السودان: ارتياح في الأوساط الصحافية والسياسية لإجازة قانون الصحافة في البرلمان

الصحافيون اعتبروه انتصارا.. والسياسيون طالبوا بإلغاء الرقابة الأمنية على الصحف

TT

أبدت القوى السياسية السودانية «حكومة ومعارضة» ارتياحها الشديد، بعد أن صوت نواب البرلمان السوداني، بإجماع وصفه المراقبون بأنه نادر، لصالح إجازة قانون جديد للصحافة السودانية.

ويمنح القانون الجديد المحاكم السودانية سلطة إيقاف الصحف وتغريمها ماليا وسحب الترخيص بممارسة المهنة من الصحافيين، بعدما كانت تحت إشراف جهاز الأمن ومجلس الصحافة الحكومي. وأعطى القانون الجديد مجلس الصحافة الذي يقع تحت إشراف الرئيس عمر حسن البشير حق الموافقة على إصدار الصحف في السودان، وحق إيقاف الصحيفة لمدة لا تتجاوز ثلاثة أيام، فيما يعود إلغاء الترخيص وإيقاف المطبوعة لفترات أطول إلى المحاكم. وقال رئيس اتحاد الصحافيين السودانيين «بهذا القانون نفتح صفحة جديدة في حرية الصحافة بالسودان، وهذا القانون يجد القبول من المجتمع الصحافي». وأسقط النواب نحو 20 مادة من مشروع القانون السابق الذي عرض عليهم ورفضوه منذ عدة أشهر، واستعاضوا عنها ببنود أخرى، وقالوا إنها تتسق مع الدستور ومرحلة التحول الديمقراطي في البلاد. ووصف نواب في البرلمان ما أجيز بأنه «قانون جديد»، غير الذي جرى تقديمه للبرلمان في شكل مشروع. ومن أهم التعديلات، حسب المصادر، إلغاء كل العقوبات الموضوعة في القانون على الصحافي، وترك أمر تقدير العقوبات إلى المحكمة. وألغى البرلمان كل العقوبات الإدارية من قبل مجلس الصحافة على الصحافة والصحافيين، فيما خفض عقوبة في المشروع تنص على إيقاف الصحيفة 7 أيام إداريا من مجلس الصحافة إلى 3 أيام فقط، وقد أثارت هذه المادة جدلا وسط النواب قبل إجازة القانون. وأحال القانون المعدل المجاز سلطة منح القيد الصحافي للصحافيين من مجلس الصحافة إلى اتحاد الصحافيين، ويتبع القانون بعد تعديلات مجلس الصحافة رئاسة الجمهورية. ومن العقوبات الإدارية الملغاة: التأنيب، إلزام الصحيفة بالاعتذار ونشر قرار المجلس بشأن المخالفة، الإنذار، الحرمان من الامتيازات التي يخصصها المجلس، لفت النظر، التأنيب المنشور، إيقاف الصحيفة لفترة لا تتجاوز 3 أيام، إلغاء الترخيص في حال مخالفة الشروط الممنوحة بموجبه، يجب على المجلس قبل إيقاع أي جزاء في حق أي شخص أن يتيح له حق السماع والدفاع.

ومن المواد الملغاة في القانون المجاز مادة تنص على أن كل من يخالف أحكام هذا القانون واللوائح يعد مرتكبا مخالفة ويعاقب عند الإدانة بالغرامة التي لا تزيد عن 50 ألف جنيه سوداني، وأخرى تنص على إيقاف المطبوعة لفترة لا تتجاوز شهرين، وإلغاء الترخيص إذا حكم بإيقاف المطبوعة لمرتين، ومصادرة المطابع والمطبوعات الصحافية في حالة تكرار المخالفة وفقا لأحكام هذا القانون لأكثر من مرتين.

اعتبر الدكتور غازي صلاح الدين العتباني رئيس الكتلة البرلمانية لنواب حزب المؤتمر الوطني الحاكم أن القانون نصر للصحافة السودانية، وقال: «في جوهره واتجاهه العام، يسعى لإنشاء صحافة مهنية رقيبة على ذاتها وليس عليها رقابة من الخارج»، وقال العتباني إن «الصحافي عرضة للخطأ، لذا لا بد من ضوابط لتحجيم الخطأ».

من جانبه، قال ياسر سعيد عرمان رئيس الكتلة البرلمانية للحركة الشعبية لتحرير السودان إنه «بإجازة القانون، على السلطات أن ترفع الرقابة الأمنية القبلية عن الصحف». فيما وصف المحامي صالح محمود النائب عن كتلة نواب التجمع المعارض في البرلمان إجازة القانون بأنه «انتصار كبير»، وعبر محمود عن إشادته بروح النقاش بين القوى السياسية في الفترة الماضية ما أسفر عن قانون قال إنه «منصف» للصحافة السودانية. وكشف محمود لـ«الشرق الأوسط» عن أن «الحوار بين القوي السياسية في الفترة الماضية حول مشروع القانون المقدم إلى البرلمان من قبل مجلس الوزراء، خلص إلى توصيات تم تضمينها في التعديلات التي تمت في القانون»، قبل أن يصف التعديلات بأنها كانت كبيرة، وقال: «بل أقول إن ما أجيز هو قانون جديد وليس المشروع المقدم»، وأشاد بالدكتور العتباني لقبوله كل الآراء حول المشروع الجدلي بما أفضى إلى التعديلات الماثلة. وقال محمود إن القانون المجاز متسق مع الدستور والاتفاقات. ووصف الفاتح السيد، الأمين العام لنقابة الصحافيين، القانون الجديد بأنه واع بالمرحلة والمتغيرات في البلاد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن من شأنه أن يرفع المقدرات المهنية، وأضاف أن المرحلة تحتاج إلى هذا القانون، وحسب السيد، فإن التعديلات طالت نحو 80% من مواد القانون المقدم إلى البرلمان.