إسرائيل تتهم السلطة بعرقلة التقدم الاقتصادي برفض لقاء مسؤولين إسرائيليين

مسؤول فلسطيني يرفض الادعاءات ويؤكد أن نتنياهو يريد استبدال المسار الاقتصادي بالسياسي

مسافرات فلسطينيات في معبر الكرامة (جسر الملك حسين) على نهر الاردن يجلسن أمام صورة ضخمة للراحلين العاهل الاردني الملك حسين ورئيس الوزراء الاسرائيلي اسحق رابين امس (رويترز)
TT

اتهمت مصادر إسرائيلية، السلطة الفلسطينية، بعرقلة خطة السلام الاقتصادي، التي يروج لها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وأعربت المصادر عن استيائها من رفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) لقاء نتنياهو، وكذلك رفض رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض الاجتماع مع نائب رئيس الحكومة الإسرائيلية سلفان شالوم المكلف بتنفيذ هذه المشاريع.

ورفض الدكتور حسن أبو لبدة أمين عام مجلس الوزراء الفلسطيني، الاتهامات الإسرائيلية. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هذا الادعاء هو محاولة لذر الرماد في العيون ومحاولة لتزوير الواقع على الأرض». وأضاف أبو لبدة، وهو أحد أبرز مساعدي فياض: «إن حكومة إسرائيل تحاول استبدال المسار السياسي للمفاوضات بمسار السلام الاقتصادي. وان السلطة لم تقف عائقا أمام حضور أي اجتماعات لدفع مسيرة عملية السلام لكن المشكلة أن الجانب الإسرائيلي لا يريد أن يلتزم بمحددات عملية السلام ولا يريد الإيفاء باستحقاقاتها، لذلك يفترض أن الجانب الفلسطيني يجب أن يجتمع به على كل شاردة وواردة».

واتهم أبو لبدة إسرائيل بأنها من يعطل كل إمكانيات النمو الاقتصادي، وقال «هناك أمثلة عديدة على مشاريع كبيرة واستثمارات تكاد تنهار». وضرب مثلا حول مشروع مشغل ثان للاتصالات في الأراضي الفلسطينية وهي شركة عربية خليجية، وقال «منذ سنتين ونصف السنة لم يتمكن هذا المستثمر الذي دفع 350 مليون دولار مقابل الرخصة، من التشغيل.. ما زالت إسرائيل تعرقله». وأضاف «هناك مشاريع في أريحا وجنين والخليل وبيت لحم معطلة والقائمة طويلة».

وأوضح أبو لبدة أن المطلوب من الإسرائيليين في مجال الاقتصاد معروف، وهو وقف الاجتياحات، وتنفيذ اتفاقية العبور والحركة التي وقعت عام 2005، وإزالة الحواجز المختلفة.

أما حول ما أقرته إسرائيل من مشاريع اقتصادية في الأراضي الفلسطينية، فقال أبو لبدة «هذه المشاريع التي أقرت ليست مشاريع إسرائيلية، ولا حتى إسرائيلية ـ فلسطينية، بل هي مشاريع فلسطينية معطلة من قبل الجانب الإسرائيلي، وإقرارها لا يقدم ولا يؤخر، ما لم يقم الجانب الإسرائيلي بالتجاوب مع احتياجات ونمو قيام هذه المناطق الصناعية». وكان نتنياهو قد عرض قبل الانتخابات التشريعية برنامجه لـ«السلام الاقتصادي»، الذي قال انه سيحسن نوعية الحياة للفلسطينيين في الضفة الغربية، وأصدر تعليماته إلى جميع الوزارات بدعم جهوده للسلام الاقتصادي للتخلص من الإجراءات البيروقراطية.

ولكن بعد 100 يوم على تشكيله لائتلافه الحكومي، ليس هناك أي تقدم عملي في المشاريع الاقتصادية. ويقول الإسرائيليون إن السبب الرئيسي لذلك هو رفض مسؤولين بارزين في السلطة الفلسطينية التعاون مع الحكومة الإسرائيلية. وبحث اجتماع اللجنة المسؤولة عن تحسين حياة الفلسطينيين، التي يرأسها نتنياهو، دور السلطة الفلسطينية في منع التقدم المطلوب في هذا الجانب. ويقاطع مسؤولو السلطة البارزون نظراءهم الإسرائيليين. وقال شالوم، الذي كان قد تم تكليفه بمهمة الترويج لمبادرة «السلام الاقتصادي»، خلال الاجتماع: «إسرائيل تريد تشجيع السلام الاقتصادي، وأنا أدعو إلى تعاون متزايد من الفلسطينيين».

وكانت اللجنة قد أقرت تنفيذ عدد من مشاريع تأجلت لسنوات نتيجة «لصعوبات بيروقراطية» مختلفة، وأهم هذه المشاريع، إقامة منطقة صناعية في بيت لحم (بتمويل فرنسي) ومنطقة أخرى قرب جنين (بتمويل ألماني) ومنطقة ثالثة قرب أريحا (بتمويل ياباني). وبحسب مصدر سياسي إسرائيلي بارز، فإن جميع الاتصالات المتعلقة بالمسائل الاقتصادية مع الفلسطينيين تتم من خلال المبعوث الخاص للجنة الرباعية في الشرق الأوسط، توني بلير. ورغم أن بلير رئيس الوزراء البريطاني السابق يضغط على الفلسطينيين للقاء نظرائهم الإسرائيليين، فإنه لم ينجح في ذلك. وقال المصدر «الفلسطينيون قلقون من انه إذا تعاونوا بشأن السلام الاقتصادي، فإن إسرائيل ستتمكن من تجنب العملية السياسية». وأدى رفض الفلسطينيين عقد اجتماعات مع مسؤولين إسرائيليين بارزين إلى إلغاء مؤتمر مشترك كان من المقرر إجراؤه في طوكيو حول المنطقة الصناعية في أريحا.

وكان من المقرر أن يحضر المؤتمر مسؤولون يابانيون وإسرائيليون وفلسطينيون وأردنيون بارزون. ولكن الفلسطينيين أعلنوا أنهم لن يشاركوا في الاجتماع في هذه المرحلة، وقالوا إن هذا ينبع من انعدام التقدم في العملية السلمية مع إسرائيل. وترفض السلطة خطة نتنياهو الاقتصادية، باعتبارها مراوغة تهدف إلى القفز عن الحل السياسي القائم على مبدأ الدولتين. وترى السلطة أن السلام الاقتصادي غير ممكن من دون استقرار وسلام سياسيين. وكان أحمد قريع (أبو علاء) رئيس الوفد الفلسطيني في المفاوضات السابقة، اعتبر أن حديث نتنياهو عن برنامجه السياسي الذي يقوم على السلام الاقتصادي والأمن، «يعيد إلى الأذهان عهد روابط القرى، الذي أجهضه شعبنا الفلسطيني وتصدى له». وروابط القرى هي لجان أنشأتها إسرائيل في السبعينات لمواجهة رؤساء البلديات المؤيدين لمنظمة التحرير، وأريد لها أن تكون بديلا عن منظمة التحرير.