المالكي من كردستان: الاختلاف في وجهات النظر قائم ليس مع الإقليم فقط بل داخل حكومتي أيضا

رئيس الوزراء العراقي بعد لقائه ببارزاني وطالباني: أؤيد كل فقرة في الدستور سواء التي اعترضت عليها أو التي لم أعترض عليها

رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني لدى استقباله رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في السليمانية أمس (تصوير: جمال بنجويني)
TT

تلبية لدعوة رسمية من الرئيس العراقي جلال طالباني، وصل إلى مدينة السليمانية صباح أمس رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي بمفرده على متن طائرة رئاسية خاصة، في زيارة هي الثانية من نوعها لإقليم كردستان العراق منذ توليه رئاسة الحكومة العراقية قبل نحو ثلاث سنوات.

واستقبل في مطار السليمانية الدولي من قبل الرئيس طالباني والدكتور برهم صالح نائب رئيس الحكومة العراقية، وبعد استراحة قصيرة في صالة التشريفات بالمطار انطلق الرئيسان طالباني والمالكي إلى منتجع دوكان 70 كلم غرب السليمانية والذي سبقهما إليه مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان، وقد بدأ الرؤساء الثلاثة اجتماعا مغلقا لبحث القضايا العالقة بين الإقليم وبغداد استمر أكثر من أربع ساعات.

ومن ثم عقدوا مؤتمرا صحافيا مشتركا ومقتضبا استمر لمدة ربع الساعة، أكد في مستهله رئيس الحكومة العراقية أن الاجتماع كان مثمرا، وأنه حقق توجها نحو حل المشاكل العالقة بين الإقليم وبغداد وقال «لقد كان اللقاء إيجابيا بكل ما فيه من مناقشات وتم الاتفاق على تدعيم وتعضيد الوحدة الوطنية وحماية العملية السياسية والديمقراطية والنظام الاتحاد ـ الفيدرالي الجديد في العراق».

وأضاف المالكي أنه «تم الاتفاق على مواجهة كل التحديات الداخلية والخارجية التي تعترض طريق بناء دولة المؤسسات، الدولة الحديثة القائمة على الأسس الديمقراطية، ودار الحديث أيضا حول ضرورة إنجاز المهام التي تتعلق بعمل الدولة لإنجاحها واستمرار العمل لإغنائها فيما تم الاتفاق على آلية لمناقشة القضايا أو المشاكل التي لا أميل شخصيا إلى تسميتها بالمشاكل، بل هي عملية إنجازات لا بد أن ننتهي منها للمؤالفة بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية، وهذه الآلية أو اللجنة التي شكلت ستقوم بعملية جرد ووضع آليات وتداول لإنهاء المشاكل العالقة لتهيئة المناخ السياسي بشكل عام لاستقبال مرحلة الانتخابات العامة التي نعول عليها بأن تكون داعمة لمسار السياسية الديمقراطية في العراق». وأضاف المالكي أن الفريق المكلف بوضع سياسات واستراتيجيات مواجهة التحديات سيبدأ مهامه اعتبارا من ليلة أمس، فيما ستستقبل بغداد في وقت قريب وفدا من إقليم كردستان وقال «أتمنى أن يكون الوفد برئاسة رئيس الوزراء في الإقليم من أجل مناقشة كل القضايا العالقة وإيجاد الحلول لها». وأوضح المالكي أن الاختلاف في وجهات النظر قائمة ليس مع إقليم كردستان وحسب بل داخل الحكومة الاتحادية في بغداد ومع المحافظات أيضا، وقال «أعتبر ذلك أمرا طبيعيا طالما أننا بصدد بناء دولة على أنقاض الدكتاتورية وعلى مخلفات نظام مركزي حديدي قاتل، لذلك فإن بروز الخلافات ينبغي أن لا يدفعنا نحو التشاؤم والتصور بأنها خلافات ستقود ربما إلى عملية إسقاط الديمقراطية والإنجازات التي حققناها بالدماء والجهود، بمعنى أنني أعتقد شخصيا بأننا نتفق مع إقليم كردستان في المساحة الأكبر وإذا كانت هناك مشاكل فهي في المساحات التفصيلية الأصغر وقد اتفقنا على حلها».

وأكد المالكي أنه متفائل جدا بنتائج اللقاء مع بارزاني وطالباني وقال «آمل أن يستمر على مستوى القيادات ومستوى المكاتب السياسية واللجان الفنية أيضا».

وبخصوص موقفه من المادة 140 من الدستور العراقي الداعية إلى تطبيع الأوضاع في محافظة كركوك والمناطق المتنازع عليها، قال المالكي «إنها مادة دستورية وقد تشكلت لجنة خاصة ووضعت لها آلية، وخصصت لها ميزانية من أجل تطبيع الأوضاع في المحافظة، وإيجاد حلول لمعاناة سكانها وإعادة الممتلكات لأصحابها، وقد نجحت اللجنة في هذا المجال وبقي هناك عملية الإحصاء والتعداد، وهناك مشروع قانون أو حل مقدم من قبل الأمم المتحدة تجري حوله مناقشات من قبل ممثلين من حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية»، وتابع «إن كردستان جزء من العراق وليس من أي دولة أخرى، كما أنني أؤيد كل فقرة وردت في الدستور العراقي، سواء الفقرات التي اعترضت عليها يوم كتبنا الدستور أو التي لم أعترض عليها، أي أننا في السلطة التنفيذية أمام مسؤولية الالتزام به، وبما أن المادة 140 دستورية فهي تقع ضمن مبدأ التزام السلطة التنفيذية والقضائية في التعامل معها وتذليل العقبات التي تواجهها والحدث النهائي هو إيجاد حل بحفظ تماسك كل مكونات الشعب العراقي وكل وحداته الإدارية في إطار العراق».

وحول مسألة الفيدرالية القائمة في العراق واحتمالات تحولها إلى نظام كونفيدرالي مستقبلا، قال المالكي «نحن متفقون في العراق على الفيدرالية، فإذا كانت هناك مسائل تتجه نحو الكونفيدرالية، فإنها لا بد أن تأتي ضمن الإطار المتفق عليه ضمن النظام الفيدرالي»، في حين علق على ذلك الرئيس جلال طالباني قائلا «نظامنا في العراق قائم على الفيدرالية ـ الاتحادية وإقليم كردستان متمسك بهذا النظام وإذا كانت هناك تفسيرات أو تأويلات أو تحويرات أو ممارسات، فإنها ستناقش بين وفد الإقليم ورئيس الحكومة العراقية بروح أخوية وتحل على أساس التمسك بالدستور العراقي الذي هو المرجع».

وكان من المتوقع أن يحضر المباحثات بين الطرفين نائبا رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي وطارق الهاشمي ولكن لم يتم ذلك، وأكدت مصادر مطلعة عديدة أن المالكي الذي سيبقى في السليمانية اليوم أيضا سيلتقي في وقت لاحق بمسؤولين في قائمتي (التغيير) التي يرأسها السياسي الكردي نوشيروان مصطفى و(الخدمات والإصلاح) التي يرأسها صلاح الدين محمد بهاء الدين، واللتين أحرزتا المرتبة الثانية والثالثة في الانتخابات النيابية والرئاسية التي جرت في الإقليم في 25 يوليو (تموز) الماضي.