في إخراج القيد ومظهر إحدى النساء. كذلك عند الفرز لا يظهر أي صوت للمرشح الذي أنتدبه ثم يتبين أن عملية تزوير حصلت في دقائق معدودة انقطع خلالها التيار الكهربائي». كذلك يقول معلوف «يرتكز عمل المندوبين المتجولين، الذين يشرفون بدورهم على الناشطين خارج القلم، على إرشاد المقترعين وتقديم الخدمات اللوجستية لهم، مع العلم أن هؤلاء المتجولين يملكون تصريحا يخولهم الدخول والخروج من وإلى أقلام الاقتراع في أي وقت ليكونوا في الوقت عينه الوسيط بيننا وبين المندوب الثابت لينقل إلينا المستجدات لحظة بلحظة عبر الهاتف. وقد يتدخل المندوب الثابت مع المقترعين بشكل غير مباشر لحضهم على التصويت لمصلحة لائحة حزبه، وذلك من خلال إشارات معينة أو حتى إيماءات مشتركة، شرط أن لا تتجاوز حدودا معينة». ويشير إلى أن على المندوبين أن يصلوا إلى مراكز الاقتراع قبل السابعة صباحا ليكونوا حاضرين عملية إقفال الصناديق وإعلان رؤساء الأقلام افتتاح اليوم الانتخابي رسميا، وأن لا يخرجوا من القلم إلا بعد إعلان الانتهاء من فرز الأصوات. ورغم أنه بات معروفا أن المندوبين يحصلون على بدل مادي لقاء عملهم، إلا في حالات نادرة حين يكونون من المقربين للمرشح، ينفي معلوف حصول المندوبين على بدل مالي من «القوات». ويؤكد أن التقديمات تقتصر على وجبتي الفطور والغداء وتكلفة الاتصالات التي يقومون بها لدواعٍ انتخابية.