طهران ستنفذ 3 إعدامات جديدة بحق عناصر متهمة بالانتماء لجماعة «جند الله»

البلوخ يشكلون بين 1 و3% من سكان إيران

TT

بيروت ـ رويترز: تجاهد إيران الغارقة في اضطرابات أعقبت الانتخابات الرئاسية من أجل التغلب على توترات عرقية ودينية في إقليم مضطرب بجنوب شرقي البلاد ردت فيه السلطات على هجمات متمردين سنة بسلسلة من عمليات الإعدام.

وجاء إعدام 13 رجلا الأسبوع الماضي بتهمة الانتماء إلى جماعة «جند الله»، وهي جماعة سنية مغمورة تنتمي لعرق البلوخ في أعقاب تفجير مسجد شيعي في 28 مايو (أيار) قتل فيه 25 شخصا وأصيب أكثر من 120 في زاهدان عاصمة إقليم سيستان وبلوخستان.

وذكرت وكالة الطلبة الإيرانية للأنباء أمس أن ثلاثة متشددين آخرين بـ«جند الله» بينهم شقيق زعيم الجماعة عبد الملك ريجي سيعدمون قريبا. وجاء في تقرير حديث لنشرة «سي. تي. سي سينتينل» المتخصصة في شؤون الإرهاب أن جماعة «جند الله» التي يكتنف الغموض مذهبها الفكري وانتماءها تكثف من كفاحها وقد تنقله خارج معقلها بالمنطقة الصحراوية الفقيرة النائية قرب الحدود مع باكستان. وكتب كريس زامبليس في مقال بالنشرة التي يصدرها مركز مكافحة الإرهاب في وست بوينت (سي. تي. سي) الذي يتخذ من الولايات المتحدة مقرا له: «بالنظر إلى تصعيد الجماعة المستمر في تنفيذ تكتيكاتها واختيار أهدافها في الأشهر الأخيرة، قد تسفر الخطوة التالية في تطور (جند الله) عن شن هجمات خارج بلوخستان الإيراني). وأضاف زامبليس: «في الواقع، ربما يكون التركيز الدولي على إيران خلال الفترة التي سبقت الانتخابات الأخيرة والاهتمام الذي أولي لقضايا الأقليات خلال الحملة الانتخابية شجع أيضا الجماعة على تصعيد قتالها». وأعدم ثلاثة رجال شنقا علنا في 30 مايو (أيار) لتورطهم في تفجير مسجد زاهدان الذي أعلنت «جند الله» مسؤوليتها عنه. وأعدم آخران في الثاني من يونيو (حزيران). وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن خمسة أشخاص على الأقل قتلوا وأصيب العشرات بعد أيام قليلة من التفجير في اشتباكات نجمت عن شائعات عن هجوم على رجل دين سني.

والعنف الطائفي نادر نسبيا في إيران التي يرفض قادتها مزاعم جماعات حقوق الإنسان الغربية بأن الجمهورية الإسلامية التي يهيمن عليها الشيعة تميز ضد الأقليات العرقية والدينية. ويشكل البلوخ الذين يرتبط كثير منهم بصلات قبلية ببني عشيرتهم في باكستان وأفغانستان المجاورتين ما بين واحد إلى ثلاثة في المائة من سكان إيران وعددهم 70 مليون نسمة. ونقلت «سي.تي.سي سينتينل» عن ريجي زعيم «جند الله» قوله في مقابلة عام 2007 إن جماعته تقاتل من أجل حقوق شعب البلوخ الذي يواجه إبادة جماعية في إيران، نافيا في الوقت نفسه أن لجماعته جدول أعمال انفصاليا أو طائفيا أصوليا. واستخدم المتشددون حتى وقت قريب الكمائن وعمليات الخطف والتفجير لاستهداف قوات الأمن الإيرانية التي تحارب أيضا مهربي المخدرات والأسلحة في الإقليم الحدودي الذي يغيب عنه القانون. وكتب زامبليس: «قرار (جند الله) باستهداف مسجد شيعي بارز في زاهدان يعبر عن مرحلة جديدة أكثر خطورة في حربها ضد الحكومة الإيرانية»، مشيرا إلى أن الهجوم على هدف مدني تزامن مع حلول يوم مقدس لدى الشيعة.

وتقول إيران إن «جند الله» جزء من شبكة «القاعدة» التي نشرت استخدام التفجيرات الانتحارية بين حركات تمرد في العراق وأفغانستان وباكستان. وتتهم طهران الولايات المتحدة أيضا وحلفاءها بمساندة الجماعة. ورفضت واشنطن اتهامات مسؤول إيراني لها بالضلوع في تفجير مسجد زاهدان. وجادل زامبليس بعدم وجود دليل يربط «جند الله» بـ«القاعدة» أو أي حركة سنية متمردة أخرى لها جدول أعمال عالمي. وأضاف أن صلاتها بطالبان في إقليم بلوخستان الباكستاني أقل وضوحا، لكنه رجح بدرجة أكبر أن تكون الصلة قائمة من خلال التعاون في تهريب الخشخاش أكثر من استنادها إلى المذهب الفكري. وتطورت «جند الله» من خلال تغير التحالفات مع أطراف كثيرة بينها طالبان والمخابرات الباكستانية التي ترى الجماعة أداة ضد إيران، وذلك طبقا للمحلل الباكستاني المقيم في لاهور أحمد راشد. وقال راشد الذي ألف كتابا عن طالبان إنه في حين أن «جند الله» نشأت وسط بيئة من القوميين البلوخ، فإنه لم يبقَ ذلك على الإطلاق أساسا قويا لمعتقداتها.

وأضاف: «هم مرتزقة بدرجة أكبر على ما يبدو. لا أحد يعرف تماما بم يؤمنون.. ما كانت أي جماعة علمانية من البلوخ لتسعى إلى أن تلوذ بطالبان قبل 11 سبتمبر (أيلول)، لكنهم فعلوا. ما كانت أي جماعة من البلوخ لتعمل مع المخابرات الباكستانية، لكنهم فعلوا». ولم يشكك راشد في اتهامات طهران بأن «جند الله» حصلت على دعم أميركي في إطار جهود سرية خلال إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش لتخريب إيران.

وأضاف راشد: «إنها صورة بالغة التشويش. أعتقد أن هؤلاء الرجال استخدمهم الجميع في مرحلة أو أخرى». وأطلقت «جند الله» التي تطلق على نفسها أيضا اسم «حركة المقاومة الشعبية الإيرانية» حملتها المسلحة في 2005. ويصعب قياس التأييد الشعبي لأنشطتها، لكنها تعمل في منطقة محرومة طالما شكا البلوخ فيها من التمييز العرقي والديني والثقافي من جانب الدولة.

ويشير تقدير للأمم المتحدة في 2003 إلى أن بإقليم سيستان وبلوخستان الذي يضربه الجفاف أسوأ مستويات في إيران فيما يتعلق بمتوسط العمر والأمية بين البالغين والقيد في المدارس الابتدائية والوصول إلى المياه النظيفة والرعاية الصحية الجيدة ووفيات الرضع والأطفال.

وحثت منظمة العفو الدولية التي أبرزت ما قالت إنها زيادة في انتهاكات حقوق الإنسان ضد أقلية البلوخ في إيران في تقرير عام 2007 طهران على عدم تنفيذ أحكام الإعدام التي صدرت الأسبوع الماضي.