إيران: المنافسة تشتعل بين أحمدي نجاد وموسوي.. في ختام الحملة الانتخابية

ضغوط على كروبي للانسحاب من أجل توحيد صفوف الإصلاحيين

TT

لم يتبق غير أقل من 48 ساعة لانطلاقة الانتخابات الرئاسية الإيرانية، التي تجتذب اهتمام الملايين في إيران والعالم، حيث سيختار الناخبين بين 4 من مرشحي الرئاسة، أبرزهم الرئيس الحالي محمود أحمدي نجاد. واختتمت حملة انتخابية محتدمة احتفظ فيها الرئيس المنتهية ولايته بحظوظ الفوز في مواجهة تصاعد التأييد للإصلاحي مير حسين موسوي، فيما تبقى حظوظ المرشحين الآخرين، محسن رضائي ومهدي كروبي، ضئيلة في الفوز في وقت يواجه فيه الأخير ضغوطا للانسحاب، من أجل توحيد أصوات الإصلاحيين.

وسهلت أوضاع إيران الحالية المهمة على خصوم الرئيس، إذ أعطتهم حججا قوية استخدموها ضده في الحملة الانتخابية التي بدأت في 22 مايو (أيار)، وفي طليعتها عزلة إيران الدولية وتراجع اقتصادها. ويحظى موسوي بدعم جلي وصاخب لدى فئة واسعة من شباب المدن المطالبين بمزيد من الحريات الفردية. غير أن أحمدي نجاد حرص طوال ولايته على مراعاة الناخبين الشعبيين الذين حملوه إلى السلطة العام 2005، مراهنا على استمرار دعمهم له في الانتخابات المقبلة.

وهاجم موسوي، رئيس الوزراء السابق، الذي عاد إلى الحياة السياسية بعد غياب استمر عشرين عاما، الرئيس المنتهية ولايته متهما إياه بالإساءة إلى صورة إيران في الخارج. غير أن أحمدي نجاد الذي يطرح نفسه كزعيم لمعسكر «مناهض للإمبريالية»، لا يكترث للانتقادات وهو صاحب سجل حافل في الاستفزازات كوصف محرقة اليهود بـ«خدعة كبرى»، وقرارات الأمم المتحدة التي فرضت عقوبات على إيران بشأن برنامجها النووي بـ«قصاصات ورق»، والجمهورية الإسلامية بـ«القوة الكبرى في العالم».

وأعلن أحمدي نجاد خلال مناظرة مع المرشح الإصلاحي مهدي كروبي أن الدبلوماسية تعني «السيطرة على الرأي العام العالمي»، وهو إنما يتوجه إلى هذا الرأي العام لا إلى حكامه. وعلى الصعيد الداخلي، ارتفعت نسبة التضخم خلال ولايته الرئاسية من نحو 10% إلى أكثر من 25%، فيما بات معدل البطالة يتخطى 12%. وقد تسجل البلاد عجزا هائلا في الميزانية في حال لم ترتفع أسعار النفط مجددا.

غير أن ذلك لم يمنع أحمدي نجاد من مواجهة خصومه بأرقام وجداول تنفي هذه البيانات الرسمية، ما حمل كروبي وموسوي على اتهامه بنقل «أكاذيب». ويعوّل الرئيس على الذين استفادوا من الإجراءات التي أقرها ومنها منح قروض دون فائدة وهبات نقدية ودعم للمنتجات الأساسية. وخلافا للرؤساء السابقين الذين كانوا يمارسون الحكم انطلاقا من العاصمة، جاب أحمدي نجاد أرجاء البلاد دون توقف على مدى أربع سنوات.

وبعدما طرح نفسه عام 2005 في موقع «خادم الشعب»، يؤكد هذه السنة أنه يقف في وجه «الدائرة المغلقة للذين استأثروا بالاقتصاد». وربط خصميه خلال المناظرتين التلفزيونيتين بـ«الانتهازيين» في النظام الذين وصفهم العام الماضي بأنهم «مافيا اقتصادية». وسأل موسوي «من أين تستمد أموال حملتك؟» قبل أن يتهمه بأنه مدعوم من الرئيس السابق أكبر هاشمي رفسنجاني (1989 ـ 1997) الذي يقال إنه يملك ثروة طائلة.

وكان أحمدي نجاد هزم رفسنجاني في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية عام 2005. واستخدم الرئيس التكتيك ذاته مع كروبي فبادره سائلا: «كيف اشتريت منزلك؟» قبل أن يتهمه بأنه تلقى أموالا حين كان رئيسا لمجلس الشورى من رجل أعمال أودع السجن لاحقا بتهمة الفساد. وفي كلا الحالين، فإن الرئيس هاجم شخصيتين مرموقتين في النظام هما رجلا دين لهما ماضٍ ثوري، غير أن مصدر ثروتهما الشخصية كان حتى الآن من المواضيع المحظور طرحها. أما خصمه الثالث الرئيس السابق للحرس الثوري محسن رضائي، فهاجمه بشدة منتقدا تفرده في ممارسة السلطة. واكتفى أحمدي نجاد بتبرير انتقادات خصمه بـ«قلة معرفته في إدارة الشؤون الجارية».

من جهته قال المرشح الإصلاحي مهدي كروبي أكثر منافسي أحمدي نجاد ليبرالية في الانتخابات، إنه سيقاوم النداءات المتزايدة له بالانسحاب وبتوحيد الناخبين المعتدلين ضد الرئيس أحمدي نجاد. ويُنظر إلى مهدي كروبي على أنه ذو حظ ضئيل في الفوز بالسباق وتعرض لضغط من الإصلاحيين للانسحاب وتعزيز فرص رئيس الوزراء السابق مير حسين موسوي.

وقال في مؤتمر صحافي: «لن أنسحب أبدا. أعتقد أنه كلما زاد عدد المرشحين كان ذلك أفضل». لكن حليفا لكروبي هو رئيس سابق للبرلمان قال إنه قد يواجه ضغطا مستمرا للانسحاب في الأيام القليلة المقبلة لتجنب تقسيم الأصوات المؤيدة للإصلاحيين. ويتهم كروبي نجاد بعزل إيران بهجومه اللاذع على الولايات المتحدة وبنهجه المتشدد في ما يتعلق بسياسة إيران النووية وبإنكاره المحرقة.