سكان ميتشيغان يرحبون باستضافة سجناء غوانتانامو

السجن شديد الحراسة يوفر وظائف في ولاية تزيد فيها معدلات البطالة عن 17%

اولاد العاملين في سجن ستانديش بميتشيغان يطالبون على الطريق السريع بعدم اغلاق السجن شديد الحراسة (أ.ب)
TT

تبدو منشأة ستناديش للإصلاح ذات الحراسة الأمنية المشددة من على الطريق وكأنها منتجع ريفي؛ حيث الأرضيات الخشبية المحاطة بحقول الذرة والزهور، ويفتخر الموظفون بالسجن وكذلك سكان شمالي مدينة ميتشيغان بالمنشأة ويرغبون في الحفاظ على بقائها مفتوحة بكل السبل، حتى إذا ما كان ذلك يعني أن تصبح المنشأة هي المأوى الجديد لمحتجزي معتقل غوانتانامو.

وقد دفعت الأنباء التي تناقلتها وكالات الأنباء حول أن إدارة الرئيس أوباما تفكر في نقل بعض المحتجزين من السجن العسكري في كوبا إلى الحدود الأميركية في المنشأة العسكرية بستانديش أو المؤسسة الموجودة بليفينورث بكانساس، غنيفر غرانهولم الديمقراطي وحاكم ميتشيغان وعدد من المشرعين بالمدينة إلى الإعلان عن معارضتهم للمشروع، ولكن سكان المدينة هنا لديهم اهتمام أكبر بالحفاظ على الوظائف التي يبلغ عددها 340 وظيفة ومصادر الرزق الأخرى التي يوفرها السجن في بلد تزيد فيه معدلات البطالة عن 17%.

وخارج السجن شديد الحراسة، تنتصب لافتة مكتوب عليها بخط اليد :«أنقذوا بلدتنا، وأنقذوا ستانديش ماكس» في إشارة إلى مجموعة من المباني التي تقع خلف السياج المسنن الذي يحتوي على 604 أسرة والمخصص في معظمه للمساجين شديدي الخطورة. وعبر المدينة المتداعية والتي تأوي 1500 شخص، ترسل الممرات واللوحات اليدوية المعلقة خارج الكنائس والمقاهي، بالإضافة إلى أن لمنتجع دينيس للجمال نفس الرسالة؛ فالمنشأة هي واحدة من ثلاثة سجون وخمسة معسكرات للتأهيل كان من المقرر لها أن تغلق نظرا لأزمة الولاية المتعلقة بالميزانية، ونظرا لقلة عدد الأشخاص المسجونين. وتحتاج إدارة التأهيل بميتشيغان إلى تخفيض 120 مليون دولار من ميزانيتها التي تبلغ 2 مليار دولار أميركي للسنة المالية التي سوف تبدأ في أكتوبر (تشرين الأول)، كما أنه سوف يتم تسريح حوالي 500 إلى 1000 موظف بناء على إغلاق المنشأة.

ويبذل المسؤولون بالولاية جهودا حثيثة لتحويل ستانديش إلى منشأة ذات حراسة أمنية متوسطة تأوي حوالي 1100 من سجناء كاليفورنيا، كما أنهم عرضوا كذلك استضافة مساجين من ألاسكا، ويظل خيارهم الأخير هو استضافة سجناء غوانتانامو.

ويشمئز بعض السكان من فكرة استضافة المتهمين بالضلوع في أعمال إرهابية في المدينة ولكنهم يحتفون بفكرة الحفاظ على وظائف الناس. بينما يهزأ البعض الآخر من فكرة أن الحراس الموجودين حاليا سوف يحتفظون بوظائفهم في منشأة فيدرالية تأوي مثل هؤلاء المساجين؛ ويقول متحدثون باسم الولاية والفيدرالية إنهم ليست لديهم معلومات حول مسألة التعيين تلك.

يقول بوب دايفيس رئيس اتحاد ضباط التأهيل المحليين: «إن ضباط الولاية أكثر من قادرين على تنفيذ أي شيء تطلب الحكومة الفيدرالية منا أن ننفذه، ولكن إذا أحضروهم هنا، فأعتقد أننا سوف نخسر وظائفنا، فسوف يريدون أفراد الأمن الخاصين بهم وسوف يكون هناك أعضاء في الاستخبارات الأميركية منتشرون في كل مكان».

ويقول توماس بيركيت حاكم ستانديش والذي لم يسمع بالعرض إلا من خلال التليفزيون في الإجازة الأسبوعية: «كانت هناك إشاعات، ولكن لا يوجد أحد في إدارتنا يعرف ماذا تعنيه تلك الإشاعات، فلا يستطيع أحد أن يخبرك بشيء».

وخلال الأشهر الماضية، كان جون إنغلر الجمهوري والحاكم السابق بالإضافة إلى مشرعين ورجال الأعمال بولاية ميتشيغان قد أتوا بفكرة استضافة محتجزي معتقل غوانتانامو في الولاية. وقد عرض إنغلر وضعهم في منطقة بنينسولا العليا والتي تشتمل على منشأتين عسكريتين ذواتي حراسة أمنية مشددة.

ويؤيد ميشيل موران مدير مدينة ستانديش إحضار المحتجزين إلى البلدة، ويقول إنه حتى إذا لم يحتفظ السكان المحليون بوظائفهم فإن تحفيز الاقتصاد يعد أمرا حيويا.

ويدفع السجن إلى المدينة حوالي 36 ألف دولار في الشهر كأجور عن المياه والصرف. وسوف يساعد تعيين موظفين جدد في إبقاء مجال العمل مفتوحا. فإذا أغلق السجن، سوف يخسر المدرسون وظائفهم نظرا لانخفاض أجور التدريس، وسوف تنخفض عائدات مكاتب البريد والمطاعم التي تمتلكها العائلات وسوف تتأثر المطاعم.

فبالرغم من أن المدينة تعد مركزا لعدد من المصانع الصغيرة التي تعمل في تصنيع البنادق الرشاشة وأطعمة الحيوانات والأجزاء البلاستيكية فإن السجن يعتبر حتى الآن أكبر مصدر للرزق بالمدينة.

وأعلنت مدرسة بالمدرسة الابتدائية، كيتي كامبو، عن رغبتها في إبقاء السجن مفتوحا ولكنها تعتبر أن فكرة استضافة سجناء معتقل غوانتانامو تظل حلا مستبعدا، فتقول: «إن ذلك يخيفني». وذلك بعدما أنهت تدريبها على الإنشاد في كورال الكنيسة الكاثوليكية الذي كان أبناؤها يحتجون على خطة الإغلاق، وأضافت:«لدينا سجناء ذوو خطورة أمنية عالية ولكنهم ليسوا إرهابيين». وقد عبر كل من سناتور ميتشيغان كارل ليفين الديمقراطي والنائبين الديمقراطيين عن ولاية ستانديش ديل كيلدي، وبارت ستوباك عن تأييدهم لفكرة إحضار محتجزي معتقل غوانتانامو إلى الولاية. وفي مسألة ما إذا كانت ستانديش هي الموقع الملائم لذلك قال ستوباك إنه سوف يؤجل الإعلان عن رأيه حتى يدرس المسؤولون الفيدراليون والمسؤولون بالولاية القضايا الأمنية والاقتصادية.

وسوف يزور مسؤولون من وزارة الدفاع والعدل والأمن الداخلي المواقع المرشحة لاستضافة سجناء غوانتانامو خلال الأسابيع القليلة القادمة، وذلك وفق ما صرح به مكتب ستوباك. ويقول جون كورديل المتحدث الرسمي باسم منظمة إعادة التأهيل بميتشيغان إنه ربما يتم الانتهاء من صفقة كاليفورنيا في وقت قريب وهو ما يعني عدم وجود سجناء من السجن في كوبا.

ويقول ميل غريشبير المدير التنفيذي لمؤسسة ميتشيغان الإصلاحية وهو الاتحاد الذي يمثل حراس السجن: «من الصعب أن نصدق أن الفيدراليين والمشرعين سوف يتخذون قرارا في غمضة عين، ولكن كاليفورنيا ربما تتخذ قرارا في أية لحظة الآن».

يقول بيتر هوكسترا النائب عن ولاية ميتشيغان إنه يعارض فكرة إحضار محتجزي سجن غوانتانامو إلى ميتشيغان بناء على معلومات تنامت له؛ كما أنه يعتقد أن سكان الولاية سوف يتعرضون للخطر نظرا لتردد أقارب المحتجزين على المنطقة، ويضيف: «إذا أراد الرئيس أوباما أن ينقل الجهاديين إلى ستانديش، فأتمنى أن يخبر المسؤولين والأمن المحليين أولا. فأريد أن أتأكد من أن كل شخص سوف تتوافر له رؤية شاملة حول طبيعة هؤلاء الأشخاص والخطر الذي يمثلونه على هذه المنشأة وعلى المجتمع ككل. فأعتقد إنهم إذا كانوا يعرفون ما أعرفه، فسوف يتخذون نفس القرار الذي اتخذته. فيمكن لولاية ميتشيغان أن تحظى بمستقبل أفضل من أن تصبح مستعمرة الفيدرالية لتنفيذ الأحكام».

وخلال تصريح إعلامي أصدرته اللجنة القومية الجهورية يوم الثلاثاء، أيد النائب مايك روجروس عن ولاية ميتشيغان والسناتور بات روبرتس عن كانساس ذلك الرأي قائلين إن سجناء غوانتانامو لا يجب أن يذهبوا إلى أي مكان داخل الولايات المتحدة وهدد روبرتس بإغلاق مجلس الشيوخ قبل سماحه باستضافة المحتجزين في كانساس واقترح أن يتم تغيير اسم معتقل غوانتانامو بدلا من إغلاقه. ويضحك الميكانيكي غاري شرش، 50 عاما، من فكرة تعرض السكان المحليين للخطر قائلا: «إذا تمكن هؤلاء المحتجزين من الخروج فإنهم لن يسرقوا المتجر العمومي، فهم مخططون ومفكرون وليسوا مجرمي شوارع. إنهم يفعلون أمورا أكثر أهمية».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»