«نكهة المعرفة».. قهوة جديدة يتذوقها هواة القراءة شرق السعودية

المشرف على المكتبات العامة لـ«الشرق الأوسط»: سنعمم الفكرة على عدة مقاه بالمنطقة

ضعف معدلات القراءة وقلة ارتياد المكتبات خلال الصيف يدفع المكتبات العامة للتفكير في وسائل جذب جديدة («الشرق الأوسط»)
TT

يتذوق المثقفون ومحبو القراءة قريبا نكهة جديدة للقهوة تنافس نكهات القرفة والشوكلاتة الشهيرة، وهي نكهة «المعرفة»، وفق مشروع أطلقته المكتبة العامة بالدمام تحت عنوان (قهوة بنكهة المعرفة)، تقوم فكرته على توفير تشكيلة من الكتب لإعداد مكتبة صغيرة في كل مقهى، كوجبة ثقافية خفيفة تقدم إلى جانب المشروبات والحلويات، وقد بدأ هذا المشروع بإحدى مقاهي مدينة الدمام، مع التوجه لتعميمه كي يشمل عدة مقاه للوصول لأكبر شريحة من مرتادي المقاهي وربطهم بالمكتبات العامة في المنطقة الشرقية، خاصة فئة الشباب.

وأفصح سعد العريفي الحارثي، المشرف العام على المكتبات العامة بالمنطقة الشرقية ومدير المكتبة العامة بالدمام، هاتفيا لـ«الشرق الأوسط»، أن هذا المشروع يهدف لتعزيز الصلة مع الكتاب وإثراء أوقات الفراغ وتعريف أكبر شريحة من المجتمع بالمكتبة العامة، مشيرا لكون مرتادي المقاهي عادة يشغلون أوقاتهم بمتابعة الفضائيات أو مشاهدة المباريات، وأضاف «نحاول قدر المستطاع إيجاد مكان للكتاب في الأماكن الترفيهية».

وعن مستوى الإقبال على المكتبات العامة خلال الإجازة الصيفية، يقول الحارثي «أغلب الناس مشغولون الآن في التسوق والمقاهي»، وأردف بأن هذا السبب هو الذي دفع للتوجه لهم داخل المقاهي واستثمار حضورهم وارتيادهم لها، مؤكدا أن الإقبال على المكتبات يقتصر عادة على فترة الدراسة لكونها وسيلة لإعانة الطلاب على إنجاز أبحاثهم، بخلاف الإجازة الصيفية التي يضعف فيها ارتياد المكتبة.

وحول نوعية الكتب التي سيقدمها مشروع (قهوة بنكهة المعرفة)، أفاد الحارثي بأنها كتب منوعة تشتمل على الروايات والقصص وكتب المعارف العامة، وفق ما يعرف بالقراءة السفرية الخفيفة، وأردف بأن الراغبين في الكتب الأخرى الأكثر تنوعا ودسامة سيفكرون بالذهاب للمكتبة العامة، وهو الهدف المنشود من الفكرة التي تأتي كفعالية ثقافية ضمن النشاط الصيفي. وعن نتاج هذا المشروع، أوضحت نهى سعد، مديرة مقهى «زي زون» الذي تم اختياره كأول مقهى لهذه التجربة، لـ«الشرق الأوسط» أن دورهم تضمن إعداد المكتبة وتهيئة ركنين مخصصين للقراءة والاطلاع، ثم تكفلت المكتبة العامة بتوفير الكتب للمقهى، يتراوح عددها بحدود 200 كتاب، وعن دوافع الانجذاب لهذا المشروع، قالت «القراءة عمل جميل ويشغل الوقت، وهناك كثير من الناس يهوون القراءة لكنهم لا يجدون مكانا مناسبا لها».

ويبدو أن فكرة إحياء القراءة بين جنبات المقاهي وإنشاء مكتبات صغيرة داخلية صارت تلقى رواجا كبيرا في المنطقة الشرقية، وهي خطوة بادرت بها قبل نحو سنتين سلسلة مقاهي «أوتاكوشي»، حيث أكدت فرح الغامدي، مسؤولة التسويق بالمقهى، أنها فكرة حظيت باهتمام كبير خاصة من فئة الشباب وطلاب الجامعة، وأشارت للحرص على توفير أماكن هادئة للقراء ووضع غرفة خاصة بإحدى فروع المقهى للقراءة البعيدة عن الضوضاء.

يضاف لذلك تجربة أخرى لمقهى «الأربعائيات» بالدمام، الذي حمل شعار (للنساء فقط)، وضم بين جنباته مكتبة صغيرة تحمل تشكيلة مختلفة من الكتب، وهي تجربة وصفتها سارة الخثلان، الكاتبة الصحافية وصاحبة مركز الأربعائيات، لـ«الشرق الأوسط»، بأنها سعت من خلالها لإعداد ملتقى فريد من نوعه لسيدات المنطقة، وأوضحت أن هذا التوجه يخدم الهدف الثقافي الذي قام لأجله المركز ويسهم في نشر ثقافة القراءة بين الفتيات تحديدا.

وربما يتبادر إلى الأذهان أن انتشار مقاهي القراءة جاء كمجاراة لموضة جديدة وفكرة تسويقية تستهدف جذب زبائن جدد، وهنا ردت مديرة مقهى «زي زيون»، بالقول «لا أعتقد ذلك»، مضيفة «الفكرة تشجع الناس على القراءة لأن شريحة القراء لا زالت ضعيفة، ونحن نحاول توفير مكان راق يضم المجلات والصحف والكتب، وسنضيف مستقبلا الألعاب التعليمية للصغار أيضا».

يأتي ذلك في حين تكشف أحدث الدراسات أن متوسط ما يقرأه الفرد العربي سنويا لا يتجاوز حدود 4 صفحات فقط، في حين أن المواطن الأميركي يقرأ نحو 11 كتابا، والأوروبي يقرأ أكثر من 30 كتابا في العام الواحد، بينما احتلت السعودية المرتبة 126 في قائمة بلدان العالم من حيث معدل معرفة القراءة والكتابة، على النحو الوارد في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لمؤشر التنمية البشرية الصادر في العام الماضي 2008.