باحث سعودي يستبعد أن تكون مدائن صالح المنطقة التي شهدت العذاب الإلهي

مستدلا بسلامتها.. ووجود منطقة قربها واضح عليها آثار الزلزال المدمر

TT

خلص باحث سعودي إلى أن منطقة مدائن صالح الأثرية، والتي كان يشاع أنها تعرضت للعذاب الإلهي على زمن نبي الله صالح، لم تتعرض لهذا النوع من العذاب، مستدلا بمجموعة من الأدلة التي تدعم اكتشافه، ومنها أن منطقة «المدائن» لا يوجد بها آثار الزلزال المدمر الذي قيل إنه ضرب المنطقة.

وحدد الدكتور سليمان الذييب، وهو عضو في هيئة التدريس بكلية الآثار والسياحة بجامعة الملك سعود، منطقة «الخريبة»، والتي تبعد عن مدائن صالح بنحو 10 كيلو مترات، بأنها الموقع الذي تعرض للعذاب الإلهي، وهي منطقة تقع في الشمال الغربي من السعودية.

وتعد مدائن صالح اكبر منطقة أثرية في الشرق الأوسط، بضمها العديد من القصور المنحوتة في الجبال وعلى مساحة 10 كيلو مترات مربعة. ومدائن صالح هي أول الآثار السعودية التي تدرج على قائمة التراث العالمي، وذلك بعد أن تم إدراجها في عام 2008، من قبل منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم «يونيسكو».

واستبعد الباحث السعودي الذييب في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن تكون مدائن صالح، هي المنطقة التي وقع فيها العذاب ونصح الرسول محمد عليه الصلاة والسلام أصحابه بعدم البقاء بقربها، كما هو سائد عند الكثير. ويضيف الباحث، «بعد عدد من البحوث والدراسات التي قمت بها على الموقع وبعض المواقع التي زارها الرسول خلال رحلته لغزوة تبوك، اتضح لي أن منطقة العذاب هي منطقة «الخريبة» وتبعد عن مدائن صالح 10 كيلو مترات». ولفت الدكتور سليمان النظر، إلى وجود اختلاف من قبل المفسرين في نوعية العذاب الذي حل بقوم صالح لقوله تعالى «فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين»، حيث ذكر ابن كثير أن الرجفة هي الصاعقة والطبري فسر الرجفة بالصيحة، وطبيعة العذاب الذي أصاب قوم صالح والذي دمرهم من فوقهم لأسفلهم يمكن وصفه بالزلزال.

وزاد في الإيضاح قائلا «أن موقع الخريبة لم يقطن خلال الفترة الإسلامية. كما أن العذاب الذي أصاب قوم صالح لا يتحقق في مدائن صالح الحالية»، ولذا والحديث للدكتور الذييب «فربما كان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، في موقع الخريبة في رحلته لغزوة تبوك ونصح أصحابه بعدم البقاء قرب منطقة (الحجر) لأنها منطقة عذاب، ولكن الحجر نفسها تحتوي بيوتا وقبورا ولا يوجد ما يشير إلى وقوع عذاب فيها.. ولكن المنطقة (الخريبة) قرب (الحجر) وهي التي حصل فيها الزلزال وآثاره واضحة». وحدد الدكتور سليمان أسبابا دينية وعدم اكتمال البنية التحتية لعدم إقبال الزوار على المواقع الأثرية بمدائن صالح، والتي سبق للثموديين أن سكنوها، فيما اتخذها اللحيانيون والأنباط عاصمة جنوبية لدولتهم دولة الأنباط،والبتراء «الأردنية» عاصمتهم الشمالية.

وكانت مدائن صالح في العصر الإسلامي محطة من محطات طريق الحج الشامي أثناء ذهاب المسلمين إلى المدينة المنورة ثم مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، ولذلك تسمى الآن مدائن صالح وهو الاسم الذي أطلقه الرحالة الأندلسي عام 1336. وتضم مدائن صالح أكثر من 135 قصرا نبطيا منحوتة في الجبال، وتستخدم كمدافن، وتتميز هذه القصور عن بعضها البعض بالنحت والزخارف كما تحوي بعض هذه القصور نصوصا نبطية توضح ملكية المقبرة وتاريخ إنشائها.

وتتبع مدائن صالح إداريا محافظة العلا، وعاصمتها الإدارية منطقة المدينة المنورة، وتقع عند دائرة عرض 47ـ26 شمالا، وخط طول 53ـ37 شرقا في الجزء الشمالي الغربي من السعودية وتحدها كل من المدينة المنورة وتبعد عنها 370 كيلو مترا، ومنطقة حائل وتبعد عنها 416 كيلو مترا، ومنطقة تبوك والتي تبعد عنها 470 كيلو مترا. ونالت مدائن صالح، اهتمام الباحثين، بداية بالجيولوجي الانجليزي رتشارد برتون الذي يعد أقدم من نفذ حفريات أثرية قبل مائة وإحدى وخمسين سنة، ثم الفرنسيين الأبوين جوسين وسافنياك خلال المدة من 1907ـ1914، فبعثة كندية مكونة من فردريك وينت ووليم ريد، ثم جاء عمل البعثة الانجليزية المكونة من بيتربار ولانكستر هاردينج وجون دايتون عام 1968.