بغداد: الجنود الأميركيون يعانون إحباطا داخل قواعدهم.. وهم الآن في شبه إقامة جبرية

مسؤول أمني عراقي قال إنه رفض طلبات للأميركيين بالتحرك داخل المدن وتنفيذ مداهمات

جندي أميركي يقف قرب عائلة عراقية أثناء دورية مشتركة مع القوات العراقية في بغداد أمس (رويترز)
TT

قال قائد عسكري عراقي إن المؤسسة العسكرية العراقية رفضت منذ انتقال مسؤولية أمن المدن إلى الجانب العراقي نهاية الشهر الماضي طلبات تقدمت بها القوات الأميركية للتحرك دون مرافقة عراقية عبر بغداد وتنفيذ مداهمات. ومن الجدير بالذكر أن القوات الأميركية المقاتلة انسحبت من المدن في 30 يونيو (حزيران) في ظل اتفاق أمني مع العراق يلزم كافة القوات الأميركية بالانسحاب من البلاد بحلول نهاية عام 2011.

ومن جهته، قال العقيد علي فاضل، أحد القادة العسكريين في بغداد، إن عملية نقل المسؤولية الأمنية صاحبها اندلاع خلافات بسيطة داخل العاصمة التي شهدت انحسار أعمال العنف بها على نحو بالغ منذ اجتياح أعمال القتل الطائفي وهجمات المتمردين الكثيرة من أنحاء العراق في السنوات الماضية.

وفي تصريحات لوكالة «الاسوشييتد برس»، ذكر فاضل حالتين رفضت القوات العراقية خلالهما طلبات أميركية بالتحرك بمختلف أرجاء العاصمة بدون مرافقة عراقية، إضافة إلى حالة أخرى رفض الجانب العراقي طلبا للقوات الأميركية بشن غارة، نفذها العراقيون أنفسهم بدلا منهم. وفي حديثه عن القوات الأميركية، قال فاضل: «باتوا الآن أكثر سلبية عن ذي قبل. كما أشعر أن الجنود الأميركيين يعانون إحباطا نظرا لأنهم اعتادوا تنفيذ الكثير من الدوريات، مما باتوا عاجزين عن القيام به الآن. في الوقت الراهن، يقبع الجنود الأميركيون داخل قواعد أشبه بالسجون كما لو كانوا قيد الإقامة الجبرية». وفي خارج المدن، حيث لا يزال الجنود الأميركيون يتمتعون بحرية التحرك دون موافقة الجانب العراقي، يقدم الأميركيون يد العون في عمليات إلقاء القبض على المتمردين والوقوف بنقاط التفتيش والمضي قدما في الجهود المستمرة لتدريب أفراد القوات العراقية ـ بدءا من الأطباء ووصولا إلى قائدي الطائرات المروحية.

وفي وقت قريب، اضطلع الجنود الأميركيون بدور استشاري في معاونة نظرائهم العراقيين خلال حملة توزيع مساعدات إنسانية بمحافظة ديالى استمرت لسبع ساعات. ومن جهته، أكد هادي العامري، النائب وعضو لجنة شؤون الأمن والدفاع بالبرلمان، أن انسحاب الأميركيين من المدن مر بسلاسة بالغة ـ «مثل الشعرة من العجينة». واستطرد موضحا أنه خارج المدن، يتمتع الأميركيون بحرية التنقل دون الحاجة لموافقة العراقيين. وقال: «لهم حق الرد ضد أي هجوم يتعرضون له. في البصرة، يتمتع الأميركيون بحق الرد على إطلاق النار بالمثل». وفي 11 يوليو (تموز)، أطلق جندي أميركي النار وقتل سائق شاحنة، وهو مواطن عراقي، لم يستجب للتحذيرات الصادرة إليه بالتوقف على طريق سريع شمال بغداد. وفي 9 يوليو (تموز)، قتل عراقي مدني أثناء قيادته سيارة جراء اصطدامه بمركبة «سترايكر» تتبع الجيش الأميركي، وهي مركبة تحتل المقدمة في قافلة أميركية ـ عراقية مشتركة في غرب محافظة ديالى. إلا أن الوضع مختلف في ظل القيود المفروضة في بغداد.

ومن جهته، أشار فاضل إلى أن دورية أميركية رغبت في المرور عبر منطقة في غرب بغداد خلال ساعات النهار. واستطرد قائلا: «منعتهم وأخبرتهم أنه غير مسموح لهم بذلك إلا إذا حصلوا على موافقة، وحتى إذا كانت لديهم موافقة، يجب أن ترافقهم قوات عراقية». وبالفعل، سمح لهم بالاستمرار برفقة حامية تضم مركبات عراقية.

وذكر فاضل أنه في مرة أخرى رغبت دورية أميركية في الانتقال لما وراء «المنطقة الخضراء»، التي تضم السفارة الأميركية ومقار رئاسة الحكومة العراقية، للتوجه إلى قاعدة مثنى الجوية، التي تقع على مسافة تقل عن ميل. ومرة أخرى، لم يسمح لها بذلك إلا برفقة قوات عراقية. وعندما رغبت دورية أميركية في إلقاء القبض على هدف عدو بمنطقة سنية غرب بغداد، أشار فاضل إلى أنه أخبرهم «لا، لا يمكنكم ذلك». وأضاف أنه أخبر الجنود الأميركيين بأنه يتعين عليهم تسليم المعلومات السرية التي تلقونها بشأن الهدف إلى القوات العراقية، التي ألقت القبض لاحقا عليه. ومن ناحيته، نوه المتحدث الرسمي باسم عمليات بغداد، اللواء قاسم الموسوي، بثلاثة مواقف أخرى وقعت في مطلع يوليو (تموز) عندما انتهكت دوريات أميركية، حسب قوله، الاتفاق الأمني المبرم في بعض أجزاء بغداد. وأضاف أن هذه الحوادث جرى تناولها من قبل لجنة مؤلفة من مسؤولين أميركيين وعراقيين رفيعي المستوى، والذين يلتقون بانتظام لتسوية الخلافات التي تظهر على السطح فيما يخص تحركات القوات الأميركية والعراقية.

وخلال اجتماع للجنة في 2 يوليو (تموز) ـ بعد يومين من سريان القواعد الجديدة ـ أبدى العراقيون ضيقهم ـ حسبما ذكر الموسوي الذي اطلع على تفاصيل المناقشات المحتدمة. واشتكى العراقيون من أن دوريات القوات الأميركية في التاجي والشعب وحي أور في شمال شرقي بغداد تشكل انتهاكات للاتفاق الأمني، حسبما قال الموسوي. وأخبر العراقيون الأميركيين أن بإمكانهم تنفيذ دوريات في الليل فقط وبعد الحصول على تصريح من العراقيين. ونصت مذكرات الاجتماع على أنه: «لا يحق للأميركيين التنقل إلا بدءا من منتصف الليل حتى الخامسة صباحا». وقال الموسوي: «وقعت انتهاكات من جانب القوات الأميركية للاتفاق الأمني في 1 و2 يوليو (تموز)، حيث جالت القوات في أور والشعب والتاجي. وأخطرت قيادة عمليات بغداد القوات الأميركية بهذه الانتهاكات، وعليه سحبت مركباتها على الفور».