اغتيال رئيس كتلة «التوافق» في البرلمان.. والجبهة تتهم «أعداءها» وتطالب بتحقيق

مراهق ألقى قنبلة على العبيدي داخل مسجد.. ومقتل وإصابة 16 شخصا

عناصر أمن عراقيون يعاينون بقعة دم في موقع الهجوم على النائب حارث العبيدي في بغداد أمس (أ.ب)
TT

فيما أعلنت مصادر برلمانية وأخرى أمنية عراقية اغتيال حارث العبيدي، رئيس كتلة جبهة التوافق في البرلمان العراقي بعد أدائه خطبة الجمعة في جامع الشواف بحي اليرموك غرب بغداد، اتهمت الجبهة التوافق في البرلمان العراقي «أعداء» جبهة التوافق والحزب الإسلامي باغتياله.

وأعلن مصدر أمني عراقي مقتل خمسة أشخاص بينهم العبيدي وإصابة 12 شخصا بجرح، بعد مداهمة مسلح لمسجد الشواف، وقال المصدر «إن فتى في الخامسة عشرة من العمر تقريبا، اقتحم مسجد الشواف (غرب) وتوجه مباشرة إلى العبيدي واغتاله هو واحد عناصر حمايته».

وتابع «ثم قام بإلقاء قنبلة يدوية على الأشخاص الذين أحاطوا به قبل أن يحاول الفرار، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة 12 آخرين بجروح»، مؤكدا مقتل الفتى على يد عناصر الأمن لدى محاولته الفرار.

من جانبه، اتهم سليم عبد الله، المتحدث باسم الجبهة، والقيادي في الحزب الإسلامي، من اسماهم بـ«اعداء» جبهة التواق والحزب الإسلامي بتدبير عملية اغتياله، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط»، «أن العبيدي لم ينتم للحزب الإسلامي، لكنه كان متماثلا مع أهدافه وتطلعاته» مشيرا إلى أن «الرؤية ليست واضحة الآن بشأن من قام بعملية الاغتيال، لكنه سيكون حتما من المعارضين لمن يطالب بإطلاق سراح المعتقلين ومن يقف ضد انتهاكات حقوق الإنسان في السجون العراقية».

وقال عبد الله إن العبيدي كان يشغل منصب نائب رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي، وقد كان من المطلعين على أوضاع السجون العراقية ورصد انتهاكات حقوق الإنسان فيها. وكان العبيدي قد استنكر في آخر جلسة للبرلمان العراقي التي انعقدت الخميس الماضي، أوضاع السجون العراقية محملا الجهات الأمنية العراقية مسؤولية وجود حالات تعذيب فيها ومطالبا باستجواب القادة والمسؤولين الأمنيين من قبل مجلس النواب.

من جانبه، قال النائب عبد الكريم السامرائي، نائب رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان، إن لجنة تحقيقية شكلت من قيادة أمن بغداد للتحقيق في الحادث، وأضاف «نأمل أن تزودنا بالتقرير بعد اكتمال التحقيق، ولا نعرف حتى الآن الجهة التي تقف وراء الحادث، والخلاصة أن الشهيد كان منبرا للدفاع عن حقوق الإنسان والمعتقلين وكان يزور السجون والمعتقلات ويركز عليها، وأيضا هو شخصية متميزة وهناك جماعات إرهابية ومجاميع مجرمة لا ترضى بهذه الأمور وكذلك جهات أخرى سيكشف النقاب عنها خلال التحقيق».

وأكد أحد الأشخاص المقربين من العبيدي لـ«الشرق الأوسط» أن الأخير «كان يلقي بشكل دائم خطبة الجمعة في جامع الشواف ولا يتغيب عن خطبته الأسبوعية إلا لأسباب قاهرة»، مشيرا إلى أن «العبيدي درس الفقه الإسلامي وحصل على شهادة الدكتوراه فيه، وكان أول سياسي عراقي يقوم بزيارة سجن النساء وقدم تقارير حول الأوضاع في السجون العراقية». وبحسب مقربين منه، فإن العبيدي كان يطالب بإطلاق سراح المعتقلين «الأبرياء» الذين لم تثبت إدانتهم، داعيا إلى عدم الإفراج عن المذنبين.

وأكد في مرات عدة أن «مسؤولين في الحكومة يحاولون التغطية على عجز قوات الأمن في العاصمة وبعض المدن فلجأوا إلى اتهام المعتقلين المفرج عنهم بالضلوع في عمليات التفجير التي وقعت في بغداد خلال الأسابيع الماضية»، واتهم العبيدي في وقت لاحق لجنة حقوق الإنسان البرلمانية بأنها تعاني من «التباطؤ» و«اللامبالاة» في تطبيق قانون العفو العام، قائلا «إن أعضاء لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب يعانون من التباطؤ واللامبالاة في التطبيق، إذ نسمع بين الحين والآخر أعذارا لا تستند إلى مستندات قانونية»، داعيا الوزارات التنفيذية المعنية إلى «المباشرة بتنفيذ القانون»، مضيفا أن «مطالبة أعضاء جبهة التوافق بتفعيل قانون العفو العام هو مطلب قانوني ومشروع، لأن أي قانون يصدر عن السلطة التشريعية، المتمثلة بالبرلمان، يكون واجب التنفيذ ولا يحق لأي جهة سياسية أو غير سياسية أن تعترض أو تضع عقبات في طريق تنفيذ القانون».

وانتخبت جبهة التوافق العراقية العبيدي رئيسا للكتلة في الرابع من مايو (أيار) خلفا لرئيس البرلمان الحالي الدكتور إياد السامرائي الذي كان يشغل هذا المنصب.

 وكان العبيدي مؤسسا لرابطة التدريسيين الجامعيين التي تشكلت عام 2003، وهي مؤسسة غير حكومية تعنى بالدفاع عن أحوال الأساتذة الجامعيين بالعراق، ولعبت هذه المنظمة دورًا بارزًا في الكشف عن عمليات الاغتيال التي استهدفت العشرات من الأساتذة والكفاءات العلمية العراقية، كما كان مسؤول هيئة علماء المسلمين في العراق. وفي تطور لاحق، أمر رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، بتشكيل لجنة تحقيقية للكشف عن «خيوط العصابة الإرهابية التي نفذت جريمة اغتيال رئيس كتلة التوافق وعضو مجلس النواب الدكتور الشهيد حارث العبيدي وتقديمهم للعدالة». وقال بيان لمكتب رئيس الوزراء تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، «إن هذه الجريمة الجبانة المستنكرة هي محاولة خائبة لزرع الفتنة الطائفية واثبات وجود للمنظمات الإرهابية التي تلقت ضربات قاصمة على يد أبناء قواتنا المسلحة، وإن هذه الجريمة البشعة لن تثني شعبنا وقواه الوطنية من مواصلة الطريق مهما بلغت التضحيات، وإننا مصممون على التصدي للمجرمين والإرهابيين الذين يستهدفون وحدة الشعب العراقي وأمنه واستقراره».

من جانبه، نعى حزب الدعوة الإسلامية، الذي يتزعمه المالكي، العبيدي، وقال الحزب في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه «إن العبيدي اغتالته طغمة إرهابية حاقدة تريد إعادة العراق إلى عهود الدكتاتورية والظلام وتسعى لتفريق أبناء الوطن الواحد والإيقاع بين أبنائه المخلصين بعد أن عجزت عن جر البلاد إلى حرب أهلية كان يراد لها أن تحرق الأخضر واليابس وتدمر الحرث والنسل».