بارزاني: لن نترك الحكم ببغداد للآخرين.. وعهد فرض الأمر الواقع علينا ولى

رئيس إقليم كردستان يتعهد بعدم المساومة على المادة 140.. ويطالب بدور كردي في الجيش العراقي

مسعود بارزاني يلقي خطابه في قصر الفنون بالسليمانية أمس (تصوير: جمال بينجوني)
TT

دعا مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان العراق، أمس، إلى «تحريم وتجريم» إراقة الدماء الكردية بأيد كردية، والاحتكام فقط إلى صناديق الاقتراع لحل المشكلات والخلافات. كما تعهد بعدم المساومة على المادة 140 من الدستور العراقي الدائم.

وجاءت تصريحات بارزاني أثناء زيارته لمدينة السليمانية، التي بدأها أول من أمس، في إطار الحملة الانتخابية للتنافس على منصب رئيس الإقليم، ضمن الانتخابات المزمع إجراؤها السبت المقبل في الإقليم. وعرض بارزاني، خلال لقائه بعدد من موظفي القطاع الصحي والمؤسسات الإدارية في السليمانية، أبرز أولويات برنامجه الانتخابي، منها «تحريم وتجريم إراقة الدماء الكردية بأيد كردية»، أي منع تكرار الاقتتال الداخلي بين الفصائل والقوى والأحزاب الكردية، و«الاحتكام فقط إلى صناديق الاقتراع لحل المشكلات والخلافات».

ودعا بارزاني في خطابه إلى جملة من القضايا، منها تكريس المبادئ الديمقراطية، وحريات الفرد، وتعميق روحية التسامح وأسس التعايش السلمي، وحماية حرية الرأي والصحافة، وضمان حقوق الأقليات القومية والمذهبية والدينية في الإقليم، وتفعيل دور البرلمان كسلطة تشريعية وتكريس استقلالية السلطات القضائية، وتشكيل هيئة للنزاهة وأخرى للرقابة المالية، بغية القضاء على مظاهر الفساد المالي في مؤسسات الإقليم، ودعم حقوق المرأة وتطوير قطاع التعليم بمختلف مستوياته، وتوحيد اللغة الكردية لتكون اللغة الرئيسية في المؤسسات الرسمية بالإقليم، والعمل على تنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي المتعلقة بتطبيع الأوضاع في مدينة كركوك وبقية المدن المتنازع عليها. وقال بارزاني بهذا الصدد «نعاهد شعبنا على أن لا نساوم على هذه المادة إطلاقا أو أي من حقوق شعب كردستان»، وأكد على عدم التخلي عن الشراكة في الحكومة المركزية ببغداد قائلا: «لن نترك بغداد للآخرين، وفي حال برز أي خلاف بين الإقليم وبغداد، فإن الدستور الاتحادي ينبغي أن يكون الفيصل في القضية». كما قطع عهودا ووعودا أخرى لشعب كردستان، متعهدا على بذل كل ما في وسعه لتنفيذها في حال فوزه في الانتخابات.

وقال رئيس الإقليم، إن فكرة كتابة الدستور في إقليم كردستان تعود إلى عام 1974، ووصف المناهضين لدستور إقليم كردستان، الذي صادق عليه برلمان الإقليم مؤخرا بأنهم «شوفينيون ومعادون لوجود الكرد وحقوقهم وجوهر المادة 140». وتابع يقول إن «صلاحيات رئيس الإقليم في الدستور الذي صادق عليه البرلمان الكردستاني منصوص عليها قانونا، وإذا كانت هذه الفقرة هي العقبة في الدستور، فإنني أدعو برلمان كردستان إلى حذفها، لأن وجود الدستور أهم بكثير من وجود رئيس للإقليم» منوها إلى أن الكلمة الفصل في الأمر هي لشعب كردستان في النهاية. وكان عدد من القوى الكردية قد أعرب عن اعتراضه على منح صلاحيات واسعة لرئيس الإقليم في الدستور، منها إعلان الطوارئ وحل البرلمان. وفيما يتعلق بالعلاقة المتوترة حاليا بين بغداد وإقليم كردستان، قال الرئيس بارزاني: «نحن نؤكد دوما على أن الدستور الاتحادي هو الحكم في حل أي خلاف بيننا وبين السلطات الاتحادية التي يشكل الكرد جزءا مهما منها». وأوضح بأن «أبرز نقاط الخلاف بين الإقليم وبغداد هو المناطق المتنازع عليها، وقوات البيشمركه، وقانون النفط والغاز، والأهم من ذلك كله هو شكل وطبيعة نظام الحكم في العراق ومظاهر التفرد بالسلطة، التي صارت تتجلى مؤخرا، إلى جانب مسألة بناء الجيش العراقي الجديد»، موضحا أنه «طالما كان النفط والغاز ملكا لعموم الشعب العراقي، كذلك ينبغي أن يكون الجيش ملكا للعراقيين كافة، ويجب مراعاة التوازن في تشكيلاته أي أن يكون للكرد دور في تكوين الجيش».

وأشار بارزاني، إلى أن أفضل صيغة للتعايش الأخوي والسلمي بين الكرد والعرب في العراق هو «الاتحاد الطوعي»، مضيفا « لقد ولى وإلى الأبد عهد التعسف وممارسة سياسة الأمر الواقع على الشعب الكردي» مشددا على ضرورة العمل المشترك لقطع السبيل أمام أي نزاع بين الكرد والقوميات الأخرى في البلاد، لتفويت الفرصة على من وصفهم بالشوفينيين الذين «يسعون عبثا لزرع بذور الشقاق بين أبناء الشعوب العراقية». وكان بارزاني قد استهل جولته في السليمانية بزيارة بلدة حلبجة (70 كلم شرق السليمانية) برفقة رئيس القائمة الكردستانية برهم صالح، وألقى كلمة في حشد غفير من سكان البلدة، الذين خرجوا لاستقباله، أكد فيها اعتزازه بزيارة حلبجة، قائلا إنها «صارت عنوانا للقضية الكردية وعرفتها بالعالم أجمع». وكان آلاف الأكراد قد لقوا حتفهم في تلك القرية إثر تعرضها لهجوم بالأسلحة الكيماوية في أواخر ثمانينيات القرن الماضي. وعبر بارزاني عن رغبته بالاستجابة لمطالب أهالي البلدة بتحويل حلبجة إلى محافظة رابعة، قائلا، إن ذلك سيتم بالرجوع إلى الدستور العراقي. ومن جانبه، وصف فؤاد حسين، رئيس ديوان رئاسة إقليم كردستان، زيارة بارزاني للسليمانية وحلبجة تحديدا بـ«الهامة والتاريخية»، وأكد أن «من شأنها تعزيز وحدة صفوف الشعب وتكريس السلام والديمقراطية والأجواء الآمنة لأجراء الانتخابات النيابية والرئاسية المرتقبة أواخر الشهر الحالي». وحول إمكانية تحويل بلدة حلبجة إلى محافظة كردية رابعة، قال الدكتور حسين في تصريحات خص بها «الشرق الأوسط» لقد «أوضح الرئيس بارزاني آلية تلك الخطوة من خلال كلمته، التي أكد فيها أنه سيعمل بالتشاور مع السلطات مع بغداد وطبقا لأحكام الدستور العراقي، لتحويل حلبجة إلى محافظة، ولا شك أن أي خطوة من هذا القبيل ينبغي أن تتم عبر السلطات والمؤسسات الدستورية المختصة في بغداد والإقليم، وبعد التشاور مع المعنيين بها في الطرفين». وكان حسين قد أشار أن بارزاني سيلقي خطابا «هاما» في الإستاد الرياضي بمدينة السليمانية في وقت لاحق أمس، يتناول فيه أولويات برنامجه الانتخابي إضافة إلى أهم وأبرز القضايا العالقة بين الإقليم وبغداد.

وكان بارزاني، قد أشارت استطلاعات الرأي الأولوية التي أجرتها مؤسسات ومعاهد وصحف محلية في المحافظات الثلاث أربيل والسليمانية ودهوك بأنه المرشح الأوفر حظا في الفوز في الانتخابات وأنه يتقدم على منافسيه الأربعة الآخرين بفارق كبير جدا من النقاط.