المعلم في لندن: نعول على تركيا لإعادة إطلاق المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل

قال إن الحريري مرحب به في دمشق.. وإن فكرة زيارته طرحت خلال زيارة الوفد السعودي

وليد المعلم وديفيد ميليباند في مقر وزارة الخارجية البريطانية أمس (تصوير: حاتم عويضة)
TT

رفض وزير الخارجية السوري وليد المعلم تحديد موعد تقريبي لبدء مفاوضات السلام المباشرة بين سورية وإسرائيل، وقال إن هكذا مفاوضات لن تبدأ إلا بعد التوصل إلى «قاعدة من التفاهم من خلال المفاوضات غير المباشرة عبر الوساطة التركية»، مشددا على موقف سورية المتمسك بالانسحاب الإسرائيلي من الجولان إلى خط الرابع من يونيو (حزيران) 1967.

وقال المعلم الذي زار لندن ليوم واحد أمس، التقى فيه وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند في لقاء بدأ في الساعة الحادية عشرة صباحا وانتهى بمؤتمر صحافي بعد الظهر، إن سورية طلبت من واشنطن «دعم الوساطة التركية»، ولم تطلب منها أكثر من ذلك. وأشار إلى أن دمشق «ما زالت تعول على الدور التركي لإطلاق واستئناف محادثات غير مباشرة مع إسرائيل كي نتمكن من بناء قاعدة من التفاهمات تؤدي إلى محادثات مباشرة ناجحة ومثمرة». وكانت المفاوضات غير المباشرة برعاية تركية قد توقفت بعد الحرب الأخيرة على غزة، بمبادرة من تركيا. وأثنى ميليباند من جهته على الدور الذي لعبته تركيا في الوساطة بين إسرائيل وسورية، ونفى أن تكون بريطانيا تسعى لأخذ مكان تركيا في الوساطة، وقال: «نحن نتطلع إلى اليوم الذي يمكن أن تبدأ فيه سورية وإسرائيل مفاوضات مباشرة»، لكنه أضاف أن الوصول إلى «سلام ناجح وفاعل يتطلب مقاربة فيها ثقة أكبر» بين الأطراف. وفي الوقت الذي شدد فيه ميليباند على دور سورية في التأثير على السياسة الإيرانية، قال المعلم الذي كان ينادي وزير الخارجية البريطاني باسمه الأول «ديفيد»، إن سورية يمكنها أن تلعب دورا مع إيران «ولكن لا يمكنها أن تأخذ قرارات عنها.

وقال الوزير السوري إن دمشق تدعو إلى جعل منطقة الشرق الأوسط «خالية من أسلحة الدمار الشامل، نووي وبيولوجي وكيميائي». وأضاف: «منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة دمار شامل أمر يؤمن الأمن والاستقرار في المنطقة، ولكن هذا عليه أن يتضمن جميع البلدان في المنطقة من دون أي استثناء، من بينها إيران وإسرائيل». وأشار إلى أن سورية تعلم «أن إسرائيل تصنع أسلحة نووية»، مشيرا إلى أنه لن تكون هناك «مقاربة سورية مزدوجة لقضية الأسلحة النووية.

ونفى أن تكون زيارته لبريطانيا تمهيدا لزيارة الرئيس السوري بشار الأسد، كما نفى ميليباند أن تكون لدى رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون أي نية للذهاب إلى سورية قريبا.

وقال المعلم ردا على سؤال حول استعداد سورية للمشاركة بمؤتمر دولي للسلام، إن هكذا مؤتمر لا جدوى من عقده قبل التوصل إلى «محادثات مثمرة». وقال إن سورية لن تحضر مثل هكذا مؤتمرات دولية قبل أن «يتم الإعداد لها بشكل دقيق وإلا فستكون له آثار خطيرة على المنطقة». وأضاف: «هكذا مؤتمر يجب أن يكون تتويجا لمحادثات دولية مثمرة حققت نتائجها، ويكون ضمانات للأطراف».

وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول ما إذا كانت سورية قد وجهت دعوة لرئيس الحكومة المكلف سعد الحريري لزيارة دمشق قبل تشكيل الحكومة، اكتفى المعلم بالقول: «خلال زيارة الوفد السعودي الذي جاء إلى دمشق لبحث الأزمة في لبنان، طرحت فكرة دعوة الشيخ سعد الحريري إلى دمشق، وقلنا أهلا وسهلا به». وكانت قضية زيارة الحريري لدمشق قبل تشكيل الحكومة قد أثارت ردودا سلبية كثيرة في لبنان من قبل أطراف في «14 آذار»، وقيل إن دمشق تشترط على الحريري زيارتها لكي تسهل في المقابل عملية تشكيل الحكومة مع حلفائها في لبنان.

وشدد ميليباند من جهته على أهمية الدور السوري في المنطقة، وقال إنه تلقى زيارة من الوزير المعلم لزيارة دمشق، وإنه يتوق لزيارتها من جديد، إلا أنه لم يحدد تاريخ الزيارة. ووصف المحادثات التي جرت بينهما بـ«الممتازة». وشدد ميليباند الذي كان زار سورية في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، على أن سورية تلعب دورا أساسيا في المنطقة، وأنها وبريطانيا «لديهما مصالح مشتركة بشرق أوسط مستقر».

وأشاد ميليباند في بداية المؤتمر الصحافي بمقاربة الإدارة الأميركية الجديدة للانفتاح على سورية، وقال: «لدينا فرصة تاريخية ومسؤولية تاريخية بسبب المقاربة الجديدة التي تعتمدها الإدارة الأميركية والتي نرحب بها. أوباما حدد السلام بين إسرائيل والعالم العربي من ضمن المصلحة الوطنية الأميركية، وأنا أقول اليوم إنه في المصلحة البريطانية أيضا». وأشار إلى أن المقاربة الأميركية الجديدة تجاه سورية «تحمل الكثير من الدلالات الإيجابية». وكان المعلم سئل إذا ما كانت سورية وجهت دعوة لأوباما لزيارتها، فنفى، ولكنه قال إن أوباما «مرحب به».

وأيد ميليباند أوباما أيضا في قضية تجميد بناء المستوطنات الإسرائيلية، ولكنه شدد على ضرورة إعادة تفعيل مبادرة السلام العربية. ومازح المعلم ميليباند حين كان الأخير يتحدث عن مبادرة السلام العربية التي تشترك فيها 23 دولة، 22 دولة عربية إضافة إلى إسرائيل. فسأل المعلم ضاحكا: «هل تقترح ضم إسرائيل إلى منظمة الدول العربية؟». وأطرى ميليباند أيضا على «الخطوات الإيجابية التي اتخذتها سورية في العراق، من بينها زيارة الوزير المعلم إلى بغداد للمساعدة في الدفع لتحقيق الاستقرار هناك». وردا على سؤال حول النتائج التي توصلت إليها بريطانيا من خلال المحادثات التي بدأتها أخيرا مع حزب الله، قال ميليباند: «قررنا العام الماضي أن نعيد التواصل مع نواب من حزب الله منتقين بعناية، ونحن لا نقود مفاوضات مع قيادة حزب الله. نيتنا هي التأكيد على تنفيذ القرار 1701، وفي الوقت نفسه نستمع إلى ما يقوله نواب حزب الله». وفي موقف أربك وزير الخارجية البريطاني، رفض المعلم الإجابة عن سؤالين وجههما إليه صحافي إسرائيل من «إذاعة إسرائيل»، حول إمكانية إقفال مكاتب حماس في دمشق في المستقبل ووقف تدفق الأسلحة إلى حزب الله من إيران عبر الأراضي السورية. وبعد أن رد ميليباند على أسئلة وجهها إليه الصحافي الإسرائيلي، نظر إلى المعلم ينتظر منه أن يجيب عن الأسئلة الموجهة إليه. إلا أن الوزير السوري قال لميليباند إنه لا يريد الإجابة، في وقت كان فيه الصحافي يطالب بمعرفة السبب. وبدا الارتباك لوهلة على ميليباند الذي لم يفهم سبب رفض المعلم الإجابة في اللحظة، وسأله مرة ثانية: «لا تريد أن تجيب؟» فرد المعلم بالقول: «لا أنا لدي الحق أن أختار ألا أجيب».