السنيورة يدعو لإعادة نظر جذرية في الأساليب المعتمدة سابقا لاستعادة الأرض المحتلة

قال إن التعايش الإسلامي المسيحي ركيزة وجود لبنان

TT

اعتبر رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة أن تمسك اللبنانيين «بالعيش المشترك وبلبنان كوطن نهائي لجميع أبنائه لا يضعف انتماءهم العربي»، ورأى أن «لا تناقض بين تمسكنا بلبنانيتنا وبين أصالة عروبتنا وعمقنا الثقافي والتاريخي مع جميع الأشقاء العرب»، مشددا على «عدم المساس بالعيش المشترك المسيحي الإسلامي الذي يشكل ركيزة وجود لبنان». ولفت إلى أن «لا تقدم في العالم العربي ما دام الكيان الإسرائيلي مستمرا في فرض الصراع»، وداعيا في الوقت نفسه لإعادة النظر جذريا في الأساليب المعتمدة سابقا لاستعادة الأرض المحتلة».

وقال السنيورة في كلمة ألقاها خلال رعايته إطلاق تقرير التنمية الإنسانية العربية في السرايا الحكومية الذي ينظمه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ـ المكتب العربي للدول العربية «إن الاحتلال ووجود كيان إسرائيلي استيطاني في قلب وطننا العربي طبعا تاريخه الحديث وَحَدا من قدرته على التلاؤم والتكيف مع متغيرات العصر ومتطلباته. فلا نمو ولا تنمية ولا تقدم ولا تطور ولا رفاه بالقدر الذي نحتاجه، طالما استمر الكيان الاستيطاني الإسرائيلي في فرض هذا الصراع وبشكل متصاعد منذ أكثرِ من ستين عاما. حروب وهجمات واحتلالات، واستعمار استيطاني، شرد الملايين، وخَرب العمران، وأعاق البناء والنمو والتلاؤم والاستقرار في عالمنا العربي في العقود الستة الماضية».

وأضاف: «إن إنهاء الاحتلال، وتوفير الظروف المؤاتية لإيجاد حل شامل ونهائي وعادل لمعاناة الشعب الفلسطيني كما العمل على إنهاء النزاعات المسلحة في البلدان العربية الأخرى، هي شروط أساسية وغير قابلة للمساومة، إذا ما أردنا فعلا أن نحقق أمن إنساننا العربي بمفهومه العريض».

ورأى أن «الاهتمام الإعلامي لغالبية الأنظمة العربية ونخبها على مدى عقود طويلة ماضية تمركز على موضوع التحرير واستعادة الأرض. وإن الإمساك بالسلطة السياسية كان يتم تحت شعار العمل من أجل تحرير الأرض المغتصبة. لكن النتيجة التي توصلنا إليها بعد ستة عقود أو أكثر، أن هذا الجهد العربي المضني لم يؤد إلى تحرير فلسطين واستعادة الأرض، وأطاح بلدانا عربية كثيرة وفي مراحل متعددة ماضية بجزء كبير مما كان يمكن تحقيقه على صعيد التنمية الإنسانية وهدد أمن الإنسان العربي في كل المستويات البيئية والاقتصادية والثقافية والأمنية».

وتابع: «إن كلامي هذا لا يعني التخلي عن استعادة الأرض المحتلة وتحرير فلسطين لا، لا سمح الله، وعلى العكس من ذلك. بل إن كلامي يعني بكل بساطة ضرورة إعادة النظر وبشكل جذري في الأساليب والطرق التي كانت معتمدة في السابق في العمل لاستعادة الأرض وفي العمل لتحصين أمن المواطن العربي. أقول هذا مع إقراري أنه من دون النجاح في الوصول إلى حل لأزمة الصراع العربي ـ الإسرائيلي حلا نهائيا وعادلا فلن نتمكن من حماية الأمن الإنساني العربي. ليس لأننا لا نريد بل لأن أمن المواطن العربي بات مرتبطا بحل هذه المسألة الجوهرية». ولفت إلى أن مواجهة الاحتلال لا يجوز أن تكون مانعا أو حائلا دون توجيه الطاقات وبذل الجهود من أجل تطوير مجتمع مدني عصري منفتح تتعزز فيه مناخات الحرية، وتسود فيه سلطة الدولة، وينتظم فيه عمل المؤسسات وحكم القانون. إن المقولة التي سادت على مدى عقود طويلة أنه «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة» دفعت الكثير منا إلى قبول الكثير من التجاوزات التي كانت ترتكب باسم الأولوية للمعركة الأساس. هذه التجاوزات للكثير من المبادئ والقيم التي تتوق إليها مجتمعاتنا العربية لم يعد بالإمكان التغاضي عنها وعن تداعياتها المرة».

وقال السنيورة «إن العيش المشترك المسيحي الإسلامي وهو ركيزة وجود لبنان وتميزه وتألقه في دنيا العرب والعالم. وبالتالي فإن عيشنا المشترك المسيحي الإسلامي، لا يمكن أن نفرط به أو نتهاون إزاء أية محاولات للمساس بثوابته ومكوناته». وختم «إن تمسكنا بهذا العيش المشترك في لبنان وبلبنان كوطن نهائي لجميع أبنائه، لا يثنينا أو يضعف فينا الانتماء العربي، بل على العكس من ذلك، إنه يتكامل معه».