العاهل المغربي يدعو الواعظات الدينيات إلى محاربة التطرف والانغلاق

74 عالمة و200 مرشدة دينية بالبلاد.. والسماح للرجال بحضور جلسات النساء الخاصة بالوعظ والإرشاد

بعض المشاركات في اللقاء المغربي الأول للعالمات والواعظات والمرشدات والمؤطرات الدينيات الذي اختتمت أعماله أمس بالصخيرات (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

اختتم الملتقى المغربي الأول للعالمات والواعظات والمرشدات الدينيات أعماله أمس، في قصر المؤتمرات محمد السادس ببلدة الصخيرات الواقعة بضواحي الرباط، حيث تدارس خلال ثلاثة أيام عدة مواضيع مرتبطة بتحديد أولويات التأطير الديني للنساء.

ودعا العاهل المغربي الملك محمد السادس، العالمات والواعظات والمرشدات الدينيات إلى المساهمة الفاعلة في «محاربة التخلف والإقصاء وتنوير العقول والقلوب، وتنقيتها من سقيم الفكر وفاسد الاعتقاد، ومن نزعات التطرف والانغلاق». ودعا ملك المغرب أيضا، في رسالة ألقاها أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، المؤسسات الدينية إلى تجديد خطابها، والارتقاء بأدائها ليواكب ما يشهده المجتمع المغربي من حركية، وما يعرفه من تطور فكري وثقافي، وما يعيشه العالم من تحولات متسارعة.

يذكر أن المجلس العلمي الأعلى للرباط، يضم حاليا أربع عالمات، إلى جانب العلماء، ويضم كل مجلس علمي محلي في مختلف أنحاء البلاد، من بين أعضائه عالمة أو أكثر، ويشكلن في المجموع 74 عالمة.

ويروم البرنامج الخاص بتكوين الأئمة والمرشدات، الذي انطلق منذ أربع سنوات، وتشرف عليه وزارة الأوقاف المغربية، إلى تكوين 50 مرشدة سنويا، وبلغ عددهن حتى الآن 200 مرشدة.

ولا تتوفر معطيات بخصوص الواعظات، لكن يرجح أن كل مجلس علمي يضم حاليا ما بين 10 و40 واعظة.

وقالت الدكتورة رجاء ناجي مكاوي، عضو المجلس العلمي الأعلى، التي تعتبر أول امرأة مغربية ألقت درسا دينيا أمام العاهل المغربي ضمن سلسلة الدروس الرمضانية، إن العالمة هي التي تشارك في البحث العلمي، وفي إثرائه بأفكارها، بينما ينتظر من الواعظة أن تعمق النظر في كثير من القضايا، فيما تتولى المرشدة الدينية التوجيه والتأطير الديني.

وأضافت مكاوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الواحدة منهن ربما تجمع بين هذه الأدوار الثلاثة، وتكون عالمة ومرشدة وواعظة في الوقت نفسه، موضحة أنه ليس بالضرورة أن تكون العالمات والواعظات والمرشدات الدينيات خريجات جامعة القرويين، بمدينة فاس، «وهناك نساء قانونيات اشتغلن بالعلوم الشرعية، واكتسبن هذه الصفة». واعتبرت أمينة العيدوني، عضو المجلس العلمي المحلي بمدينة طنجة، انخراط المرأة المغربية في الحقل الديني إضافة نوعية للشأن الثقافي والديني والعلمي بالبلاد، إذ أتاح لها فرصة الانفتاح على كافة الشرائح الاجتماعية، من خلال تنظيمها لندوات ومحاضرات، ودروس دينية، لا تتوقف عند المساجد والأندية النسوية فقط، بل تشمل كذلك مجالات أخرى مثل المؤسسات الإصلاحية للتقويم والإرشاد، وتمتد أيضا إلى البادية والأرياف.

وأوضحت العيدوني، أن عمل المرأة الواعظة ليس بالضرورة أن يكون موجها إلى الفتيات والنساء فقط، فلا يوجد ما يمنع الرجل من حضور جلسات الوعظ التي تنشطها مرشدات أو واعظات ومؤطرات دينيات. وردا عن سؤال بخصوص الأسئلة التي تطرحها النسوة المستفيدات من جلسات الوعظ والإرشاد، أجابت أمينة بنيعيش، عضو خلية المرأة والأسرة بالمجلس العلمي المحلي لمدينة سلا، المجاورة للرباط، بأنها تتعلق في مجملها بالعبادات، والعلاقات العائلية والاجتماعية، مثل الزواج والطلاق، وحقوق الزوجة، والمعاملة مع الحماة، والأبناء العاقين والمنحرفين، وكيفية التعامل معهم من أجل إرجاعهم إلى جادة الصواب.

وأوضحت بنيعيش، «أن دورنا كمرشدات وعالمات وواعظات هو التوجيه، وتصحيح الأخطاء حول بعض المفاهيم المرتبطة بالظواهر الطارئة على المجتمع المغربي».

ولاحظت بنيعيش، أن القضايا الزوجية مطروحة بشكل أكبر. وقالت «إننا نجد أنفسنا عاجزات عن حل جميع هذه المشكلات، وذلك لانعدام الآليات، فنلجأ إلى تبسيطها، بالدعوة إلى التغاضي والترفع عن بعض السلوكيات، مثل الملاسنة وغيرها، وأحيانا نزور الزوجات في بيوتهن» مما يدخل في نطاق إصلاح الحياة العائلية. أما الفئات العمرية للنساء المستفيدات من جلسات الوعظ والإرشاد، فهي متنوعة، تضيف بنيعيش، وتتراوح بين 15 و60 سنة، «فيما تكون المستويات الثقافية للنساء متواضعة في الأحياء الشعبية، حيث نلمس تجاوبا منهن رغبة في تلقي واستيعاب المسائل الفقهية».