الهند تكافح لإيصال الكهرباء إلى قراها.. وسط ضغوط الغرب بمراعاة المناخ

كلينتون تأمل في التوصل إلى اتفاق مع نيودلهي حول الاحتباس الحراري

كلينتون تتحدث إلى مسؤولين هنود خلال زيارتها إلى معهد للأبحاث الزراعية في نيودلهي أمس، ويبدو وزير الزراعة الهندي شراد باوار إلى يسارها (أ.ب)
TT

في الهند الجديدة، يملك سكان القرى البعيدة هواتف جوالة، لكنهم يعيشون في الظلام بسبب عدم وصول الكهرباء إليهم. وتعمل شبكات الهواتف الجوالة في تلك القرى بالديزل أو المولدات المتنقلة. وهناك نحو 56 في المائة من سكان الهند البالغ عددهم مليارا و100 مليون نسمة، لا يحصلون على الكهرباء. وأمام القلق المتزايد بشأن رواسب الفحم وتغير المناخ، فإن الهند تعتمد بشكل متزايد على الطاقة المتولدة من الفحم، والتي تتسبب في نحو 40 في المائة من إجمالي انبعاثاتها الغازية.

ويحتل موضوعا تغير المناخ والتكنولوجيا الصديقة للبيئة حيزا كبيرا في مباحثات وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، التي تقوم حاليا بزيارة إلى الهند، مع المسؤولين الهنود. وقالت كلينتون في مومباي، أول من أمس «نعتقد أن الهند قادرة على ابتكار طرق للتعامل مع تغير المناخ عندما تواصل انتشال شعبها من الفقر وتطور نفسها بشكل سريع».

ومن جهتها قالت غوري سينغ، المسؤولة بوزارة الطاقة الجديدة والمتجددة في الهند، التي تأسست قبل 26 سنة «نحتاج إلى أن ننظم تحركنا معا. الهند تتطور بأسرع مما يتصور أي إنسان، ولذلك فإن الطاقة المتجددة ستلعب دورا مكملا في عملية إنتاج الطاقة التقليدية». وأضافت «أولويتنا هي تحقيق الأمن الطاقوي والاعتماد الذاتي. تغير المناخ ليس المحرك الرئيسي للطاقة المتجددة في الهند وإنما هو شريك في الاستفادة» منها.

ورغم الأزمة الشديدة التي تعيشها الهند في مجال الطاقة، فإن الطاقة المتجددة المعتمدة أساسا على الرياح والكتل الحيوية، تنتج 3 في المائة من الإنتاج الكلي للكهرباء في البلاد. ولا تمثل الطاقة الشمسية سوى جزء صغير من ذلك رغم أن الشمس تطلع على الهند في غالبية أوقات السنة.

لكن الهند تأمل في رفع نسبة إنتاجها للطاقة الشمسية من قرابة الصفر حاليا إلى 20 ألف ميغاوات بحلول عام 2020، وذلك وفق ما خططت له في برنامجها الذي أعلنته في يونيو (حزيران) 2008 وأسمته «خطة العمل الوطنية لتغير المناخ». وتأمل كلينتون، التي تقوم بزيارة مدتها ثلاثة أيام، في التوصل إلى أرضية اتفاق مع نيودلهي حول مكافحة الاحتباس الحراري؛ القضية التي تنقسم بشأنها مواقف الدول الصناعية والناشئة. وبعد يومها الأول الذي قضته، أول من أمس، في مومباي وتمحور خصوصا حول الإرهاب، توجهت الوزيرة الأميركية، أمس، إلى العاصمة الهندية نيودلهي حيث زارت فندقا نال جائزة أميركية لهندسته وبنيته التي تحترم البيئة وتقتصد في الطاقة. ويرافق وزيرة الخارجية الأميركية مبعوثها الخاص لتغير المناخ تود ستيرن. وتسعى واشنطن إلى التوصل إلى اتفاق في مؤتمر المناخ المزمع عقده في كوبنهاغن في ديسمبر (كانون الأول) المقبل برعاية الأمم المتحدة، غير أن الهند ما زالت ترفض الالتزام بتخفيض محدد الرقم لانبعاثاتها من ثاني أكسيد الكربون.

وتعهدت مجموعة الثماني قبل عشرة أيام بتقليص الانبعاثات العالمية من غازات الدفيئة بنسبة 50% مع حلول عام 2050، وانبعاثات الدول الصناعية بنسبة 80% مقارنة بالعام 1990 «أو سنة أحدث» لكنها لم تتخذ أي تعهد مؤقت كما طالبت الدول الناشئة التي أقرت، على غرار مجموعة الثماني، بضرورة الحؤول دون ارتفاع في حرارة الكوكب يفوق درجتين مئويتين.

وتخشى الهند ثالث الدول الملوثة في العالم من أن تعيق مكافحة الاحتباس الحراري نموها، وتحمل الدول الصناعية «المسؤولية التاريخية» عن تغير المناخ. وقال الصناعي الهندي امريتا باتيل في لقاء مع كلينتون في مومباي، أول من أمس «بما أن الغرب استهلك أغلبية الموارد، فعليه أن يقود المعركة لمكافحة التغير المناخي. إنها المسؤولية الأخلاقية للولايات المتحدة». ومن جانبها، ذكرته كلينتون بأن الرئيس الأميركي باراك أوباما بدأ التحرك على عكس سلفه جورج بوش وأقرت أن الولايات المتحدة «ارتكبت أخطاء». وأضافت كلينتون «نأمل ألا ترتكب دولة في خضم نموها على غرار الهند الأخطاء نفسها». وأجابها مدير مصنع رليانس انداستري الضخم لتكرير النفط والبتروكيماويات «إن عالم الأعمال في الهند مستعد لتقديم المزيد من أجل البيئة».

وبحسب المسؤول السابق في وزارة الخارجية والمتخصص في شؤون آسيا، إيفان فينغبوم فإن الولايات المتحدة والهند قادرتان على التوصل إلى تعاون في مصادر الطاقة المتجددة.

وتواصل كلينتون زيارتها إلى الهند لتعزيز الشراكة مع القوة الاقتصادية العاشرة في العالم التي باتت لاعبا أساسيا في ملفات النووي وتحرير التجارة وتغير المناخ، وتحديدا بعد الخلافات بين البلدين في عام 2008 بشأن جولة الدوحة لمنظمة التجارة العالمية. ومن المتوقع أن تلتقي كلينتون اليوم رئيس الوزراء مانموهان سينغ ووزير الخارجية س.م. كريشنا، حيث سيتم التباحث بشؤون الإرهاب والحرب في أفغانستان والأزمة في باكستان، وهي قضايا تقلق نيودلهي بشدة.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»