استقدام المغتربين اللبنانيين.. يتحدثون به في الخارج وينفون صحته في الداخل

لأن الفريقين يعتبرانهم «بيضة القبان» في المعركة الراهنة

TT

يشتد السباق على تقديم الخدمات الانتخابية في الداخل اللبناني كما في الخارج الاغترابي، فالمغتربون اللبنانيون الذين لم ينصفهم القانون اللبناني للاقتراع في دورة عام 2009 تولى الأفرقاء السياسيون مهمة حضهم على المشاركة في هذا الحدث «التاريخي والمصيري والمفصلي...» لا سيما أن الإحصاءات التي تنشر في لبنان تظهر أهمية مشاركتهم التي قد تشكل «بيضة القبان» في نتائج الانتخابات.

تصل أخبار هذه الخدمة الانتخابية المجانية من خارج الحدود على ألسنة المغتربين الذين يسرون لأهلهم بخبر عودتهم بين أواخر مايو (أيار) الجاري وأوائل يونيو (حزيران) المقبل ولا يفصح عنها المسؤولون في الداخل الذين يتبادلون الاتهامات بشأن الإغراء المالي الذي يراوح بين شراء بطاقات السفر وتأمين تكاليف الإقامة. وفي حين تنفي كل الأطراف صلتها بالموضوع وتدعي عدم قدرتها المالية، يعكس ما تتداوله العائلات اللبنانية واقعا مختلفا.

إذ إن أبناء العائلات الذين ينتخبون في دوائر ستشهد معارك انتخابية باتوا في عداد القادمين إلى لبنان في وقت قريب ولن تزيد مدة إقامتهم على يومين أو ثلاثة، فيما استفاد البعض الآخر من فرصة الحصول على تذكرة مجانية من الحزب الذي سيقترع له لقضاء عطلة الصيف، مع تكتم شديد على كل التفاصيل الأخرى. تتكثف جهود «القوات اللبنانية» مع المغتربين اللبنانيين في فترة الانتخابات النيابية، كما يقول مسؤول الاغتراب اللبناني في الحزب الدكتور أنطوان يارد. ويضيف «يراوح عدد مناصري القوات والمنتسبين المغتربين بين 15 و20 ألفا. وعملنا يرتكز على حضهم على المجيء إلى لبنان والإدلاء بأصواتهم. وقد لمسنا مدى اهتمامهم بالانتخابات. وستكون نسبة مشاركتهم مرتفعة».

وفيما يؤكد أن «القوات» لا تقدم مساعدات مادية إلى المغتربين، يقول «أخذ المناصرون الميسورون ماديا على عاتقهم مساعدة رفاقهم الذين ينتخبون في دوائر حامية ولا يملكون تكاليف الرحلة إلى لبنان». ويشير إلى أن المناطق التي تشهد معارك بين «القوات» والفريق الآخر تشهد استقداما واضحا للمغتربين اللبنانيين من مناصري «التيار الوطني الحر» وحزب «الطاشناق» الأرمني. مع العلم أنه، وفي سياق الاتهامات والاتهامات المضادة التي يتداولها الخصوم، نشرت «القوات اللبنانية» على موقعها الإلكتروني تفاصيل مكالمة هاتفية دارت بين مسؤول عن نشاطات الانتخابات في فرنسا في «حزب الله» ومنتحل صفة مناصر لـ «التيار الوطني الحر» لتنسيق عملية تأمين تذاكر السفر له ولأفراد عائلته ليدلوا بأصواتهم. من جهته، يقول مسؤول الماكينة الانتخابية في «التيار الوطني الحر»، طارق صادر، إن مشاركة المغتربين المناصرين للتيار، الذين يتجاوز عددهم الـ 10 آلاف، ستكون كثيفة، بعضهم سيأتي لينتخب ويقضي عطلة الصيف، والبعض الآخر سيقصد لبنان بهدف الانتخاب فقط. ويضيف «لمسنا حماسة لا توصف للمشاركة في الانتخابات. لكن تكلفة تذاكر السفر المرتفعة وتوقيت الانتخابات أثرا سلبا على نسبة هذه المشاركة نظرا إلى أن العام الدراسي لن ينتهي قبل موعد الانتخابات». ويؤكد أن «عمل التيار مع المغتربين يقتصر على الأمور اللوجستية قبل مجيئهم واستقبالهم ومواكبتهم خلال وجودهم في لبنان ولا سيما مرافقتهم يوم الانتخابات». وفي ما يتعلق بالتسهيلات التي يقدمها التيار إلى المناصرين المغتربين، يشير صادر إلى أن الدعم يقتصر على المساعدات غير المباشرة وذلك عن طريق التفاوض مع وكالات السفر لتأمين حسومات على أسعار التذاكر. ويقول «كذلك يأتي الاهتمام من هؤلاء أنفسهم من خلال إعطاء أولوية لدوائر دون أخرى ولا سيما في المناطق ذات الثقل المسيحي حيث ترتكز المعارك الانتخابية».

في الإطار نفسه، يؤكد راشد فايد، المسؤول الإعلامي في الماكينة الانتخابية التابعة لـ «تيار المستقبل»، عدم العمل على استقدام المغتربين «أولا لأن هذا الأمر يحتسب من الإنفاق الانتخابي وسيحاسبنا عليه القانون. وثانيا لأن المواطن اللبناني يدرك أهمية القيام بواجبه الوطني وبالتالي لن يتخلف عن القيام به ولا يحتاج ليقبض ثمن هذا الواجب». وفي ما يتعلق بعدد مؤيدي «تيار المستقبل» الذين سيأتون إلى لبنان للإدلاء بأصواتهم، يقول «نحن نتواصل مع المناصرين والمؤيدين عبر المكاتب الموجودة في معظم دول العالم حيث الانتشار اللبناني.

لكن قاعدتنا الشعبية ترتكز بشكل أوسع على المؤيدين الذين يشكلون حالة شعبية وليس على الملتزمين. لذا ليست لدينا إحصاءات دقيقة عن عدد الذين سيأتون للانتخاب، إنما دورنا كان تشجيعهم على المجيء إلى لبنان للانتخاب بالدرجة الأولى وقضاء عطلة الصيف بالدرجة الثانية». ويرد فايد على الاتهامات التي تقول إن «تيار المستقبل» يدفع أموالا للإتيان بالمغتربين، قائلا «من يتهمنا بهذا الأمر دفع ملايين الدولارات على حملته الانتخابية. وينظم رحلات كاملة تشمل الإقامة في الفنادق للمغتربين اللبنانيين الذين سيأتون للانتخاب. وقد علمنا أنه حتى الآن تم حجز فندقين بكاملهما لاستقبال هؤلاء». فوز نائبين من حزب «الطاشناق» الأرمني بالتزكية بموجب اتفاق الدوحة، في دائرتي بيروت الثانية والمتن الشمالي، لم يمنع الحزب من المضي قدما في خوض المعركة مع حلفائه في الدوائر نفسها ولتحقيق فوز أكبر في الدوائر الأخرى، ولا سيما المتن وزحلة وبيروت الأولى، حيث يتركز الثقل الأرمني. يقول مسؤول الماكينة الانتخابية في الحزب أفيديس كيدانيان لـ «الشرق الأوسط» «تواصلنا مع المغتربين الأرمن كان مرتكزا على التنسيق معهم وحضهم على تحديد عطلهم في موعد الانتخابات كي يستطيعوا المجيء إلى لبنان والانتخاب». وفي حين يؤكد أن 60 أو 70 في المائة من المغتربين الأرمن كانوا قد عقدوا العزم على المجيء إلى لبنان في هذه الفترة، يقول «إن إمكاناتنا المادية محدودة. وبالتالي فإن المساعدات التي نقدمها إلى مناصرينا ترتكز في نسبتها الكبيرة على تأمين حسومات على تذاكر السفر. فيما لا تتعدى نسبة الذين نؤمن لهم التذاكر 20 في المائة. ولكننا لسنا مثل غيرنا الذين يؤمنون مصاريف الإقامة كاملة». لا يختلف نشاط حزب «الكتائب اللبنانية» الانتخابي عن خصومه وحلفائه. فالمناصرون والمؤيديون والمنتسبون، الذين يشكلون حوالي 10 آلاف، يبدون حماسة كبيرة للمشاركة في الانتخابات النيابية. وقد تبلغ نسبة مشاركتهم 60 في المائة، كما يقول أنطوان ريشا، مسؤول الانتشار اللبناني في الحزب. ويضيف «لاحظنا تجاوبا كاملا من المغتربين للقيام بحقهم الانتخابي». ولضمان مجيء أكبر عدد من المغتربين «أنشأنا تعاونية في كل بلد يعمل أعضاؤها على تأمين المساعدات المادية لمن هم بحاجة إليها للحصول على تذاكر السفر، مع التركيز على الدوائر التي تشهد معارك انتخابية».

وفي حين تؤكد مسؤولة في إحدى شركات السياحة أن الحجوزات على عدد كبير من الخطوط الجوية بات شبه مكتمل، ولا سيما من الإمارات العربية المتحدة باتجاه بيروت، يجمع عدد كبير من الشركات السياحية على عدم قدرتهم على الحسم في نسبة الحجوزات لأن الحجز يتم في معظم الأحيان من الخارج أو عبر الإنترنت.