أحمدي نجاد: انتخابات إيران الأكثر نزاهة في العالم .. والآلاف يرددون: «الموت للديكتاتور»

مصدر إصلاحي لـ«الشرق الأوسط» : خطاب نجاد علامة ضعف وسيواجه مصاعب

الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد اثناء إلقائه خطابا متلفزا الليلة قبل الماضية اعرب فيه عن تطلعه الى التغيير في طاقمه الوزاري ومراعاة رغبات الشباب (أ ف ب)
TT

لمحت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون للمرة الأولى إلى أن الاضطرابات التي شهدتها إيران بسبب أزمة الانتخابات الرئاسية قد تؤثر بالسلب على إمكانيات نجاح سياسة الانفتاح بين واشنطن وطهران، موضحة «أنه قد لا يكون ممكنا» التواصل الأميركي مع طهران أخذا في الاعتبار قمع السلطات للمتظاهرين احتجاجا على نتائج الانتخابات. وتابعت «قد لا يكون ذلك ممكنا. في كل الحالات سنطلب من دول العالم الانضمام إلينا لفرض عقوبات أشد على إيران في محاولة لتغيير سلوك ذلك النظام.. رأينا في الأسابيع الأخيرة أن إيران لم تظهر احتراما لديمقراطيتها». وجاءت تصريحات هيلاري فيما حذر رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأميركية، الأميرال مايك مولين، أن خيار قصف إيران من ضمن الخيارات المطروحة فيما يتعلق بإزمة الملف النووي الإيراني، إلا أنه خيار سيئ، موضحا أن عواقبه لا يمكن التنبؤ بها وقد يكون مكلفا. ويأتي ذلك فيما وعد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بإجراء تغييرات على فريقه الحكومي و«احترام» الشباب عندما تتولى حكومته الجديدة مسؤولياتها عقب إعادة انتخابه المثيرة للجدل». وذلك في محاولة منه لتخفيف حدة الحنق على حكومته المرتقبة سواء من قبل الشارع أو قيادات المعارضة. وقال أحمدي نجاد في كلمة تلفزيونية إلى الشعب الإيراني إنه «يجب تغيير هيكل الحكومة، وستكون التغيرات في الحكومة كبيرة للغاية». وأضاف أن حكومته الجديدة ستضع «الإسكان والتوظيف والإصلاح الاقتصادي» على أجندتها. كما أكد «أنا ضد المواجهات بين الشرطة والناس.. علينا أن نحترم ميول الناس خاصة الشباب».

وأعلن عن فوز نجاد، الذي يتمتع بدعم المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، في الانتخابات التي جرت في 12 يونيو (حزيران) وسط اتهامات بالتزوير من مرشح الرئاسة الخاسر مير حسين موسوي والمرشح الإصلاحي مهدي كروبي. وأدت نتائج الانتخابات إلى خروج مئات الآلاف إلى الشوارع في احتجاجات استمرت أسبوعا قالت الشرطة إنها أدت إلى مقتل 20 إيرانيا على الأقل واعتقال أكثر من ألف. إلا أن الأستقرار السياسي ما زال بعيدا بالرغم من حالة الهدوء في الشارع. ويتحسب تيار أحمدي نجاد من أن المعارضة الاصلاحية قد تتسبب في مشاكل داخلية كبيرة لحكومة أحمدي نجاد، خاصة فيما يتعلق بإختيار الوزراء، وهو ما قد يعيق تشكيل الحكومة لأسابيع. وانتقد أحمدي نجاد في كلمته، التي تعد الأولى الرسمية للإيرانيين منذ انتهاء التظاهرات في الشارع، القوى الدولية بسبب «تدخلها وأعمالها الصبيانية»، مشددا على أن انتخابات الرئاسة المتنازع عليها هي أكثر الانتخابات نزاهة في العالم. إلا أن الإيرانيين من فوق أسطح المنازل كان لهم رأى آخر، فخلال إلقاء كلمته سمعت في طهران هتافات «الموت للديكتاتور» و«الله أكبر» احتجاجا على نتائج الانتخابات. وقال أحمدي نجاد إن الانتخابات مؤشر على بداية جديدة للبلاد. تابع «دخلنا عصرا جديدا في السياسات الداخلية والخارجية»، بدون ان يدلي بتفاصيل حول التغييرات المرتقبة في حكومته أو التغييرات في سياسته الداخلية او الخارجية. وقالت مصادر إصلاحية لـ«الشرق الأوسط» إن كلمة أحمدي نجاد التي هدفت إلى أن تكون «تصالحية» تعكس مخاوف متزايدة وسط تياره السياسي وأنصاره في أنه قد لا يستطيع أن يكمل ولايته الثانية وأن مصاعب كبيرة في انتظاره. وقال مصدر إيراني مطلع لـ«الشرق الأوسط»: هذا الخطاب علامة ضعف. فخطابه الأول، في اليوم الثالث بعد إعلان الانتخابات وصف المتظاهرين الذين عارضوه بالحثالة والوتد الجاف. اليوم يقول إنه سيبدأ عهدا جديدا.. هذا يعكس خوفه وقلقه من التحديات القانونية أمامه لأنه يعرف أن الانتخابات غير شرعية وأن حكومته غير قانونية وأن المتربصين به كثيرون حتى من تياره». وأتهم أحمدي نجاد في كلمته الدول الغربية أيضا بالتدخل في الانتخابات وقال الرئيس الإيراني «حاول أعداؤنا الأجانب إظهار أن التصويت مشكوك فيه من أجل تقويض مكانتنا في العالم.. عليهم أن يعلموا أنه كلما زاد تدخلهم دخلنا إلى المشهد الدولي بقوة وعزيمة أكبر». وبينما لم تتحدث الدول الاوروبية او اميركا، بإستثناء هيلاري كلينتون اول من امس، عن تأثيرات الاضطرابات داخل إيران على الحوار مع الغرب حول ملفها النووي، إلا أنه يعتقد ان التطور في هذا الملف سيكون بطيئا. ويأتي ذلك فيما خطت المعارضة الإصلاحية الإيرانية خطوة درامية فيما يتعلق برفضها الاعتراف بحكومة محمود أحمدي نجاد، إذ قال متحدث باسم موسوي إن زعيم الحركة الإصلاحية في إيران دعا البرلمان الأوروبي للضغط على الحكومات الأوروبية لعدم الاعتراف بحكومة محمود أحمدي نجاد. وقال المخرج السينمائي الإيراني محسن مخملباف، المقرب من موسوي والإصلاحيين في إيران، إن حكومة أحمدي نجاد ورجال الدين المتشددين «يهددون السلام» في منطقة الشرق الأوسط، وإن حكومة نجاد «100% ديكتاتورية وتحتاج إلى من يتحداها». وقال مخملباف أمام لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الأوروبي «نعتقد أن أوروبا يمكن أن تفرض عقوبات على إيران. نريد منكم أن تجمدوا الاعتراف بحكومة أحمدي نجاد». وأوضح مخملباف، بحسب ما نقلت وكالة «الأسوشييتد برس» الأميركية، أمس، أنه يتحدث أمام البرلمان الأوروبي بعدما طلب منه مساعدي موسوي أن ينقل هذا الموقف. كما أشار إلى أن موقف الإصلاحيين من حل الأزمة ما زال كما هو وجوهره إعادة الانتخابات الرئاسية تحت إشراف الأمم المتحدة. وقال أعضاء البرلمان الأوروبي إنهم سيبحثون في جلسة خاصة الأسبوع المقبل في مدينة ستراسبورغ الفرنسية الانتخابات الإيرانية والطريقة التي تم بها إنهاء التظاهرات. وفيما لا يملك البرلمان الأوروبي سلطة فرض عقوبات على أي دولة، إلا أنه يستطيع أن يصدر قرارات للضغط على الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات. وكان لافتا أن الاعلان عن لجوء الاصلاحيين للبرلمان الاوروبي للضغط لعدم الأعتراف بحكومة نجاد جاء من اوروبا وليس من طهران. ويعتقد أن السبب وراء ذلك هو رغبة قادة الاصلاحيين العمل ضد نجاد في أطار المؤسسات الرسمية الإيرانية والقانون الإيراني وليس باللجوء على جهات خارجية، في الوقت الذي يتحرك فيه مقربون من الحركة الاصلاحية في الدوائر الاوروبية لمواصلة الضغط على السلطات في إيران بدون ان تتعرض حياة او أمان القادة الاصلاحيين في الداخل للخطر. وبينما أنتشرت قوات الحرس الثوري والباسيج في طهران استعدادا لمظاهرة كبيرة مقررة اليوم لاحياء الذكرى العاشرة لإضطرابات عام 1999 بين قوات الأمن وتنظيمات الطلبة الاصلاحية، نقلت محطة إذاعة حكومية عن قائد الشرطة الإيرانية، إسماعيل أحمدي مقدم، قوله إن ثلثي الأشخاص الذين اعتقلوا أثناء الاضطرابات التي تفجرت بعد انتخابات الرئاسة تم اطلاق سراحهم، موضحا أنه سيفرج قريبا عن 100 آخرين. ونقلت إذاعة الجمهورية الإسلامية الإيرانية (اي.ار.اي.بي) عن قائد الشرطة قوله في مدينة قزوين الشمالية الغربية «100 شخص آخر سيفرج عنهم في اليومين القادمين». وقال المسؤول نفسه في الأسبوع الماضي إن 1032 شخصا اعتقلوا في العاصمة في أعقاب انتخابات الرئاسة لكن أفرج عن معظمهم منذ ذلك الحين. لكن عضوا إصلاحيا بالبرلمان نقل عن المدعي العام الإيراني قوله إن 2000 من بين 2500 شخص تم اعتقالهم قد أفرج عنهم، وإن الحالات الباقية ستحال إلى الهيئة القضائية. ونقل موقع إصلاحي على الإنترنت عن عضو البرلمان محمد رضا تاديش أنه أعد بيانا أمس بعد اجتماع مع المدعي غربانالي دوري نجف أبادي.

ويأتي ذلك فيما طالب خبراء حقوق الأنسان التابعون للأمم المتحدة بتصريح رسمي من طهران لزيارة البلاد وتقييم الأوضاع بعد الانتخابات. وهذه هى المرة الاولى التي تطلب فيها الامم المتحدة بشكل رسمي من إيران السماح لها بإرسال مراقبين لحقوق الانسان لزيارة السجون والتحقيق في مزاعم تكررت على مدار الأسبوع الماضي ان المعتقلين تعرضوا للتعذيب وضغوط شديدة للإعتراف بالعمل مع جهات خارجية، ومن الأسماء التي تردد أنها تعرضت للتعذيب محمد على أبطحي النائب السابق للرئيس الإيراني الاصلاحي السابق محمد خاتمي. وكانت وسائل اعلام إيرانية قد قالت الأسبوع الماضي ان هناك شريط فيديو يتضمن اعترافات لابطحي انه تعامل مع جهات خارجية لتخريب الانتخابات الإيرانية، إلا ان شريط الفيديو هذا لم يبث او يظهر للعلن.