مشائي صهر نجاد ينحني للانتقادات ويستقيل بعد 3 أيام من تعيينه نائبا أول للرئيس

المحافظون هاجموا التعيين وطالبوا خامنئي بالتدخل > رفسنجاني يبحث الأزمة مع رجال الدين في مشهد > إطلاق آخر موظفي السفارة البريطانية

صورة وزعتها وكالة «فارس» الإيرانية أمس لمشائي مع نجاد يوم 20 سبتمبر (أيلول) الماضي (أ.ب)
TT

في يوم من الدراما السياسية في طهران، استقال النائب الأول لرئيس الجمهورية الإيرانية اسفنديار رحيم مشائي، من المنصب الذي عينه فيه الرئيس محمود أحمدي نجاد قبل 3 أيام وأثار موجة من الانتقادات حتى من داخل معسكره، كما أفادت شبكة التلفزيون الإيراني «برس تي في» أمس. وقال التلفزيون الناطق بالإنجليزية إن مشائي «استقال بعد ثلاثة أيام من تعيينه» نائبا أول للرئيس. وجاء ذلك كمؤشر على أن مهمة نجاد في تشكيل الحكومة لن تكون سهلة. وكان «برس تي في» بث هذه المعلومة أولا نقلا عن وكالة أنباء «بانا» الممولة من وزارة التعليم الإيرانية. في غضون ذلك أفادت وكالة «مهر» للأنباء الإيرانية بأن هاشمي رفسنجاني، الذي تحدى ضمنيا في خطبة الجمعة مرشد الجمهورية آية الله علي خامنئي بإعلانه أن السلطات الإيرانية فقدت شعبيتها، توجه أمس إلى قم لإجراء مباحثات مع رجال الدين النافذين هناك، يرجح أن تكون حول الأزمة السياسية الحالية.

وعلى صعيد قضية مشائي، فقد واجه تعيينه في هذا المنصب حملة انتقادات من الكثير من المحافظين والمرجعيات الدينية. وتربط مشائي وأحمدي نجاد قرابة عائلية، حيث إن ابنة الأول متزوجة من ابن الثاني.

وكان مشائي قد أثار جدلا في البلاد العام الماضي بإعلانه أن إيران هي «صديقة الشعب الإسرائيلي». واضطر يومها المرشد الأعلى للجمهورية آية الله علي خامنئي إلى التدخل، حيث ندد بهذا التصريح، وأمر بوضع حد للسجال الذي أثاره.

كما تعرض مشائي لموجة من الانتقادات عندما استضاف حفلا في نوفمبر (تشرين الثاني) ارتدت فيه نساء ملابس تقليدية وحملن مصاحف في أثناء عزف الموسيقى. وقال النائب حامد راساي إن المجتمع الإيراني لديه حساسية بشأن مشائي، ونقلت صحيفة «اعتماد ملي» عن راساي، وهو من حلفاء أحمدي نجاد، قوله: «أعتقد أنه كان من الأفضل ألا يعيّن».

وقال درويش جهانبري، وهو عضو إصلاحي في البرلمان، إن أحمدي نجاد يمكن أن يعزل نتيجة لهذا القرار. ونقلت عنه الصحيفة قوله: «الآن يمكن لنواب البرلمان مساءلة أحمدي نجاد، بل وعزله بسبب هذا التعيين». ويقول محللون إن عزل أحمدي نجاد أمر مستبعد؛ حيث يسيطر المتشددون على الأغلبية في البرلمان.

وكان الكثير من المسؤولين الإيرانيين المحافظين وجهوا أمس انتقادات إلى الرئيس أحمدي نجاد بسبب تعيينه أحد أقاربه (اسفنديار رحيم مشائي) في منصب النائب الأول للرئيس.

وكتب حسين شريعتمداري، مدير صحيفة «كيهان»: «من الضروري إلغاء تعيين رحيم مشائي احتراما للشعب المحافظ» الوفي لمبادئ الثورة الإسلامية. يذكر أن مدير صحيفة «كيهان» يعين من قبل المرشد الأعلى للجمهورية آية الله علي خامنئي الداعم للرئيس أحمدي نجاد. وأضاف شريعتمداري أن «الكثير من الأشخاص المقربين من الرئيس، وكذلك الشعب الذي يدعمه، يعارض تعيين رحيم مشائي وقلق من ذلك». وكان قد أُعلن يوم الجمعة عن تعيين مشائي الذي كان نائبا للرئيس مكلفا بالسياحة محل برويز داوودي. وكان مشائي أثار ضجة في يوليو (تموز) 2008، عندما أعلن أن إيران «صديقة الشعب الإسرائيلي»، في تصريح غير معهود إطلاقا من جانب مسؤول إيراني، ويتباين مع خطاب طهران الشديد اللهجة حيال إسرائيل.

وقال مشائي «إن إيران اليوم هي صديقة الشعب الأميركي والشعب الإسرائيلي. ما من أمة في العالم هي عدوتنا، وهذا فخر لنا». وأضاف «إننا نعتبر الشعب الأميركي من أفضل شعوب العالم». وأثارت تلك التصريحات آنذاك احتجاجات شديدة، ولا سيما بين رجال الدين وأعضاء مجلس الشورى المحافظين الذين طالبوا بإقالة مشائي. واضطر المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في نهاية الأمر إلى التدخل لوضع حد للجدل، فندد بتصريحات مشائي، ودعا إلى طي المسألة. كما انتقد رجل الدين المحافظ أحمد خاتمي أحد أئمة صلاة الجمعة في طهران، تعيين مشائي.

وقال خاتمي «إن هذا التعيين تحد لأعضاء مجلس الخبراء والبرلمان» الذين كانوا قد انتقدوا تصريحات مشائي في 2008.وأضاف أحمد خاتمي المقرب من الحكومة «يبدو أن هذا التعيين (سيكون) مصدر توتر بالنسبة للحكومة». من جهته طلب محمد تقي رهبر، رئيس كتلة نواب رجال الدين، تدخل المرشد الأعلى لإقالة مشائي، بحسب «اعتماد ملي». وسيتم تنصيب أحمدي نجاد الذي أعيد انتخابه بنسبة 63% من الأصوات، رسميا في منصبه بين الثاني والسادس من أغسطس (آب). وقد أثار فوزه، الذي عزته المعارضة لعملية تزوير انتخابي، حركة احتجاج غير مسبوقة منذ الثورة الإسلامية 1979، وأثار انقسامات حتى داخل المعسكر المحافظ.

وإثر ذلك، يتولى أحمدي نجاد عرض تشكيلة حكومته على البرلمان، حيث يتعين أن يحصل كل وزير منفردا على ثقة النواب.

وفي المقابل لا يخضع منصب النائب الأول للرئيس لتصويت الثقة، وأيضا نواب الرئيس البالغ عددهم 11 في الحكومة الحالية. على صعيد آخر، وصل الرئيس السابق أكبر هاشمي رفسنجاني إلى مشهد أمس لمناقشة الوضع السياسي الراهن مع كبار الأئمة في مدينة مشهد الدينية بشمال شرقي إيران، حسب تقارير إعلامية إيرانية. وأفادت وكالة «مهر» للأنباء بأنه كان في استقبال آية الله هاشمي رفسنجاني، في مطار الشهيد هاشمي نجاد بمدينة مشهد لدى وصوله عصر السبت، محافظ خراسان الرضوية محمد جواد محمدي زاده، وإمام جمعة مشهد آية الله علم الهدى، بالإضافة إلى عدد من المسؤولين المحليين.

وبشأن الهدف من زيارته لمدينة مشهد، أوضح رئيس مجلس خبراء القيادة أن الهدف الرئيسي من هذه الزيارة هو زيارة المرقد الطاهر للإمام علي بن موسى الرضا، ومن ثم لقاء المسؤولين وعلماء الدين الموجودين في محافظة خراسان لبحث قضايا البلد الحالية. وأثار الخطاب الذي ألقاه رفسنجاني في صلاة الجمعة الماضية بجامعة طهران الجدل داخل الدوائر السياسية في إيران. وأثارت كلمات رفسنجاني بأن البلاد في أزمة غضب عدد كبير من المحافظين الذين اتهموه بإساءة استخدام خطبة صلاة الجمعة في تأييد المعارضة التي يقودها مير حسين موسوي. وفسرت دوائر المحافظين قوله إنه لا يمكن إرساء قيادة إسلامية من دون موافقة شعبية بأنه انتقاد للنظام السياسي في البلاد. واتهم أحد الأئمة البارزين وعضو بمجلس صيانة الدستور رفسنجاني بتجاهل المبادئ الإسلامية. وقال آية الله محمد يازدي «الشعب لا يمنح الشرعية لحكومة، بل إنه في النظام الإسلامي فإن الشرعية لا يمنحها إلا الله». وبحسب الدستور الذي تمت الموافقة عليه بعد ثورة 1979، فإن النظام السياسي الإسلامي في إيران يستند إلي ولاية الفقيه، الأمر الذي يمنح المرشد الأعلى السلطة على جميع المؤسسات المنتخبة.

وكان وجود رفسنجاني في صلاة الجمعة مناسبة لمؤيدي المعارضة للتظاهر علانية مجددا. وبينما تجمع الآلاف من أنصار موسوي أساسا أمام مكان الصلاة، فإن آخرين يقدر عددهم بمئات الآلاف قاموا بمسيرات في الشوارع المجاورة. واضطرت الشرطة مجددا لاستخدام الغاز المسيل للدموع ضد المتظاهرين الذين أخذوا يهتفون «الموت للديكتاتور». ويتردد أنه تم اعتقال بعض المتظاهرين.

واتهم المتظاهرون الحكومة بالتزوير، ورفضوا الاعتراف بإعادة انتخاب الرئيس أحمدي نجاد.

على صعيد آخر، أصدر مرشد الجمهورية الإيرانية علي خامنئي قرارا أمس بتعيين حجة الإسلام محمد علي آل هاشم رئيسا لمنظمة التوجيه العقائدي والسياسي في الجيش الإيراني. وحسب بيان رسمي قال خامنئي «نتوقع منكم في ظل وجود أرضية جيدة للنشاط العقائدي والسياسي وتعليم المعارف الدينية في أوساط الجيش، أن تعملوا على رفع المعنويات والأخلاق إلى مستوى جيد عبر استخدام السبل الحديثة».

وأشاد خامنئي في البيان بالخدمات القيمة التي قدمها حجة الإسلام علوي، الرئيس السابق لمنظمة التوجيه العقائدي والسياسي في الجيش.

من جهة أخرى أفرجت السلطات الإيرانية أمس بكفالة عن آخر موظف محلي في السفارة البريطانية كانت اعتقلته مع ثمانية آخرين على خلفية الاحتجاجات التي أعقبت الانتخابات الرئاسية. وقال المحامي عبد الصمد خرمشاهي في اتصال هاتفي مع وكالة الصحافة الفرنسية من أمام سجن إيوين حيث كان الموظف حسين رسام موقوفا: «لقد أُفرجَ عنه للتو. إنه بخير ولا يبدو عليه أنه يعاني أي مشكلة».

وكان المحامي قال في وقت سابق: «لقد تم دفع كفالة بقيمة مليار ريال (100 ألف دولار)» من أجل إطلاق سراحه. وحسين رسام هو كبير المحللين السياسيين في السفارة البريطانية واعتقل في 27 يونيو (حزيران) مع ثمانية موظفين محليين آخرين في السفارة أفرجت السلطات الإيرانية عنهم لاحقا.