سليمان يدعو القيادات إلى «الانفتاح المتبادل».. و«14 آذار» لا ترى خيرا في اشتراط «الثلث المعطل»

جنبلاط لـ«الشرق الأوسط»: قانون الانتخابات عطل وصول النخب لمصلحة الإقطاع

رئيس تيار المستقبل، سعد الحريري، يستمع في منزله في بيروت إلى شرح من وزير الإعلام طارق متري (تصوير: دالاتي ونهرا)
TT

دعا الرئيس اللبناني العماد ميشال سليمان القيادات السياسية إلى «الانفتاح المتبادل وتأكيد الرغبة في التعاون» محذرا من «الأخطار الخارجية المحدقة بلبنان ومخططات إسرائيل» التي أبدى رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط خشيته من تداعياتها وقلقه من «العطف الإسرائيلي» المريب على قوى «14 آذار» وفوزها.

و لا يبدو جنبلاط مرتاحا إلى نتائج الانتخابات التي فاز فيها تكتله السياسي العريض على رغم ترحيبه بـ«النجاح التقني» لهذه الانتخابات. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الانتخابات مرت بسلام ونجحت تقنيا. لكن النظام الأكثري عطل مجددا وصول النخب السياسية إلى المجلس النيابي لمصلحة الإقطاع السياسي والمالي والطائفي»، معتبرا أن «من الأفضل الآن أن نطوي حقبة التوترات ونتخطى المبالغة في الاحتفال بالفوز». وأبدى استغرابه لـ«هذا العطف الإسرائيلي المفاجئ» على الأكثرية البرلمانية وفرحها بنجاحها». وقال: «لسنا بحاجة إلى هذا العطف من العدو التاريخي الذي دمر البلاد مرارا وتكرارا. وهنا تكمن أهمية إعادة إطلاق الحوار حول الاستراتيجية الدفاعية، لأن هذا العدو يتربص بلبنان ولا يضمر لأي من أبنائه أو أطرافه إلا الشر».

وقد أبدى الرئيس سليمان ارتياحه لـ«الأجواء الهادئة السائدة» معتبرا أن «العمل يجب أن يتركز على المرحلة المقبلة». ودعا الجميع «بعد صدور نتائج هذه التجربة الديمقراطية الناجحة» إلى «الانفتاح المتبادل وتأكيد الرغبة في التعاون والحوار لبدء مسيرة الإصلاح والبناء التي يحتاج إليها لبنان في الداخل لتركيز أسس الدولة الحديثة». وأشاد بـ«تمسك الجميع بالثوابت الوطنية»، مشددا على أن «هذه الثوابت هي التي تحمي لبنان من الأخطار الخارجية المحدقة به والمتمثلة بامتياز في مخططات إسرائيل حيال لبنان والتي برزت مؤشراتها في بيان الخارجية الإسرائيلية الذي يستبق تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة بتحميلها مسؤولية ما سمّته أي نشاط معادٍ ينطلق من أراضيها، ومن الأخطار الداخلية التي تمثلها الاصطفافات الطائفية الحادة والبغيضة». كما شدد على أن «القضايا الوطنية الكبرى تتطلب الاتحاد وتضافر الجهود».

من جهته، اعتبر رئيس الحكومة فؤاد السنيورة أن «هناك درسا يجب استخلاصه من هذه الانتخابات، وهو أن هناك أناسا كانوا يدعون لأنفسهم تمثيل مجموعات في لبنان وقد استطاع الشعب اللبناني أن يكسر هذا الاحتكار ويبين كم هو مهتم حقيقة باستقلال لبنان وسيادته وبعودة الدولة اللبنانية». وقال أمس: «عشنا أربع سنوات وكان هناك أناس يحكون من هنا ومن هناك أن هذه الأكثرية هي أكثرية وهمية. لقد أثبتم للعالم أجمع أن هذه الأكثرية ليست وهمية، بل هي أكثرية حقيقية تنطق باسم الشعب وما يريده. هذا الذي استطعتم أن تحققوه في هذه الانتخابات، أكان ذلك في صيدا أم خارجها».

ورأى نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري أن «الكلام عن رفض البحث في موضوع المقاومة وسلاح حزب الله والعودة إلى اشتراط (الثلث المعطل) لا يبشر بالخير ويعيدنا إلى نقطة الصفر وينسف كل فكرة الحوار الوطني». وتمنى أن «يتقبل الطرف الآخر النتيجة ولا يأخذ البلد إلى تعطيل جديد وتوتير جديد» آملا في أن «يدخل لبنان مرحلة جديدة من الاستقرار والازدهار».

وسُئل إذا كانت البلاد ستعود إلى التعطيل فأجاب: «هم من طالبوا بقانون الانتخاب على أساس القضاء، وجاءت النتيجة لمصلحتنا. فمن المفروض أن لا يكون هناك تعطيل، إلا إذا أرادوا الاستمرار في سياسة التعطيل. المشاركة شيء والتعطيل شيء آخر. نحن نريد حكومة تتعاطى بشكل إيجابي لا حكومة تكون فيها المشاركة على أساس الثلث المعطل».

وقال رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع عقب لقائه سفيرة الولايات المتحدة ميشيل سيسون: «بعد هذه الانتخابات لا أحد يستطيع الادعاء بأنه هو من يمثل المسيحيين. ونتمنى الاطلاع على الأرقام في كل المناطق. فلا نحن ولا هم يمثلون المسيحيين، إذ كلنا معا نمثل المسيحيين. ومن هذا المنطلق، أتوجه بنداء صادق إلى الفريق الآخر، ولا سيما التيار الوطني الحر وحزب الطاشناق وتيار المردة، للتعاون في الأمور التي نتفق حولها، وإن كان لكل منا تموضُع استراتيجي مختلف عن الآخر». وأشاد بخطاب السيد حسن نصر الله قائلا إنه «اتسم بالإيجابية والوضوح والديمقراطية، إلى جانب كلمات كل القيادات الأخرى وخصوصا فريق (14 آذار). ونتمنى أن تترجم إلى مواقف إيجابية. ونقول للسيد نصر الله نحن أيضا نقبل بنتائج هذه الانتخابات على الرغم من الوسائل التي استخدمها الفريق الآخر. ولنكن صريحين، إن كل الأفرقاء استعملوا الوسائل ذاتها، ولو بطريقة مختلفة. ونذكّر السيد نصر الله بعرضه المتواصل منذ 2006 حين كان يطالب بالثلث المعطل الذي يسميه الثلث الضامن في تشكيل الحكومة أو التوجه إلى انتخابات نيابية مبكرة والقبول بنتائجها ومن يفوز بالأكثرية فيها فليشكل حكومة كما يريد، وحان الوقت لتنفيذ هذا الوعد». ورفض «إعطاء الثلث المعطل للمعارضة». وقال: «أفضّل، بصفة شخصية منح هذا المفتاح لرئيس الجمهورية». واستنكر «الحملات التي تشن من قبل البعض حتى الآن ضد رئيس الجمهورية الذي بطبيعته هو توافقي».

هذا، وهنأ نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان اللبنانيين على «تخطّيهم اليوم الانتخابي الصعب»، منوها بسلوكهم السليم في أداء واجبهم الوطني. وخص بالتهنئة الفائزين «الذين تترتب عليهم من اليوم فصاعدا مسؤولية إدارة البلد وسد الديون والاهتمام بقضايا الشعب ومشكلاته الاجتماعية والمعيشية»، داعيا إياهم إلى «التصرف بحكمة، فلا يوجد أي مانع من اتصال الناجح بالخاسر للتشاور وتكريس الشراكة في الحكم، لا سيما أن هناك استحقاقات كثيرة ومنها انتخاب رئاسة مجلس النواب. لذلك علينا أن نختار المجرب صاحب العقل والحكمة والدراية، ثم نختار رئيسا للحكومة يستطيع أن يجمع اللبنانيين ويوفر الأمن والاستقرار للوطن».

كذلك، نوّه شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز، الشيخ نعيم حسن، بإنجاز الاستحقاق النيابي، وشدد على أن «الوطن لا يُبنى إلا على الحوار والتفاهم والاحترام» داعيا الجميع إلى «تجاوز الانقسامات والانصراف بعد تحقيق هذا الإنجاز الوطني إلى العمل الجاد ومعالجة المشكلات المتعددة ومواجهة التحديات الكبيرة بتعاون وحسّ وطني واحد».

وعلى صعيد متصل بنتائج الانتخابات، استمرت تداعيات خسارة المعارضة مقاعد دائرة زحلة. وقد تحدث رئيس «الكتلة الشعبية» وزير الزراعة إلياس سكاف عن «انحياز الدولة». وهاجم «بعض ضباط الأمن الداخلي وخصوصا مكتب فرع المعلومات في البقاع الذي كان حاضرا على الأقلام أكثر من الناخبين وكان يدير رجال الأمن على الأقلام الذين عرقلوا دخول أنصارنا إلى أقلام الاقتراع حيث تسمروا تحت الشمس الحارقة لأربع ساعات، ثم غادروا لأنهم لم يستطيعوا التصويت». كذلك انتقد «رؤساء الأقلام الذين تم اختيارهم وفق معايير تخدم الفريق الآخر». وأعلن نيته التقدم بطعون «لأن هناك أكثر من 12 صندوقا جرى التلاعب بها. وهناك صناديق أضيفت فيها مظاريف لخدمة الكتلة الأخرى. وكانت هذه المظاريف في الصناديق أكثر من عدد المقترعين في الصندوق المذكور».

في المقابل، عقدت كتلة «زحلة بالقلب» الفائزة بمقاعد دائرة زحلة السبعة اجتماعها الأول برئاسة النائب المنتخب نقولا فتوش، لإعلان انطلاقتها «ككتلة نيابية مناطقية لها خصوصيتها مع التمسك بالثوابت الوطنية لحلفائها في قوى (14 آذار) على المستوى اللبناني».