بري: جنبلاط انتقل الى موقع وطني والجميع أصبحوا بحاجة إليه

الحاج حسن لـ«الشرق الأوسط»: سنشارك في الحكومة كجزء من المعارضة

TT

القنبلة السياسية التي فجّرها الزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط يوم الأحد الماضي وارتداداتها السياسية، كانت الحاضر الأبرز في لقاء الأربعاء الأسبوعي الذي عقده رئيس مجلس النواب نبيه بري مع عدد من النواب في مبنى البرلمان في ساحة النجمة بوسط بيروت. وإذا كان بري آثر عدم الكلام في القصر الجمهوري بعد لقائه رئيس الجمهورية، فقد استغرب لدى وصوله إلى مقر المجلس سؤالا طرحه عليه أحد الصحافيين: «هل صحيح أن الرئيس المكلف اعتذر أم سيعتذر؟» وردّ مستغربا: «شو هالحكي؟!».

ونقل أحد النواب عن بري ضرورة الفصل بين ما قاله النائب جنبلاط وبين موضوع تأليف الحكومة، وأن الإطار السياسي «ثابت ولا تعقيدات تذكر». ورجح النائب عودة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري إلى بيروت قبل نهاية الأسبوع الحالي، ولم يستبعد أن تبصر الحكومة النور منتصف الأسبوع المقبل، مؤكدا أن الاتصالات مع الرئيس المكلف لم تتوقف.

وردا على أسئلة النواب وخلال لقاء الأربعاء الأسبوعي في مجلس النواب حول موقف النائب وليد جنبلاط، قال بري: «ليس الأمر مفاجئا، فمنذ ما قبل الانتخابات والأستاذ وليد جنبلاط يطالب فريق (14 آذار) بمجاراته بالعودة إلى مبادئه سواء المتعلقة بالعروبة أو بفلسطين». وأضاف بري: «أنا أفهم ما قام به الأستاذ وليد جنبلاط، وأن الهدف منه هو المزاوجة بين (8 آذار) و(14 آذار) وإزالة هذا الشرخ العمودي الذي كان قائما قبل الانتخابات. نحن عبرنا عن ذلك بحكومة وحدة وطنية وشراكة حقيقية، فعلها أبو تيمور بحركة موفقة ينتقل فيها إلى موقع وطني هو بحاجة فيه إلى الجميع، والجميع بحاجة إليه. وأنا أعتقد شخصيا أن هذا الأمر يجب أن يسهّل قيام الحكومة وإيجاد حالة سكينة في التعاطي مع التأليف».

وعلم أن بري سيترأس ظهر اليوم اجتماعا لهيئة مكتب مجلس النواب للبحث في عدد من القضايا والشؤون المجلسية العالقة. وكشف عضو كتلة «حزب الله» النائب حسين الحاج حسن عن لقاءات تجمع قيادات من «حزب الله» مع الزعيم الدرزي، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هي لقاءات مثمرة وتتميز بالصراحة والصدق والمصالحات، وهذه اللقاءات ليست محصورة بمستوى القيادة، بل تشمل مستوى القواعد، وذلك من أجل تعميم جو الاستقرار والتهدئة والمصالحات الذي يشهده البلد».

وأكد ردا على سؤال أن «حزب الله» سيشارك في الحكومة كجزء من المعارضة وفقا للصيغة التي تم التوافق عليها ولا تزال قائمة على أساس (15-10-5). وعن موقف جنبلاط في القصر الجمهوري أمس قال الحاج حسن: «إن هذا الموقف قد يؤدي إلى الإسراع في تشكيل الحكومة، ويؤكد خصوصية جنبلاط وتمايزه، وهو من يحدد موقعه السياسي ومواقفه السياسية بالطريقة التي يراها مناسبة ويستطيع التعبير عن مواقفه الواضحة».

ورأى أن «من مصلحة الجميع الإسراع في تشكيل الحكومة، وأعتقد أن العقبات التي يفترض أن تعالج لتشكيل الحكومة هي قيد المعالجة وفي طريقها إلى الحل، وأن كلام النائب جنبلاط في القصر الجمهوري يؤكد أن هناك فرصة للإسراع في تشكيل الحكومة».

وعن الربط بين موقف جنبلاط الجديد وسفر الرئيس سعد الحريري قال الحاج حسن: «لا شك أن تصريحات أمس يمكن أن تساعد بشكل أو بآخر من أجل الإسراع في تأليف الحكومة، الذي هو مصلحة أكيدة لجميع اللبنانيين بحيث تكون لهم حكومة وحدة وطنية على القاعدة السياسية التي تم الاتفاق عليها، وهي قاعدة الشراكة الحقيقية. وستستكمل المساعي لتأليف هذه الحكومة في أسرع وقت ممكن، وهذا الأمر تفرضه التطورات والتصريحات السياسية الأخيرة».

وعلّق عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب عباس هاشم على موقف جنبلاط الأخير في القصر الجمهوري، رابطا بينه وبين زيارة وزير الإعلام السعودي عبد العزيز الخوجة، فقال: «أهل مكة أدرى بشعابها». ورجح عودة الحريري من الخارج قبل نهاية الأسبوع.

وفي وقت لاحق علّق رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون على موقف جنبلاط بقوله: «لم ينضم النائب وليد جنبلاط إلى المعارضة، لكن إذا أتى فأهلا وسهلا به».

وأبدى المطارنة الموارنة خلال اجتماعهم الشهري الذي عقدوه في المقر الصيفي للبطريركية المارونية في الديمان (في شمال لبنان) برئاسة البطريرك نصر الله بطرس صفير، أسفهم «للإطالة التي أصابت تأليف الحكومة، والبلد في أمسّ الحاجة إلى حكومة تنهض بمسؤولياتها تجاه المواطنين، وتأخذ في الاعتبار وضع البلد وتعمل على تثبيت أبنائه فيه، فتوفر لهم أسباب عيش كريم ينصرفون في ظله إلى ما فيه ازدهاره ورفاهية أبنائه».

وقال المطارنة: «لقد تعب لبنان من تدخل المتدخلين في شؤونه، وآن له ولأبنائه أن يحزموا أمرهم ويعملوا على إعلاء شأنه مع المحافظة على ما يشدهم إلى جيرانهم وأصدقائهم من روابط ألفة وصداقة وتعاون مخلص».

وفي الشأن الحكومي أيضا أكد عضو كتلة المستقبل النائب أحمد فتفت أن «الرئيس المكلف سعد الحريري ليس محرجا، وما من سبب ليعتذر عن تشكيل الحكومة، إنما هناك بعض المعطيات الجديدة التي تحتاج إلى الابتعاد عن التشنجات والمهاترات». واعتبر أن «البيان الصادر عن تيار المستقبل يوم الأحد الفائت (الذي ردّ فيه على النائب جنبلاط) لا يحتاج إلى توضيح»، مشيرا إلى أن «مواقف النائب جنبلاط قد تعيد هيكلة التصور الحكومي وليس الصيغة». وقال: «لا مجال للاعتذار، ولا نعتقد وجود سبب يدفع النائب سعد الحريري للاعتذار، وبالتأكيد هو ليس محرجا، إنما هناك معطيات جديدة تحتاج إلى الابتعاد نوعا ما عن التشنجات والمهاترات، وهذا ما أعلنه وطبقه الرئيس الحريري منذ اليوم الأول لتكليفه. فقد انتهج سياسة هادئة خلال الأسابيع الماضية، وسيستمر كذلك، وهو حاضر لأن يقوم بكل مهماته عندما تتوفر الظروف، إنما أيضا من حقه أن يأخذ بضعة أيام لإجازة عائلية».

ورأى عضو كتلة المستقبل النائب سيرج طور سركيسيان أنه لا صحة لما يشاع بأن الموضوع الحكومي «وُضع في الثلاجة حتى نهاية الصيف»، مؤكدا أن «الأجواء تسير في غير هذا الاتجاه، وأن ولادة الحكومة ستظهر في الوقت المناسب». واعتبر أن «سفر رئيس الهيئة التنفيذية في (القوات اللبنانية) سمير جعجع في هذا الوقت لا يؤشر لإطالة عملية تأليف الحكومة، لأن جعجع يعتبر أنه مرتاح لحصته الحكومية».

وأعرب عضو تكتل «لبنان أولا» النائب عماد الحوت عن اعتقاده «أن العقدة الرئيسية في تشكيل الحكومة تأتي من التيار الوطني الحر وطلباته الكثيرة»، وقال: «في ظني أن سفر الرئيس الحريري في رحلة خاصة يعطي الأفرقاء فرصة للتفكير مليا وتقديم مصالح الوطن على المصالح الحزبية، على أمل أن يستأنف البحث في الأسماء مع عودة الرئيس المكلف». وأكد أن «زيارة وزير الإعلام السعودي عبد العزيز الخوجة لبيروت تشكل عنصرا قد يسهل الوصول إلى توزيع الحقائب وتسمية الوزراء».

كذلك أكدت الأمانة العامة لقوى «14 آذار» إثر اجتماع عقدته أمس أن «قوى (14 آذار) التي التزمت الأخذ بـ(حكومة ائتلاف سياسي)، رغم أكثريتها البرلمانية»، حذرت «من المناورات وتوزيع الأدوار التي ما زال فريق (8 آذار) يلجأ إليها لعرقلة تشكيل الحكومة». ودعته «إلى المطابقة بين الأقوال والأفعال». وقالت: «رغم الاتفاق على الإطار السياسي العام للحكومة وتوجهاتها، كما أعلن الرئيس المكلف وسائر المعنيين، فإن الغموض ما زال يكتنف الخطوة الإجرائية التالية، الأمر الذي بلبل الرأي العام وضاعف قلقه».