الأتوبيس «أبو دورين» ينعش المصطافين في الإسكندرية

على غرار حافلات لندن.. والقنصل البريطاني زبون دائم له

الأتوبيس الجديد يوفر مشهدا بانوراميا بإطلالته على شاطئ المتوسط مباشرة من دون عائق وبحرية لا تتوافر للترام القديم («الشرق الأوسط»)
TT

بينما غادرت الأتوبيسات الحمراء العتيقة ذات الطابقين شوارع العاصمة البريطانية لندن وسط حزن عميق، استقبل الإسكندريون ببهجة الأتوبيس «أبو دورين»، الذي أصبح ركوبه بمثابة متعة خاصة لمعظم المصطافين، الذين يتوافدون على مدينة «عروس المتوسط» لقضاء إجازة الصيف. كما حرص المسؤولون على أن يحمل الأتوبيس الجديد اللون الأحمر نفسه، الذي طالما ميز هذه الحافلة الجميلة في موطنها الأصلي. الأمر الذي دفع القنصل البريطاني بالإسكندرية إلى أن يكون زبونا دائما له، وكنوع من «النوستالجيا»، التي تذكره بملامحه التي غابت عن شوارع لندن. وعلى الرغم من أن الإسكندرانية حظوا دون غيرهم من المصريين بمتعة ركوب الترام «أبو دورين»، فإن الأتوبيس الجديد يوفر مشهدا بانوراميا بديعا بإطلالته على شاطئ المتوسط مباشرة، من دون عائق وبحرية لا تتوفر للترام القديم.

يبدأ خط سير الأتوبيس الوليد من رأس التين ببحري حيث يمكنك التعرف على الأجواء السكندرية الشعبية، فتبدأ الجولة بمشاهدة قوارب الصيد وحلقة السمك والميناء الشرقي ثم النصب التذكاري للجندي المجهول بالمنشية، ثم محطة الرمل، قلب المدينة النابض، ثم مكتبة الإسكندرية، ومنها إلى شواطئ الإسكندرية: الإبراهيمية، سبورتنج، كليوباترا، مصطفى كامل، سيدي جابر، رشدي، وكوبري ستانلي، وشاطئ جليم وسان ستيفانو، وسيدي بشر وميامي وتنتهي الجولة الممتعة في المندرة والمنتزه. يمكنك أيضا الاستمتاع بقراءة الصحيفة أو المجلة، أو تناول مشروب مثلج ومشاهدة بانوراما الحياة في الإسكندرية أو مشاهدة ما تعرضه شاشات العرض التلفزيونية من معالم الإسكندرية السياحية لتتمكن من ترتيب برنامجك اليومي واختيار المواقع التي ترغب في زيارتها.

تقول أميمة إبراهيم، ربة منزل «45 سنة» أصطحب أطفالي الثلاثة حيث نستقل الأتوبيس من بحري وحتى المنتزه كنوع من التغيير، حيث إن زوجي دائما ما يكون في عمله الطويل على مدار اليوم، وهو يعجبهم جدا حيث يجلسون في هدوء لمشاهدة البحر من نافذة الأوتوبيس، وأكثر ما يعجبني فيه هو غياب الكمساري فنحظى بفرصة الاستمتاع دون إزعاجه الدائم، هذا الأمر يجعل الرحلة مريحة». وترى ميرال طه (23 سنة) أن الأتوبيس يعتبر وسيلة جيدة لذوي الاحتياجات الخاصة، فالحافلة مجهزة بوسائل تمكنهم من استقلالها بسهولة دون مساعدة ودون مرافق، كما أن هناك الكثير من المقاعد المخصصة لهم». ويروي عبد الوهاب شاكر، موظف «27 سنة»، أنه يستقل الأتوبيس أثناء عودته من عمله، حيث يشعر بالراحة خاصة أنه مزود بمكيف الهواء كما أن مقاعده مريحة، مما يجعل رحلة العودة إلى المنزل ممتعة وكأنها جولة سياحية، فلا تشعر بمشكلة الزحام».

وترى سارة الحداد، طالبة «21 سنة»، أن الأتوبيس أبو دروين وفر للفتيات وسيلة مواصلات آمنة جدا خاصة، «فأنا أستقله دائما في كل الأوقات، وأصبحت أنا وصديقاتي نفضله على التاكسي، كما أنه غير مكلف، ويعتبر أوفر كثيرا ويحمينا من جشع سائقي التاكسي خاصة في فصل الصيف». ويقول مراد عبد العال، موظف، 30 سنة، إن أكثر ما أثار إعجابه هو الخدمة التي تقدم في تلك الأتوبيسات، مشيرا إلى أن السائقين في منتهى التعاون واللباقة، كما أن به ميزة مهمة وهي القدرة على استقلاله من أي مكان دون الالتزام بمحطة». ويؤكد محمد أحمد، أحد السائقين، أن إقبال الركاب كبير جدا ليلا ونهارا، ويضيف محمد قائلا «أقابل الكثير من الناس تلتقط الصور التذكارية له، كما يستوقفني الكثير من الأجانب حيث يذكرهم ببلادهم، وجميع الركاب يقولون إن المنظر أكثر من رائع خاصة البانوراما في الدور الثاني من الأتوبيس، وهي نفس فكرة الترام الأزرق، ترام الرمل، لذا لاقت الفكرة ترحيبا وإقبالا من السكندريين قبل السائحين».

وحول فكرة إدخال الأتوبيسات الحمراء إلى الإسكندرية، يقول رجل الأعمال عادل مهنا، رئيس شركة «فاست توريستيك ترانسبورت ـ فاست كول» صاحبة التجربة الرائدة، إن الفكرة جاءت له من خلال تجربته لهذه النوعية من الأتوبيسات في العديد من عواصم العالم خاصة في لندن وفي العواصم الأوروبية بشكل عام، وأضاف «وجدت أن الإسكندرية تعاني من الزحام وتكدس السيارات التي اقتحمت شوارعها بشكل كبير مما أضاع المجهودات التي بذلتها المحافظة في توسعة الكورنيش، ففكرت في إدخال التاكسي السياحي أولا، ثم الأتوبيسات والتي تشهد إقبالا كبيرا من جانب المصطافين وأبناء الإسكندرية ومن السياح العرب والأجانب، فهي تقدم خدمة على مستوى عال، وبسعر مناسب جدا، حتى إن القنصل الإنجليزي بالإسكندرية حدثني شخصيا عن استمتاعه بالفكرة وأنه أصبح من الركاب الدائمين له». وأشار مهنا إلى «أن كل أتوبيس يحتوي على 73 مقعدا، تشتمل 35 مقعدا للمعاقين، كما أن الأتوبيسات الجديدة توفر عنصر الأمان لجميع الركاب دون أن تشعرهم بأي جو من التوتر، ويمكن للسائح أن يستقلها دون أن يجد عربات الشرطة تلاحقه للحراسة، حيث إن بها كاميرات وأجهزة لتسجيل الصوت والصورة لفترات طويلة جدا تصل إلى 170 ساعة متواصلة ويتم تخزينها على أشرطة، بحيث يمكن الرجوع إليها في حالة الحاجة لمتابعة أي شخص». ويضيف مهنا «دخل إلى الخدمة حتى الآن 20 أتوبيسا، ولكن نظرا للإقبال الشديد عليها ستتم زيادة أعدادها تدريجيا، وفي المستقبل سيتم تطوير الفكرة وسندخل أتوبيسات بدورين ولكن بلا نوافذ حيث يمكن للراكب الاستمتاع بالهواء الصيفي المنعش وستكون بألوان متعددة وجذابة، كما نفكر في أن يكون هناك خط سير للمعالم السياحية داخل الإسكندرية وأن يمتد خط السير للساحل الشمالي». من جانبه، قال محافظ الإسكندرية، اللواء عادل لبيب، إن المحافظة رحبت جدا بالفكرة خاصة أن الإسكندرية رشحت لتكون عاصمة السياحة العربية لعام 2010، وتعمل هذه الأتوبيسات على تنشيط الحركة السياحية لرواد المحافظة، حيث تخدم ما يزيد على 25 ألف راكب يوميا، فضلا عن أنها تحتوي على شاشات عرض لمعالم الإسكندرية السياحية. والأهم من ذلك أن بها كاميرات أمان لصعود ونزول الركاب، كما يعمل الأتوبيس بنظام إلكتروني متطور لقطع التذاكر للركاب. وأضاف أن «الأتوبيسات العملاقة قدمت حلا مباشرا وسريعا للأزمة المرورية التي تجتاح شوارع الإسكندرية في فصل الصيف».