مرسيدس : نظام إلكتروني يتحاشى الاصطدام بالمشاة

كاميرات ترصد حركة المارة بسرعة العين وتمنع السيارات من التصادم مع المارة

جربت «مرسيدس بنز» بنجاح نظاما يتحاشى دهس العابرين الذين يظهرون فجأة أمام السيارة («الشرق الأوسط»)
TT

يمكن لنظام إلكتروني جديد مخصص لتجنب حوادث التصادم مع السيارات، أن يوفر الكثير من الأموال لشركات التأمين والكثير من الصداع لشرطة المرور وأصحاب السيارات. وقد جربت «مرسيدس بنز» بنجاح نظاما يتحاشى دهس العابرين الذين يظهرون فجأة أمام السيارة.

وعرضت الشركة أمام الصحافيين فيلما يظهر كيفية تحاشي سيارة من فئة «س» لطفل يظهر فجأة من «العدم» راكضا وراء كرته التي تتدحرج أمام سيارة مرسيدس مسرعة. وذكر الباحث هانز جورج ميتزر أن النظام، واسمه «مساعد تحاشي المشاة»، يتألف من كاميرتين صغيرتين يجري تركيبهما في أعلى زجاج الواجهة وترسلان الصور إلى كومبيوتر في السيارة. ويحتوي الكومبيوتر على برنامج سريع جدا، يفرق بين البدن البشري والأبدان المعدنية أو البلاستيكية، ويدير السيارة في الحال بعيدا عن الجسد البشري الذي يمر أمام السيارة.

وحينما يمر جسد بشري أمام السيارة المسرعة يطلق الكومبيوتر الفرامل بكل قوة مع إدارة السيارة باتجاه بعيد عن مسار البشر المارين. ويسيطر النظام في هذه الحالة تماما تقريبا على عجلة القيادة، بدلا من السائق، ويتولى إلكترونيا تحاشي عابر السبيل. والمهم أيضا أن النظام يعيد السيارة مجددا إلى مسارها الأساسي، بعد تحاشي عابر السبيل، كي تواصل سيرها دون أي حادث.

وأجريت أمام الصحافيين تجربة مرور دمية مطاطية بشكل طفل أمام سيارة من فئة «س» مسرعة. وشاهد الصحافيون، في حقل تجارب الشركة في سندلفنجن، كيف تجنبت السيارة، التي تسير بسرعة 50 كلم/ساعة، الدمية بسرعة خارقة وواصلت سيرها على نفس الخط في الشارع. وسيكون من السهل تماما تطبيق نفس النظام للتعرف على الأشياء المعدنية وتجنبها، مثل علبة نفايات يحركها الهواء على الطريق السريع، لأن الأخيرة قد تكون خطرة على حياة السائق وليس على حياة المشاة.

واعتبر بهارات بلاسوبرامان، رئيس قسم التطوير في «مرسيدس»، النظام ضمانة مستقبلية لتقليل حوادث موت المشاة التي تحتل 14% من مجموع الحوادث على الطرقات. وذكر الباحث أن الكاميرتين تعملان بسرعة تقترب من سرعة العين البشرية، وتعمل خلال 0.2 ثانية على تفعيل نظام تحاشي المارة، مع ذلك يسعى العلماء لتقليص هذه الفترة الزمنية إلى «الوقت الحقيقي» لرمش العين. ويحافظ النظام عند انطلاق جسم بشري أمامه على مسافة 80 سم بعيدا عن الإنسان في كافة الأحوال. ونجح إلى حد بعيد أيضا والسيارة تنطلق بسرعة 70 كم/ساعة. وتم تصميم نظام الكاميرتين بحيث تمسحان مجالا أمام السيارة وجنبيها بأبعاد 8 أمتار عرضا و30 مترا إلى الأمام.

وأشار الباحث ميتزر إلى أن قسم التطوير والاختراع يعمل على جعل النظام صالحا للسوق 100% قبل طرحه. إذ إن نسبة الخلل في التعرف على الجسم البشري، من قبل النظام، تبلغ 5% وهذه نسبة عالية بتقدير العلماء. وسيعمل الباحثون بجد خلال السنوات المقبلة لتقليل نسبة الخطأ إلى الصفر. ويعتقد ميتزر بوجود محظور آخر في النظام يتعلق بالنظام النفسي للإنسان، لأن الباحثين لا يعرفون بعد كيف سيتصرف السائق ويتفاعل مع نظام يلغيه ويتولى القيادة بنفسه لتجنب وقوع الحوادث.

المشكلة الأخرى أن النظام مخصص للمساعدة في تجنب الحوادث عندما يكون السائق جيدا ومتمسكا بتعليمات السير على خطوط الشارع، محتفظا بمسافة معقولة بعيدا عن الرصيف، ومتمسكا بتعليمات السرعة وفحص السيارة باستمرار من قبل التقنيين. ولا يعرف الباحثون بعد ما الذي يمكن أن يحدث مع سائق عشوائي أو ثمل لا يلتزم بهذه الأمور. ولهذا فمن الضروري تطوير النظام كي يساعد الجميع، كما أنه من الضروري أن يعمل السائق على التأكد من صلاحية النظام وإخضاعه للفحص كي يضمن عمله بدقة.

والأهم هو أن العلماء لا يضمنون لأحد، حاليا على الأقل، عمل النظام بدقة حينما يحاول السائق الانتحار أو إلحاق الضرر بالآخرين عن عمد. وذكر ميتزر أن الشركة لا يمكن أن تضمن شيئا لمن يحاول الانتحار، ويبقى السائق صاحب الكلمة الأولى عند القيادة الاعتيادية على الشوارع، ولا يقفز نظام تحاشي المارة للمساعدة إلا عند الطوارئ.