الخرطوم: موفد أوباما يبحث عن بديل يقود حركة تحرير السودان لمفاوضات الشهر المقبل

قالت إن غرايشن يئس من إقناع عبد الواحد نور.. وزار مواقع حركته في دارفور بحثا عن قيادي جديد

TT

قللت مصادر مطلعة في الخرطوم من فرص مشاركة عبد الواحد محمد نور، زعيم حركة تحرير السودان المتمردة في دارفور، وأحد مؤسسيها، في جولة المفاوضات المقبلة بين الحكومة والحركات المسلحة في إقليم دارفور، المقرر إجراؤها في سبتمبر (أيلول)، بسبب تعنته ووضع شروط عديدة لجلوسه على الطاولة. وحسب المصادر فإن وسطاء سلام دارفور الدوليين والإقليميين أوقفوا مساعيهم للاتصال بـ«نور» بعد فشل كل محاولاتهم السابقة.

وكشفت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الوسطاء البارزين في عملية سلام دارفور يقودون تحركات واسعة في عدد من العواصم هذه الأيام لإيجاد «البديل المناسب»، لتمثيل قوى حركة تحرير السودان المسلحة، التي انقسمت إلى عدد من الفصائل، بعد الرفض المتكرر لنور المقيم في العاصمة الفرنسية باريس لكل محاولات إشراكه في المفاوضات. ويتزعم نور العناصر المسلحة من قبيلة «الفور» كبرى قبائل إقليم دارفور، التي تعد من أكثر القبائل التي تأثرت مناطقها بالحرب، وأن أغلب المقيمين الآن في مخيمات دارفور من قومية الفور.

وقال المصدر إن الوسطاء في سلام دارفور وهم: أحمد آل محمود وزير الدولة القطري، وجبريل باسولي الوسيط الأممي الأفريقي لسلام دارفور، والأميركي سكوت غرايشن، وصلوا إلى حد اليأس من مشاركة «نور» في أية مفاوضات مقبلة، خاصة الجولة التي يتم التحضير لها الشهر المقبل، والتي يقدر أن يحضرها معظم فصائل دارفور المسلحة. ونقلت المصادر عن مقربين من نور أنه رفض في الأشهر الأخيرة مقابلة جميع الوسطاء، فضلا عن وفد طار من الخرطوم إلى باريس يمثل أبناء دارفور من السياسيين والمثقفين. ويشدد نور على روشتة معروفة لعملية السلام وهي: نزع سلاح ميليشيات «الجنجويد»، التي تنسب لها أعمال العنف في دارفور، وطرد من يسميهم المستقدمين من دول أخرى وإسكانهم في أراضي النازحين، وتوفير الحماية للنازحين. وقال مصدر إن اجتماع المبعوث الأميركي الشهر الماضي بممثلي مخيمات دارفور من مشايخ وشباب ومنظمات مجتمع مدني في كل من مخيمي «كلمة» في جنوب دارفور و«زالنجي» في غرب دارفور، بمثل بداية تنفيذ لمساع أميركية بمشاركة باقي الوسطاء لإيجاد بديل لنور في المفاوضات المقبلة. وكان غرايشن وضع النازحين أمام خيارين؛ بين البقاء خارج العملية التفاوضية، أو إيجاد بديل يمثلهم في المفاوضات المقبلة بعد رفض نور، حتى مقابلة المبعوثين المعنيين بسلام دارفور من بينهم الأميركي غرايشن.

وكشفت المصادر أن غرايشن طرح أخيرا اقتراحا على «نور» بالعمل من جانبه لتوحيد المنشقين على حركته من بعد اتفاق أبوجا لسلام دارفور، في حركة واحدة يقودها هو إلى طاولة المفاوضات، غير أن نور لم يرد على المقترح الأميركي، حتى الآن. وترجح المصادر أن تحركات المبعوث الأميركي في المنطقة وخلال زياراته للسودان، وخاصة دارفور تصب في اتجاه جعل مقترحه أمرا قابلا للتنفيذ، ولكن المصدر يرجح في الوقت ذاته بأن غرايشن لا يسعى إلى توحيد حركة نور بقدر ما يسعى هو وباقي الوسطاء إلى إيجاد حركات تقدم مشهد التمثيل للفور في المفاوضات المقبلة، خاصة أن الحركات الـ«8» التي وقعت على اتفاق طرابلس الأسبوع الماضي تنتمي إلى قبيلتي الزغاوة والميدوب، فيما لوحظ عدم وجود وجوه من أبناء الفور في منظومة الحركات التي وافقت على المفاوضات المقبلة. وكادت المصادر تقطع الشك بأن الاجتماع التشاوري بين الوسطاء وعدد من حركات دارفور، الذي رشح بأن يكون في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، سيخصص لمعالجة قضية مشاركة الفور في المفاوضات المقبلة بأي شكل من الأشكال. وتوقعت المصادر في الخصوص أن تشارك قيادات عسكرية ميدانية في حركة نور في الجولة المقبلة، وقال إن قيادات للحركة مثل: «طرادة، وقدورة، وحيدر»، وآخرين من المنشقين عن نور بعد مفاوضات أبوجا لسلام دارفور في عام 2006، والذين عرفوا، بمجموعة الـ19، ربما سيشاركون في الجولة المقبلة.

وأشارت المصادر إلى أن قيادات بارزة منشقة عن نور مثل «أحمد عبد الشافي، وخميس ابكر» ستعقد لقاء تشاوريا في أديس أبابا الأيام المقبلة حول كيفية مشاركتهم في المفاوضات، كبديل لتمثيل نور وقبيلة الفور. وكشفت المصادر أن الوسطاء يصرون على ضرورة مشاركة ممثلين من المخيمات من شيوخ وشباب ومنظمات المجتمع المدني في الجولة المقبلة للمفاوضات. غير أنه لفت الانتباه إلى تحفظات من بعض الوسطاء بأن فتح الباب واسعا للمشاركة من شأنه أن يكرر تجربة فشل مفاوضات سرت، في ديسمبر (كانون الأول) عام 2008، التي قام بدور الوساطة فيها كل من: يان إليسون مبعوث الأمم المتحدة لسلام دارفور، وسالم أحمد سالم الوسيط الأفريقي لسلام دارفور.

وذكرت المصادر أن الوسيطين راهنا في تلك الجولة على مشاركة أكبر عدد ممكن من الحركات دون النظر إلى أوزانها السياسية والعسكرية، فتحولت الجولة إلى مفاوضات من أجل توحيد الحركات بدلا عن المفاوضات بشأن قضية دارفور، حسب تعبير المصادر. وحسب المصادر فإن بعض الوسطاء يقولون إن فتح الباب أمام مشاركة النازحين ومنظمات المجتمع المدني يفتح الباب أمام مشاركات قد تكون غير فاعلة من قبل تلك القوى، «وهذا من شأنه أن يشتت جهود الوسطاء في لمّ القضية تحت مقترح يحمل رؤية الحد الأدنى للمشاركين»، وقالت إن «من شأن تلك المشاركات أن تؤدي إلى بروز خلافات وسط المجموعات المشاركة على الطاولة أو على هامش المفاوضات مما يعرقل سير التفاوض».

وقدمت المصادر تفسيرا لرفض نور المتكرر المشاركة في مفاوضات السلام في دارفور، وقالت إنه أصبح كارتا في يد فرنسا تحركه وفقا لمسار الصراع الفرنسي الأميركي الخفي لكسب النفوذ في أفريقيا، وحسب المصادر فإن فرنسا لن تسمح بترتيبات أميركية مع نور بدون أي «ثمن» يصب في صالحها.