شكاوى بالجملة لا تخفف وهج الإنجاز الهادئ للمعركة

وزير الداخلية اللبناني نجم الانتخابات وسندبادها الطائر

رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري يدلي بصوته في بلدة تبنين (إ.ب.أ)
TT

باكرا جدا بدا نجم الانتخابات بامتياز، وزير الداخلية زياد بارود الذي صال وجال في المحافظات اللبنانية وأقلام الاقتراع، ساعيا إلى الاطلاع ميدانيا على سير العمليات الانتخابية ومحاولة معالجة الشكاوى والاعتراضات التي رافقتها. رحلة السندباد الجوي بواسطة مروحية وضعت بتصرفه، بدأها بارود من غرفة العمليات المركزية في وزارة الداخلية لينتقل بعدها إلى مركز البيال في وسط بيروت أحد أكبر المراكز الانتخابية في العاصمة، ليكتشف بشائر الإقبال غير المسبوق على المشاركة. ولينتقل بعدها إلى كسروان (جبل لبنان) طائرا، ثم يرافق زوجته إلى قلم الاقتراع في بلدية جعيتا للاقتراع معا. من الجبل إلى الشمال حيث حط في مدينة طرابلس، وتحديدا في مركز المحافظة. والمهمة ذاتها، تطبيق التعليمات وضبط أي حالات غش أو تزوير. لكن غزارة الشكاوى من الازدحام الخانق أمام معظم مراكز الاقتراع فرضت عليه إعطاء تعليمات بتسريع دخول الناخبين إلى الأقلام مع إبقاء التشدد في إلزامية الدخول خلف العازل فرديا. الشكاوى ذاتها كانت في استقباله في زحلة (البقاع) حيث مركز المحافظة، يضاف إليها سيل من الاعتراضات حمل بعضها رئيس إحدى الكتلتين المتنافستين بسبب أخطاء في لوائح الشطب وانحياز مخاتير ورؤساء أقلام. وتركيز مقابل، في الدعوة إلى الهدوء والتأكيد على أن الوزارة حريصة على تطبيق القانون ومعالجة الثغرات ضمن الآليات المعتمدة. حصيلة الجولات تكاد تكون مستنسخة، لكنها لا «تستهلك» كثيرا من رصيد الوزير الذي يدير بكفاءة أكبر انتخابات وأكثرها إقبالا يشهدها لبنان في تاريخه وفي يوم واحد. فعدد الناخبين يتجاوز 3.3 مليون ناخب وفق لوائح القيد الرسمية. والتنافس لم يصل يوما إلى الحدة التي تطبع الانتخابات الحالية. وقد عكس بارود ارتياحه إلى الإنجاز في تصريحات متتالية قال فيها: «المنافسة حلوة. وهذا دليل عافية لما تشهده مراكز الاقتراع من إقبال كثيف على صناديق الاقتراع. وقد تتم معالجة القسم الأكبر من الإشكالات بشكل أساسي من خلال إضافة معازل، فهنا في جعيتا يوجد معزلان ولا يستعمل إلا معزل واحد حتى هذه اللحظات». وأضاف: «طبعا يبقى الصندوق ذاته، لأن القلم لصندوق واحد. وفي بيروت تم توزيع عدد إضافي من المعازل. وقد جرى تعميم على القوى الأمنية لتسهيل أمور الناس بأقصى ما يمكن كي لا ينزعج الناخبون من العجقة. طبعا الضغط الموجود هو دليل عافية. والمهم أن يمارس معظم الناس حقهم الديمقراطي. وكل الإجراءات المتخذة تأتي في هذا الاتجاه. وإن شاء الله، الصندوقة شفافة، تنفذ عملية الانتخابات وتظهر الأمور بوضوح للناخبين». وسئل بارود: هل سجل أي خرق للقانون من الناحية الأمنية أو من قبل المرشحين في تصريحاتهم؟ فأجاب: «خروقات نادرة. طبعا هناك إشكالات حصلت لكنها عولجت بصورة فورية، إما من خلال غرفة العمليات المركزية أو عبر القوى الموجودة على الأرض أو من خلال المتابعات التي نجريها إداريا لحظة بلحظة. طبعا هناك كمية كبيرة من المراجعات وكلها تهدف إلى تحصين وتحسين العملية الانتخابية. وكل المرشحين يرون بأي أبواب مفتوحة نعمل في وزارة الداخلية من دون أي حسابات. همنا الوحيد إنجاح العملية الانتخابية ككل وليس إنجاح شخص أو مجموعة». وسئل: نرى إقبالا كثيفا على الاقتراع، في حال وصلنا إلى الساعة السابعة مساء وبقي هناك من لم يقترع، هل يمكن أن تمدد فترة الاقتراع ساعات إضافية؟ فأجاب: «لا أستطيع تمديد المهلة بتدبير إداري، بل كل ما أستطيع القيام به هو تطبيق القانون الذي يقول: إذا وجد ضمن باحة قلم الاقتراع ناخبون لم يدلوا بأصواتهم بحلول الساعة السابعة مساء، تمدد المدة ضمن هذا القلم وبالتالي لا تمديد بالمطلق لكل الأقلام. لا أبدا. لذلك أدعو الناخبين إلى الاستمرار بالتوافد إلى قلم الاقتراع». وأضاف: «إن الانتخابات التي تجرى في يوم واحد ـ وإن شاء الله تستمر هكذا ـ هي تحد. ونحن ذاهبون في اتجاه إنجاحه. وخطة السير التي اعتمدت حتى اللحظة بينت أنها على درجة عالية من الفاعلية. وهذا دليل آخر جيد. وقد فعلنا أقصى ما نستطيع رغم تواضع الإمكانات وعدم كفاية الموظفين، ورغم المدة الزمنية التي فصلت بين القانون والتنفيذ». وتمنى بارود أن «نكون دخلنا إلى مرحلة يمكننا القول فيها للبنانيين إن التنظيم ممكن، وإن البلد ليس عصيا على إصلاحات صغيرة تجعل من احترام الناس له أكبر». وقال: «أنا أشعر مع الناس وانزعاج بعضهم من الوقوف في صفوف طويلة أو من بعض الإجراءات. كما أنني أتحسس مع بعض الذين ينزعجون من الحبر المعتمد في عملية الاقتراع. ولكن هذا الحبر ضرورة لحماية العملية الانتخابية وضمان حق الناخب. وهذه التدابير معتمدة في أرقى دول العالم. وأتمنى أن تدخلنا الانتخابات هذه إلى مرحلة جديدة خصوصا في أسلوب تعاطينا مع بعضنا البعض. ما رأيته من ألوان متنوعة لدى الشباب داخل قلم الاقتراع وأسلوب تعاطيهم مع بعض يريحني ويسعدني. حلو التنوع. لا أستطيع أن أتخيل بلدا من دون تنوع أو من دون تنافس، أو شباب لا «تحكي» مع بعضها البعض. ليكن التنافس حرا وراء العوازل. وفي النهاية من يربح يربح ومن يخسر يهنئ الرابح وتنتهي العملية بروح ديمقراطية حرة». وعما إذا تم ضبط مخالفات تزوير للهوية، أفاد بارود: «حتى الآن لا جديد. وأعتقد أن ضبط الهويات تم بالأمس. وأنا مرتاح إلى الإجراءات التي اتخذناها. وإذا أصر أحدهم على استعمال الهوية المزورة، فهناك تدابير قاسية ستتخذ في حقه». وعن الخطأ في تاريخ الولادة على لوائح الشطب، قال: «موضوع لوائح الشطب عليها أرقام الهوية أو أرقام جوازات السفر. هذه الأرقام ليست إلزامية. وقد أصدرنا تعميما بها. هذه الأرقام الهدف منها إذا وجد عدم تطابق بين البطاقة وبين لائحة الشطب نعود إلى الرقم فإذا تطابقت الأرقام نمشي بالعملية. وبالتالي إذا لم يكن هناك رقم، يستطيع الناخب أيضا أن يقترع. أما إذا وجد خطأ في رقم السجل، فعليه مراجعة لجنة القيد». وأكد: «كل الشكاوى نأخذها في الاعتبار ونعالجها على الفور. وهدفنا تأمين اقتراع الجميع ضمن المهلة المعقولة». وأشار إلى أن «الأجواء جيدة. وأنا أفهم تململ بعض الناس وانتظارهم أمام مراكز الاقتراع وصعوبة هذا الانتظار. لكن علينا جميعا أن نتحمل بهدف التصويت وممارسة حقنا الانتخابي». وأفاد: «ليس هناك إشكالات كبيرة حتى الآن. وأتمنى أن تستمر هذه الأجواء إلى نهاية الاقتراع. والوضع الأمني حتى اللحظة مضبوط ونسبة الإقبال والمشاركة توحي أن هناك رغبة عند كل اللبنانيين وفي كل المناطق بالمشاركة في هذا الاستحقاق، وكل ذلك ضمن المنافسة المشروعة».