«سي آي إيه» تطلب من محكمة أميركية عدم الكشف عن 65 وثيقة تعود إلى عهد إدارة بوش

الوكالة تبرر ذلك بإمكانية استخدام «القاعدة» لمحتوياتها في دعايتها لتجنيد إسلاميين

TT

أبدت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما اعتراضها على قرار الإفراج عن عدد من الوثائق التي تعود إلى إدارة الرئيس جورج بوش، وتحوي تفاصيل بشأن عمليات الاستجواب المسجلة مع معتقلي وكالة الاستخبارات في سجونها السرية، معللين ذلك للقاضي الفيدرالي بأنه سيعرض الأمن القومي للخطر ويعزز من جهود «القاعدة» في تجنيد متطوعين جدد.

ودافع ليون بانيتا، مدير الاستخبارات الحالي، في شهادة خطية، عن سرية التسجيلات التي تصف محتوى 92 شريط فيديو وتدميرها من قبل الاستخبارات الأميركية عام 2005 وما سماه «معلومات عملية حساسة» حول تلك التحقيقات. وقال بانيتا في شهادته «إن الكشف الإجباري عن تلك المواد لاتحاد الحريات المدنية الأميركي يمكن أن تنجم عنه نتائج خطيرة على الأمن القومي عبر إعلام أعدائنا بما نعلمه عنهم ومتى وكيف تم استخلاص تلك المعلومات في بعض المراحل».

على الرغم من أن تصريح بانيتا الحالي يتفق مع معارضته السابقة لكشف المعلومات الأخرى عن سياسات الاستجواب والممارسات التي انتهجتها وكالة الاستخبارات المركزية خلال عهد الرئيس بوش فإنه يمثل تأكيدا جديدا من قبل إدارة الرئيس أوباما بضرورة السماح لوكالة الاستخبارات المركزية بالإبقاء على سرية تلك المعلومات. وكان منتقدو إدارة بوش قد أملوا طويلا في أن يؤدي الكشف عن تلك الوثائق إلى تحديد المسؤولية عن تلك الممارسات التي اعتبروها انتهاكا أو غير قانونية.

وكانت الإدارة الحالية قد أعربت عن رغبتها في منع الإفراج عن الصور التي سعت منظمات غير ربحية أخرى، نقلت الانتهاكات التي مورست بحق المعتقلين في السجون العسكرية خلال إدارة بوش، للحصول عليها.

وقال بانيتا إن أيا من وثائق «سي آي إيه» البالغ عددها 65 وثيقة محل النقاش الآن، التي ناضل اتحاد الحريات المدنية الأميركية لسنوات بغية الحصول عليها بموجب قانون حرية المعلومات، لن يتم الإفراج عنها. وطالب القاضي الفيدرالي ألفن هيلرستين، بالتفرقة بين ما أفرجت عنه الإدارة في أبريل (نيسان) من مذكرات وزارة العدل التي أجازت وسائل التحقيق القاسية، وبين رغبة وكالة الاستخبارات في الحفاظ على سرية وثائقها التي تقدم معلومات تفصيلية عن الطريقة التي تم التعامل بها مع المعتقلين في سجونها السرية خارج الولايات المتحدة. وقال إنه على الرغم من مناقشة وثائق وزارة العدل لأساليب التحقيق السرية بصورة ضمنية، فإن المعلومات التي ستقدمها وثائق وكالة الاستخبارات ستكون ذات «طبيعة نوعية مختلفة، وأنها تصف أساليب التحقيق كما نفذت في العمليات الحقيقية». وأضاف بانيتا الذي أشار إلى أن المعلومات ذخيرة معدة للاستخدام، قائلا: «إن كشف تفاصيل تحقيقات معينة سيوفر للقاعدة الدعاية الإعلامية التي يمكن استخدامها لتجنيد المزيد من الجنود وجمع التمويلات». كما قدم بيانا سريا للمحكمة يوضح السبب وراء إمكانية استخدام المعتقلين لمحتوى تلك الوثائق، للتهرب من المساءلة في المستقبل، على الرغم من وعود إدارة أوباما بأن الولايات المتحدة لن تستخدم وسائل التحقيق القاسية في المستقبل.

وقال جميل جعفر، مدير برنامج الأمن القومي في اتحاد الحريات المدنية الأميركية، مساء أمس، إنه لمن المروع والمثير للانزعاج أن تصر إدارة أوباما على أن تظل المعلومات بشأن الانتهاكات المزعومة سرية لاحتمالية تشكيلها وقودا للدعاية المعادية للولايات المتحدة. وأشار إلى أن ذلك يؤكد أنه «كلما زادت الانتهاكات زادت أهمية الحفاظ على سريتها، كما أن اتحاد الحريات المدنية الأميركية مقتنع بضرورة إطلاع الرأي العام على التسجيل الكامل لما حدث في سجون الوكالة والمسؤول عنها».

وعلى الرغم من سعي الاتحاد عام 2004 إلى الحصول على الوثائق التي تتناول وسائل الاستجواب القاسية فإنه لجأ إلى القضاء عام 2007 في أعقاب الكشف عن تدمير الوكالة لأشرطة الفيديو. وطالب الاتحاد بحرية الوصول إلى الرسائل الإلكترونية والمعلومات الداخلية التي تكشف عن محتوى الشرائط والأشخاص الذين شاركوا أو وافقوا أو صدقوا على ذلك التدمير.

وقد دأب هيلرستين على رفض الإيماءات التي قدمتها وكالة الاستخبارات المركزية بإمكانية رفض القضية لكنه لم يبرئ الوكالة من تهمة الازدراء. وأمر بدلا من ذلك وكالة الاستخبارات المركزية بتسليم بعض التسجيلات وأن تقدم تفاصيل بشأن الأخرى التي تحتجزها، واستجابت الوكالة لقرار المحكمة عبر تقديم الوثائق إليها مغلقة. ويتابع مدع عام فيدرالي التحقيق بشأن تدمير الأشرطة. وتشير «سي آي إيه» إلى وجود 580 وثيقة تتعلق بطلب اتحاد الحريات المدنية. وقال بانيتا إن بيانه ينطبق على الوثائق الـ65 التي تم اختيارها حتى الآن من قبل المحكمة للإفراج المحتمل عنها وأن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ستفكر في المستقبل في الإفراج عن «الوثائق غير العملية في مجموعة أكبر».

وفي وثيقتين قانونيتين قدمتا إلى المحكمة إلى جانب رسالة بانيتا، قالت الوكالة إن المواد التي يجب الإبقاء على سريتها تتضمن صورا لزين العابدين محمد حسين المعروف «بأبي زبيدة» المعتقل الأول الذي تعتقد وكالة الاستخبارات المركزية أنه يحمل أهمية كبرى، وملخصا مطولا مكتوبا بخط اليد للملاحظات التي أخذت بعد مراجعة أشرطة الفيديو. وتتناول خمس صفحات كتبها محامي الوكالة، وتحوي تفاصيل بشأن سياسة الوكالة، والتوجيه القانوني بشأن تدمير الأشرطة، ورسالة بريد إلكتروني لمدير الوكالة، وست صفحات تحمل رواية لأحد الموظفين مع محامي الوكالة بشأن الشرائط، وكذلك سلسلة من رسائل البريد الإلكتروني التي تناقش ما يجب على وكالة الاستخبارات للرأي العام بشأن تدمير الأشرطة.

كما تقول المذكرتان أيضا إن إحدى الوثائق تقدم ملخصا لتفاصيل عملية الإيحاء بالغرق في الشرائط المدمرة، والتي اعتبرها الرئيس أوباما وأعضاء حكومته تعذيبا غير شرعي. وعلى الرغم من تنقيح وكالة الاستخبارات الدائم لأجزاء كبيرة من الوثائق التي تفرج عنها، فإن بانيتا قال إنه عازم «على عدم الإفراج عن أي معلومات من الوثائق موضع النزاع».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»