مصر: الإغلاق النهائي لصحيفة «البديل» يثير جدلا حول مستقبل الصحافة الخاصة

خبراء في النشر ينفون أن يكون السبب توجهها اليساري

TT

رغم أن قرار الجمعية العمومية لشركة التقدم للصحافة والنشر الذي اتخذته الأربعاء الماضي 1 يوليو (تموز) بالإغلاق النهائي لصحيفة «البديل» اليومية الخاصة لم يكن مفاجأة، إذ سبقته مقدمات عديدة منها إعلان توقف الصحيفة عن الصدور منذ أبريل (نيسان) الماضي نتيجة المشكلات المالية التي عانتها الصحيفة ذات التوجهات اليسارية منذ صدورها في 16 يوليو (تموز) عام 2007، إلا أن قرار الإغلاق النهائي فجر نقاشات واسعة حول مستقبل الصحافة المصرية وتحديدا تجربة الصحف الخاصة. وبرزت إلى سطح النقاشات الدائرة تساؤلات ومخاوف عديدة تتعلق بقضيتين رئيسيتين هما، مصادر تمويل الصحف الخاصة خاصة في ظل الأزمة المالية العالمية، والثانية مستقبل الصحافة المصرية بوجه عام وما إذا كان يمكنها أن تخرج من حالة «الإصدارات العشوائية» إلى مرحلة «الصناعة الإعلامية».

وأعرب خبراء في النشر الصحافي عن اعتقادهم بأن إغلاق البديل لم يكن في مجمله تأثرا بالأزمة المالية العالمية، إنما بسب ما وصفوه بـ«الإدارة العشوائية» للصحيفة وهو منهج قالوا إنه يسيطر على طرق إدارة أغلب الصحف المصرية.

وزاد النقاش سخونة أن الوسط الصحافي المصري ينتظر صدور عدد كبير من الصحف اليومية، فيما تستعد صحف أسبوعية خاصة للتحول إلى الإصدار اليومي، بينها صحيفتا «الفجر» الأسبوعية التي يترأس تحريرها الكاتب عادل حمودة، و«اليوم السابع» التي يترأسها خالد صلاح، كما أشارت تقارير صحافية عديدة شغلت الوسط الصحافي عن صفقتين لبيع صحيفتين يوميتين خاصتين لرجال أعمال جدد هما «الدستور» و«النبأ».

وأرجع الناشر هشام قاسم أسباب إغلاق «البديل» إلى ما وصفه بـ«الإدارة العشوائية» للصحيفة، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إدارة البديل أصرت منذ البداية على التعامل معها كتنظيم سياسي، إذ كان يتم اختيار القيادات الصحافية على أسس آيديولوجية سياسية وليس على أسس مهنية»، مشيرا إلى أن الصحيفة منذ صدورها لم يكن بها إدارة للإعلانات رغم أن الإعلان المصدر الأساسي لتمويل أي صحيفة.

ورفض قاسم الربط بين إغلاق الصحيفة وتوجهاتها اليسارية، وقال: «الربط بين إغلاق الصحيفة وتوجهاتها اليسارية كلام غير صحيح لأن مصر بها أكثر من 40% فقراء بما يجعلهم قراء مستهدفين ومحتملين لأي صحيفة يسارية تعبر عنهم». واعتبر قاسم أن الصحافة الخاصة تحاول في الوقت الراهن الانتقال من مرحلة الإصدارات العشوائية إلى مرحلة «الصناعة» التي تعتمد على الأسس العلمية ولكن بخطى بطيئة. وأضاف قاسم قائلا: «نحتاج إلى تصحيح مسار الصحافة والانتقال بها إلى مرحلة الصناعة، وعلينا أن نبذل جهدا كبيرا لإقناع المستثمرين بأن صناعة الصحافة والإعلام قد تكون مربحة أكثر من صناعات أخرى عديدة وأنها مجال هام للاستثمار».

واعترف رئيس تحرير «البديل» خالد البلشي الذي تولى موقعه قبل نحو ستة أشهر بأن إغلاق الصحيفة يرجع إلى «سوء الإدارة» وقال لـ« الشرق الأوسط» إن الصحيفة كانت تدار بشكل عشوائي من دون أسس علمية.

وقال عميد كلية الإعلام الأسبق بجامعة القاهرة الدكتور فاروق أبو زيد، إن الوضع الاقتصادي والسياسي المصري غير مناسب لإنشاء مؤسسات إعلامية تعتمد على التمويل الذاتي.

وأوضح أبو زيد أن النماذج الثلاثة للصحافة المصرية «حكومية ـ معارضة ـ خاصة» لا تعتمد على التمويل الذاتي، إذ تدعم الحكومة مؤسساتها الصحافية ماليا برغم الزيادة المستمرة في مديونيات وخسائر هذه الصحف التي تمثل نحو 80% من حجم الإصدارات الصحافية في مصر، في حين تدعم الأحزاب صحفها وإن كانت تصدر بإمكانيات أقل، أما الصحف الخاصة فتعتمد في تمويلها على دعم رجال الأعمال الذين يملكونها أو على تمويلات أجنبية مجهولة المصدر.