تراجع شعبية حركة الشباب الصومالية بسبب الانقسامات

مجموعة الأزمة الدولية: هم الآن شرطة أخلاقية تجوب القرى وتروع المواطنين

TT

بعد مخاوف أميركية على مدار عقد من الزمان من أن يتحول الصومال إلى قاعدة للإرهابيين ينطلقون منها للقيام بهجمات في مختلف أنحاء المنطقة، يقول الكثير من المحللين إن الصوماليين المتعاطفين مع تنظيم القاعدة يعانون من أضعف حالاتهم، وربما كانوا أيضا في أخطر مراحلهم خلال أعوام. ويقول محللون صوماليون ومسؤولون أميركيون وآخرون، إن المتمردين الإسلاميين داخل البلاد، الذين يعرفون باسم حركة الشباب، يعانون من انقسامات متزايدة وبدأوا يخسرون شعبيتهم داخل هذا القطر الإسلامي المعتدل الذي أنهكته الحرب، ويعد ذلك تطورا هاما يجعل حركة الشباب عرضة للمخاطر، ولكنه في الوقت ذاته يدفع بعض الفصائل إلى اتباع القيادات الأكثر تطرفا المرتبطة بالقاعدة. ويقول البعض إن هناك مؤشرات على تنامي اليأس داخل حركة الشباب، ويتمثل ذلك في قيام الحركة أخيرا بالتخلص من أعضاء باعتبار أنهم مسلمون «نجسون»، وتضمن ذلك ذبح 7 مسلحين الشهر الماضي وتصرفات وحشية أخرى.

وقال محلل حكومي أميركي شريطة عدم ذكر اسمه لحساسية الموضوع: «ما شهدناه على مدار الأشهر القليلة الماضية، هو أن الكثير من الأشياء أضعفتهم بصورة ملحوظة، فهناك انقسامات داخل حركتهم. ولم يعد هناك نفس مستوى الدعم الذي كانوا يحظون به بين الصوماليين، وباتوا يعتمدون على أنفسهم أكثر وأكثر». وخلال اجتماع مع الرئيس الصومالي شريف أحمد في نيروبي الخميس الماضي، أكدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون على المخاوف الأميركية القائمة منذ فترة طويلة تجاه الصومال، ولكنها وصفت حكومة شريف بأنها «أفضل أمل لدينا لبعض الوقت من أجل استعادة الاستقرار» في هذا البلد المتقلب الذي يقع في منطقة القرن الأفريقي. وقد قامت الولايات المتحدة أخيرا بشحن 40 طنا من المؤن لدعم حرب الحكومة المؤقتة الهشة ضد المتمردين وتعهدت كلينتون يوم الخميس بتوسيع المساعدات. ولا يزال المتمردون يحوزون مناطق أكبر من تلك التي تسيطر عليها الحكومة التي يترأسها شريف، وهو إسلامي معتدل يقود حربا في الوقت الحالي ضدهم. وتسيطر حركة الشباب على معظم جنوب الصومال ونصف العاصمة مقديشو، وقد حققت في الأشهر أخيرة نجاحات في الشمال. وتمكن انتحاري أخيرا من قتل وزير الأمن الصومالي الذي كانت لديه شخصية كاريزمية ولعب دورا هاما في حملة الحكومة. وعزز المتمردين وصولُ المئات من المقاتلين من أفغانستان وباكستان وبريطانيا والولايات المتحدة ودول أخرى.

وفي نفس الوقت، فإن حركة الشباب وأغلبية أعضائها من الشباب الذين نشأوا في هذا المجتمع الفوضوي دون أمل كبير في مستقبل بعيدا عن السلاح، تعزوها الكثير من الأسباب التي كانت سببا في تعبئة الكثير من الصوماليين من قبل.

وعلى الرغم من أن الصوماليين مسلمون معتدلون براغماتيون تقليديا، أصبحت حركة الشباب شعبية حيث ساعدت على هزيمة مجموعة من أمراء الحرب المكروهين عندما كانت جناحا عسكريا لحركة اعتمدت على الشريعة الإسلامية من أجل استعادة بعض النظام داخل مقديشو. وبعد غزو إثيوبي دعمته الولايات المتحدة أطاح بالحركة في عام 2006، حشدت حركة الشباب أنصارا ضد المحتلين والحكومة العلمانية التي نصبوها.

ولكن، تبدل الوضع وانسحب الإثيوبيون العام الحالي. وحاز شريف، الذي يحظى بشعبية في جنوب الصومال، على السلطة وتمكنت حكومته من حشد دعم دولي. وأضف إلى ذلك، يقوم نحو 4000 من قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي في مقديشو بدور فعال ضد المتمردين، حسب ما يقوله المحلل الأميركي. وفي خطوة سلبت حركة الشباب قضيتها الأخيرة، قامت حكومة شريف بفرض الشريعة الإسلامية في مختلف أنحاء البلاد.

ويقول رشيد عبدي، وهو محلل مع مجموعة الأزمة الدولية: «إنهم محاصرون سياسيا وعسكريا، فليس لديهم أفكار وهم الآن عبارة عن شرطة أخلاقية تجوب القرى وتروع المواطنين».

وفي المناطق التي يسيطرون عليها، تقوم عصابات من المتمردين الشباب بفرض نظرتهم للشريعة الإسلامية، وقاموا برجم ضحية اغتصاب شابة حتى الموت وجلد امرأة بسبب قيامها بالرقص، وقاموا أخيرا بالتجول في الشوارع ونزع الأسنان الذهبية والفضية من المارين في الشوارع.

ويقول عبدي: «هذا ضد الحالة النفسية الوطنية وضد الثقافة الصومالية، فهي تنبض بالحياة ومتنوعة وهذه الفكرة التطهيرية أجنبية». ويسعى المواطنون لترك بعض المناطق التي تسيطر عليها حركة الشباب. ولكن، يؤدي التطرف إلى ظهور انشقاقات داخلية، حيث تدعو بعض الفصائل إلى أن يختار السكان المحليون قادتهم بدلا من فرضهم على الشعب.

ويقول عمر علي نور، وهو مشرّع، إن المشكلة في الوقت الحالي هو أنه كلما شعر المتمردون باليأس فإنهم يميلون إلى القيادات الأكثر تطرف المرتبطة بالقاعدة. وبدلا من إتباع نهج عسكري محض، يرى نور وآخرون، أنه يجب على الرئيس شريف أن يحاول اصطياد فصائل الشباب التي لديها شكوك.

ويقول نور: «لم تعد لحركة الشباب علاقات جيدة مع المجتمع المحلي وهم غير موحدين، وفي رأيي فإن الحكومة يمكنها استغلال ذلك»

*خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»