البرلمان اللبناني الجديد مرشح للتجاوب مع دعوة سليمان إلى إعداد نظام انتخابي يعتمد النسبية في التصويت

منتقدو «قانون الـ1960» يدعون إلى قانون جديد يعتمد النسبية

البرلمان اللبناني: وجوه جديدة وقانون جديد؟ (إ.ب.أ)
TT

أجمع منتقدو «قانون الـ1960» على أن الشوائب التي رافقت العملية الانتخابية التي جرت الأحد الماضي في لبنان وما رسّخته من اصطفاف طائفي ومذهبي، توجب تلبية الدعوات المتكررة التي وجّهها رئيس الجمهورية ميشال سليمان إلى «ضرورة استكمال الإصلاحات الواردة في مشروع قانون اللجنة الوطنية برئاسة الوزير السابق فؤاد بطرس وخصوصا تطبيق مبدأ النسبية» دون أن تفوته المطالبة، في مارس (آذار) الماضي، بـ«تعديل الدوائر الانتخابية بما يتلاءم مع مبدأ النسبية، ويتناسب كذلك مع اتفاق الطائف».

وللتذكير فقط، فإن البرلمان المنتهية ولايته كان وعد قبيل انتخابه في دورة الـ2005 بمباشرة إعداد قانون فور انتخابه. لكن هذا الوعد بقي حبرا على ورق أودع أدراج المجلس إلى أن وقعت أحداث 7 أيار (مايو) 2008 التي أدّت إلى توجه فريقَي 8 و14 آذار إلى الدوحة حيث اتفقا. بموجب تسوية، على اعتماد «قانون الستين» مع بعض التعديلات الطفيفة.

وهكذا أُجريت الانتخابات على أساس هذا القانون وللمرة الأولى في يوم واحد فقط. لكن على رغم الإصلاحات التي حاولت وزارة الداخلية تطبيقها في هذه الدورة وبموجب هذا القانون، فإنها لم تمر من دون شوائب بدت صارخة في بعض الدوائر.

وفي انتظار صدور التقارير النهائية للمراقبين الدوليين الذين انتشروا في كل الدوائر، ماذا يقول خبراء استطلاعات الرأي عن نتائج هذا القانون؟ وما الدوافع التي خرجوا بها من جراء هذه التجربة ليتسلحوا بالمطالبة بقانون يعتمد النسبية؟

مدير «مركز بيروت للأبحاث والمعلومات» عبدو سعد، خرج بمجموعة من الحجج ليضيفها إلى قائمة الأسباب التي تدفعه إلى الاستمرار في المطالبة باعتماد النسبية مع جعل لبنان دائرة واحدة. وقال: «لا أحد ينكر عمليات شراء الأصوات التي تمت على نطاق واسع جدا، فضلا عن استقدام المغتربين وشراء تذاكر السفر لهم. وأعتقد أن هذه التجاوزات حصلت من جانب الفريقين. لذلك فإن هذه الانتخابات تُعتبر أكبر عملية تزوير للإرادة الشعبية في تاريخ لبنان. وبغض النظر عن الفائز، فالمجلس في رأيي، غير شرعي، حتى إن فازت المعارضة».

وأضاف: «هناك أسباب عدة تدعو إلى اعتماد النسبية: أولا، من أجل تثبيت الاستقرار السياسي. ثانيا، إضعاف هامش التزوير بالشكل الذي تم وهو الشكل الشائع جدا في دول العالم الثالث. ثالثا، أن النسبية هي النظام الوحيد الذي يتوافق مع الدستور الذي ينص على المساواة بين اللبنانيين. فهناك دوائر كبشرّي يحتاج فيها المرشح إلى 11 ألف صوت ليفوز، ودوائر أخرى كبعلبك يحتاج فيها إلى أكثر من مائة ألف صوت». ورأى أن «النسبية تساعد على إنتاج أحزاب وطنية عابرة للطوائف وتكسر إرادة بعض الزعماء في احتكار تمثيل طائفتهم. كما يساعد على إدخال وجوه جديدة إلى البرلمان، لا سيما مع تعزيز مشاركة المجتمع المدني. كذلك سيعزز المشاركة الشعبية لتتجاوز نسبة الـ70 في المائة حتى يشعر المواطن بأنه هو من أنتج السلطة لا أن تكون قد فُرضت عليه فرضا».

في المقابل، بدا مدير مركز «كارنيغي» في الشرق الأوسط بول سالم أقل حدة في تقويمه العملية الانتخابية. ففيما أقر بـ«النجاح على المستوى الأمني»، عدّد الشوائب التي رافقت العملية «خصوصا الزحمة وعدم انتظام الصفوف أمام أقلام الاقتراع بعدما خفضت أعدادها في كل المراكز، في موازاة إقبال كثيف من الناخبين. كذلك بدا واضحا أن رؤساء الأقلام والموظفين يحتاجون إلى مزيد من التدريب الذي يركّز على الفاعلية والسرعة في موازاة الحرص على الدقة. ذلك أن البطء الكبير تسبب بزحمة خانقة. كما برز نقص كبير في التدابير اللوجستية، وخصوصا لناحية تعميم التجهيزات اللازمة ليقترع المعوّقون».

وفيما أكد توثيقه «عددا من المخالفات من شراء أصوات وتوزيع بطاقات لتعبئة الخطوط الخلوية ووقود السيارات»، دعا إلى «ضرورة ضبط الإنفاق الانتخابي، لا سيما بعدما شهدنا إنفاقا هائلا على استقدام المغتربين».

ولفت إلى «ضرورة الانصراف للبحث في اعتماد القانون الذي أعدّته لجنة الوزير السابق فؤاد بطرس التي توصلت إلى التوفيق بين النظامين الأكثري والنسبي في مرحلة انتقالية تتوافق مع الواقع اللبناني. ذلك أن الاستمرار في اعتماد النظام الأكثري يجعل العملية الديمقراطية منازلة بين أربعة زعماء ويمنع ظهور تيارات سياسية جديدة. فلو اعتمدنا النسبية لاختلف مشهد المجلس النيابي كليّا عما هو اليوم. وهذا لا يعني قلب الموازين لمصلحة المعارضة، لأنه أصلا لولاها لما وُجدت هذه الانقسامات كما هي اليوم، أي أن النسبية كفيلة بإعادة خلط الأوراق».