محسود حليف «القاعدة» هدف أميركا المعلن في باكستان

فتح معسكرات تدريب ووسع نفوذه في الشريط القبلي

TT

لم يتعد عمره 36 عاما، لكن نفوذه تعدى الحدود الباكستانية ليصل تأثيره إلى العاصمة الأميركية، لم يستطع أحد وصف ملامحه، فهو لا يظهر أمام العدسات، يقود جيشا يزيد على 20 ألف مقاتل مدججين بأنواع مختلفة من العتاد. وبدءا من التفجيرات الانتحارية وحتى اغتيال رئيسة الوزراء الباكستانية بي نظير بوتو، يبدو أن هناك رجلا واحدا تراه الإدارة الأميركية والحكومة الباكستانية مسؤولا عن كل ما يقع في باكستان، إنه بيت الله محسود، زعيم ما يعرف بحركة طالبان الباكستانية، أكثر المطلوبين من قبل حكومة إسلام آباد وأجهزة الاستخبارات الأميركية بمنطقة القبائل شمال باكستان، التي باتت مسرحا لمعارك قتالية ضارية بين رجال القبائل المؤيدين لتنظيم القاعدة والقوات الحكومية.

ويعد محسود، الذي يرجح مقتله أمس، القائد الأعلى لحركة طالبان باكستان، ويعتبر في نظر الأميركيين حليفا أساسيا للقاعدة، وهو متهم بأنه وراء العديد من الاعتداءات، لا سيما الاعتداء الذي أودى بحياة بي نظير بوتو. وقال مسؤول أميركي، طلب عدم كشف اسمه، أول من أمس، إن «ثمة أسبابا تدفع إلى الاعتقاد بان محسود قد قتل».

وأعلنت الحكومة الباكستانية من جهتها صباح أمس أنها تملك «معلومات» في هذا المعنى، لكن لم يصدر أي تأكيد بعد. واشتد الطوق في الأسابيع الأخيرة على زعيم حركة طالبان باكستان، بحيث قامت طائرات أميركية من دون طيار بقصف معقله في المنطقة القبلية بجنوب وزيرستان (شمال غرب)؛ مما تسبب في مقتل العديد من حراسه المقربين بحسب مسؤولين باكستانيين. وقد يكون محسود قتل صباح الأربعاء عندما أطلقت طائرة أميركية من دون طيار صاروخا على منزل يملكه والد زوجته الثانية التي قتلت على الفور. وتعتبر واشنطن محسود حليفا أساسيا لتنظيم «القاعدة»، الذي أكد علنا ولاءه له، في المناطق القبلية بشمال غربي باكستان. وفي مارس (آذار) الماضي أدرجه الأميركيون على لائحة اخطر «الإرهابيين» المطلوبين، مع إعلان مكافأة بقيمة خمسة ملايين دولار لمن يدلي بأي معلومات تساعد على القبض عليه. وكان محسود توجه إلى أفغانستان في منتصف التسعينات للقتال إلى جانب طالبان في الحرب الأهلية، ودخل كابل مع طالبان عام 1996، وقبل عودته إلى البلاد، كانت طالبان في وزيرستان الجنوبية بقيادة السجين السابق في غوانتانامو، عبد الله محسود، الذي قتل في عام 2007 خلال هجوم شنه الجيش. وعلى الرغم من انه لم يكن معروفا في تلك الفترة، فقد تسلم بيت الله محسود قيادة حركة طالبان، وعلى الرغم من توقيعه اتفاقات سلام مع الحكومة، إلا أنه فتح معسكرات تدريب للمجندين ووسع نفوذه في المنطقة. وفي صيف 2007 شن الجيش هجوما على المسجد الأحمر في إسلام آباد، الذي أصبح معقلا للمسلحين، بيد أن الحركة ردت بتنفيذ موجة من الاعتداءات أودت بحياة حوالي 2000 شخص منذ عامين.

وبيت الله محسود، الذي يبلغ من العمر 35 عاما، هو ابن داعية مسلم سني من إقليم بانو المجاور لجنوب وزيرستان، ويعتبر أهم زعيم في قبيلة محسود بحسب محمود شاه، المحلل الأخصائي في المناطق القبلية، الذي يقدر عدد مقاتليه حتى وقت حديث ما بين 15 و20 ألفا. وبعد أن تعلم في مدرسة قرآنية في ميرانشاه كبرى مدن شمال وزيرستان، ذهب إلى أفغانستان المجاورة في منتصف التسعينات للقتال إلى جانب طالبان في الحرب الأهلية. وحتى عودته إلى البلاد كانت طالبان وزيرستان تحت قيادة زعيم قبلي آخر هو عبد الله محسود، الذي قتل في يوليو تموز 2007 أثناء هجوم شنه الجيش في بلوشستان (جنوب غرب). وعلى الرغم من انه لم يكن معروفا في تلك الآونة، فقد وجد بيت الله محسود مكانه بسرعة وأنشأ شبكة موحدة، هي حركة طالبان باكستان (تحريك ـ أي ـ طالبان باكستان). ومع توقيعه اتفاقات سلام مع الحكومة فتح معسكرات تدريب للمتطوعين وتوسع نفوذه إلى إقليمين قبليين آخرين، هما شمال وزيرستان وباجور والى مدن مجاورة عدة. وفي صيف عام 2007 شن الجيش الهجوم على المسجد الأحمر في إسلام آباد، الذي كان أصبح بؤرة للإسلاميين المتطرفين. فرد الإسلاميون بمسلسل اعتداءات قتل ما يقارب من ألفي شخص منذ سنتين. ونسبت الحكومة إلى حركة طالبان باكستان 80% من تلك الاعتداءات، وأبرزها الاعتداء الذي أودى بحياة رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بي نظير بوتو في ديسمبر (كانون الأول) 2007.